الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني:لا يوجد أي تنسيق مع هيئة تحرير الشام ونسعى إلى تشكيل قوام عسكري واحد بقيادة موحّدة

47

واشنطن غير معنية بإنهاء الصراع في سورية ولو أرادت لفرضته

برغم مختلف المسارات التي آلت إلى  الإعلان عن قرارات كثيرة بدفع إنهاء الحرب السورية إلّا أن الوضع ظلّ غامضا، حيث لا تزال الفوضى والسلاح سيّد القرار، ووفق مراقبين ليس من الصعب أن يتشكّل مجددا جيش موحّد ومؤسسة أمنية متناسقة يكون هدفهما حماية التراب والإنسان والوطن بعيدا عن أي أجندات سياسية أو دينية، ولكن ذلك لن يمرّ إلا عبر تطبيق القرار 2254 الذي  تدعمه المعارضة والغرب.
ويعتبر الرائد يوسف حمود، الناطق الرسمي  باسم “الجيش الوطني” وغرفة القيادة الموحدة “عزم”، في حوار مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن القمع الأمني والعسكري الذي اختاره نظام بشار الأسد وراء تسليح الثورة، لافتا إلى أن استخدام السلاح الكيماوي قد  أجبر الثورة على تسليح أبنائها من أجل الدفاع عنها ضد آلة القتل الإجرامية التي انتهجها النظام .
س-تتوزّع فصائل الجيش الوطني السوري على ثلاثة تشكيلات، هي غرفة القيادة الموحدة (عزم) بقيادة أبي أحمد نور، والجبهة السورية للتحرير بقيادة المعتصم عباس، والجبهة الوطنية للتحرير بقيادة فضل الله الحجي، في حين لا تزال نحو ثلاثة فصائل خارج هذه التشكيلات بالرغم من تبعيتها للجيش الوطني السوري، وقد أعلنتم منذ أيام عن ترتيبات جديدة سيتم الإعلان عنها خلال أيام.. بخصوص ماذا هذه الترتيبات، وهل أنتم في تواصل مع هيئة تحرير الشام ؟
ج-نعم لقد توزّعت فصائل الجيش الوطني الآن ضمن ثلاث تشكيلات ،غرفة القيادة الموحدة “عزم” التي ضمت 14 فصيلا بعد أن انضمت إليها مؤخرًا فرقة المنتصر بالله، والجبهة الوطنية للتحرير،إضافة إلى الجبهة السورية للتحرير التي تضم 5 فصائل عاملة في الشمال.
أما بخصوص الترتيبات التي أعلنت عنها غرفة القيادة الموحدة “عزم” فهي عبارة عن خطة اندماج داخل تشكيلاتها بحيث قد تنصهر عدة فصائل مع بعضها البعض ضمن قوام عسكري واحد بقيادة موحدة لتنتج اثنين أو ثلاثة أجسام عسكرية تتبع القيادة الموحدة “عزم”.
وفيما يخص هيئة “تحرير الشام” فلا يوجد أي شكل من أشكال التواصل والتنسيق بينها وبين القيادة الموحدة “عزم” وباقي مكونات الجيش الوطني، وبالنسبة لقواتنا المنتشرة في جبهات الساحل وإدلب وريفها، وريف حلب فتنسيق العمل بشكل كامل يتم مع قيادة الجبهة الوطنية للتحرير وهي من مكونات الجيش الوطني.
س- لطالما تحدثتم عن  مشروع القيادة الموحدة في الجيش  الوطني والرامي إلى توحيد كل الجهود لتحقيق أهداف الثورة المتمثلة بالمبادئ التي أقرتها وثيقة المجلس الإسلامي السوري.. ما الذي عطّل هذا المشروع سنوات ولماذا هذا التفكك الذي عاشته فصائل “الجيش الوطني”؟
ج-لقد تم الإعلان عن تشكيل “الجيش الوطني” السوري، بتاريخ 30 أيلول/سبتمبر عام 2017، وقد جاء الإعلان بعد سلسلة من المشاورات والاجتماعات، حيث نجح في الانتقال بهيكليته من الحالة الفصائلية التي خاضت تلك الفصائل معركة “درع الفرات” ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، ونجحت بتحرير مدن وبلدات ريف حلب الشمالي والشرقي، إلى نوع من أنواع التنظيم العسكري، حسب الواقع والإمكانيات المتوفرة والظروف الداخلية والدولية السائدة.
وقد كان لتلك الخطوة أهمية بالغة، انعكست نوعًا ما على وحدة القرار العسكري، إلا أنه لم يحظَ بالوقت الكافي للعمل على زيادة التنظيم العسكري، حتى بدأ بأولى مهامه، وخاض معركة غصن الزيتون، التي أدت إلى تحرير مدينة عفرين وريفها، ثم معركة “نبع السلام ” في مدينتي تل أبيض ورأس العين شرقي الفرات، وبالرغم ممّا حقّقه “الجيش الوطني” من نتائج تمثلت بطرد القوات الكردية وبالتالي الوقوف في وجه ثاني المشاريع الدولية الداعمة للإرهاب والهادفة إلى ضرب الثورة السورية وتقسيم سورية، والتي كانت أولاها مشروع تنظيم “الدولة الإسلامية”، إلا أنه من الناحية التقنية، ترك أثرا سلبيا على البنية التنظيمية العسكرية، وهو أثر يمكن أن يحدث حتى في الجيوش النظامية عندما تخوض حروبًا وتزداد مساحة انتشارها، يمكن أن يحدث تراجعًا ولو نسبيًا في بنيتها التنظيمية، الأمر الذي يحتاج إلى إعادة دراسة الواقع العسكري، والبحث في البدائل الكفيلة بإدارة الإمكانات العسكرية الرامية إلى زيادة التنظيم، مع مراعاة إحداث التوازن بين الضرورات التي تمليها الحاجة للتنظيم لإدارة المناطق التي سيطر عليها “الجيش الوطني”،مع احتياجات السياق الثوري، الذي لازلنا نعيشه في بلدنا حتى هذه اللحظة.
س- ماهي أبرز العراقيل والصعوبات التي تعيشها المناطق التي تسيطر عليها الفصائل؟ وكيف يمكن تجاوزها؟
ج-إن أصعب العراقيل التي تعاني منها التي تسيطر عليها الفصائل، تتمثل بالكثافة السكانية العالية وعدم  القدرة على استيعاب السكان وإيجاد فرص عمل لهم، وهذا ماجعل أعداداً  كبيرة من الناس تسكن ضمن مخيمات النزوح في الشمال السوري، والتي تفتقد لأبسط مقومات الحياة الإنسانية، كما تعاني المنطقة من الفقر الناتج عن مستويات عليا للبطالة لعدم وجود المشاريع الإنتاجية الكافية لتوفير فرص العمل،وغالبًا ما ينتج عن الفقر أمراض اجتماعية تؤثر على المستوى الأمني في التي تسيطر عليها الفصائل،والسبب الرئيسي لقلة هذه المشاريع هو التهديد الأمني المستمر الناتج عن العدوان الروسي المستمر، وعدوان مليشيات النظام، والميليشيات الإيرانية واستهدافهم المدنيين والبنى التحتية والخدمية، خاصة في مدينة إدلب وريفها، وريف حلب الغربي، وكذلك الاستهداف بالقذائف الصاروخية، والتفجيرات الإرهابية التي تطال المدنيين  في عفرين وريف حلب الشمالي والشرقي، وشرق الفرات، من قِبَل ميليشيات إرهابية، كل ذلك انعكس على الناحية الأمنية، وجعل الإمكانيات لدى “الجيش الوطني” محدودة نسبيًا على المستوى الأمني.
-إن كل تلك العراقيل يمكن أن تزول بالعمل والسعي لإحداث المنطقة الآمنة، مدعومة بالمشاريع الاقتصادية والتنموية، ورفع المستوى الخدمي، وخاصة في القطاعين الصحي والتعليمي.
س- هل مشكل الثورة أنها تسلّحت حتى تنزلق إلى هذا الوضع المأساوي الذي يعيشه السوري ؟
ج-إن الشعب السوري الذي قام بثورته، مطالبًا بالحرية والعدالة والكرامة، لم يكن يرغب في أن تتحول الثورة إلى العمل المسلح، إنما ممارسات نظام الأسد بحق الشعب واختياره الحل الأمني والعسكري، وممارساته بحق المدنيين، بدءً من الاعتقالات والموت في زنزانات التعذيب، واستخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين، وليس انتهاءً باستخدام السلاح الكيماوي، هو الذي أجبر الثورة على تسليح أبنائها، من أجل الدفاع عنها ضد آلة القتل الإجرامية التي انتهجها النظام الأسدي، بالتالي لم تكن مشكلة الثورة في تسليحها، إنما بصمت المجتمع الدولي عن  جرائم النظام الأسدي بحق هذا الشعب، والتغاضي عن كل انتهاكاته للقوانين الدولية التي تحفظ حقوق الإنسان.
– س-ما هي أكبر الأخطاء التي ارتكبتها المعارضة السورية في الداخل والخارج  وهل يمكن تداركها؟
ج-إن حالة التشتت الفصائلي والقوى السياسية الممثلة للثورة، والتي فرضتها ظروف كثيرة منها دولية ومحلية، أدّت إلى تمرير المشاريع الدولية الرامية إلى الوصول إلى إحداث خروقات جسيمة في صفوف الثورة وظهور المنصات المتعددة التي نراها الآن على الساحة السورية، كل ذلك فرض منطق عدم الانسجام، وضعف الثقة  بين الفرقاء، الذي أدّى  في كثير من الأحيان إلى حرمان ترجمة النصر العسكري إلى نصر سياسي.
-وهذا مانعمل عليه حاليًا من مساعي ترمي إلى توحيد الجهود العسكرية والسياسية لتلافي أخطاء المراحل السابقة من عمر الثورة.
س- بعد كل الأوضاع التي عرفتها المنطقة منذ 2011، طمعا في ديمقراطية وحياة عادلة في الأوطان العربية، هل تتفقون مع من يقول إن العرب غير مؤهلين للديمقراطية والحداثة السياسية وأكبر مثال ما عاشته بلدان الربيع العربي ؟
ج-هذا التوجّه يعبّر عن عنصرية مقيتة تجاه الشعوب العربية، وهذه الأصوات التي تعلوالآن، متهمة العرب بعدم القدرة على ممارسة الحياة الديمقراطية، قد سبق وصدرت من رأس النظام السوري،الذي وصف الشعب السوري بعدم الأهلية لممارسة الديمقراطية.
-إن العرب قدموا للإنسانية، خلال حقبة تاريخية حضارة من أعرق الحضارات، والمطلّع عليها بإنصاف يلاحظ الديمقراطية كممارسة  قبل ظهور المصطلح واتخاذه  كشعارات، ولكن وصول الأنظمة الوظيفية كآل الأسد، تلك الأنظمة المستبدة، والمصنّعة والمدعومة من مدّعي الديمقراطية، تتجلى مهمتها في وأد أي حركة تحرر ديمقراطية في سوريا وكذلك في الوطن العربي، وهذا ما شاهدناه في الواقع المعاش حاليًا.
س- يقول مراقبون إن الانسحاب الأمريكي من سورية بدأ الترتيب له  تدريجيا على غرار ما عاشته أفغانستان، حيث في هذه المرحلة ستتدبّر إدارة بايدن أمر تمهيد الأجواء من أجل الانسحاب الذي لم يتقرّر وقته بعد.. ماذا لو انسحبت واشنطن من سورية وهي التي  تمركزت لمحاربة  تنظيم “الدولة الإسلامية” ؟
ج-الانسحاب الأمريكي من أفغانستان شأن يخص السياسة الأمريكية، ومايعنينا منه وصول الدعم اللوجستي، وشحنات الأسلحة لدعم تنظيمات إرهابية أخرى، ولايمكن لعاقل في السياسة أن يقتنع بانسحاب أمريكي كامل من سورية، إنما قد تلجأ الإدارة الأمريكية إلى إعادة تموضع وانتشار، وفق ماترسمه السياسة الأمريكية في إدارة مصالحها .
-مازلنا نرى حتى الآن أن السياسة الأمريكية تعمل على إدارة الصراع في سورية دون الجدية في إنهاء الصراع، ولو كانت معنية بإنهاء الصراع لفرضت تطبيق القرار الأممي 2254 ،كما فعلت في العراق سابقًا.
س-دعوات إلى القيام بحوار دولي حول سورية، برغم فشل مسارات كثيرة منذ 2011 .. برأيكم ماهي أسباب الفشل ومن يتحمّل مسؤولية ذلك ؟
ج-بداية أي حوار لأجل سورية، يجب أن ينطلق من القرارات الأممية المعنية بالشأن السوري وخاصة القرار 2254 الذي وافق عليه مجلس الأمن الدولي، والقوى الدولية المعنية بالشأن السوري .
-لذلك كانت كل المؤتمرات والحوارات الأخرى، هدفها الالتفاف على القرار الأممي 2254 بما يحقق المصالح الدولية في إدارة الصراع وإطالة أمده.
-لاتمتلك كل الأطراف في سورية إرادة الحوار دون أن يسبق ذلك تصور دولي نهائي حول كيف سينتهي ذاك الصراع.
– س- لطالما أتّهم الجيش الوطني بالإرهاب، ما ردّكم على من  يتّهمونكم، وما هي أبرز مخططاتكم لمستقبل يكون فيه الجيش السوري موحّدا في خدمة الشعب وبعيدا عن خدمة أي أجندات
خارجية ؟
ج-الآن من يتهم “الجيش الوطني” بالإرهاب،هم أنفسهم من يتغافلون عن وجود أكثر من 120فصيلا إرهابيا في سورية ممن تدعمهم ميليشيا الحرس الثوري الإيراني ، وهم أنفسهم من تغاضوا عن ممارسات وجرائم الأسد بحق الشعب السوري ،وهم أنفسهم من يتغافل عن كون الجيش الوطني قد تشكل من القوى العسكرية التي كانت أول من حارب تنظيم داعش الإرهابي،وهم من يدعم حزب العمال الكردستاني الجناح السوري،والمصنف لديهم على لوائح الإرهاب، وهم من يقوم بالعدوان المباشر بالطيران الحربي ويعلن عن تجربته بما يزيد عن 200نوع من أنواع الذخائر على الشعب السوري.

-ونحن نعلن أن “الجيش الوطني” مكون وطني بامتياز،لا تحتوي سجلاته على أي مقاتل غير سوري، وهو خليط من كافة المكونات السورية، هدفه يتمثل في الخلاص من كافة أنواع الإرهاب العالق بالشعب السوري ، وعلى رأسه إرهاب الأسد ، والسعي إلى المحافظة على وحدة الأرض السورية وإنشاء الدولة المدنية لكافة أبنائها ، دولة يسودها العدل والحرية والكرامة .

 

س- هل ترون أفقا لحلّ سياسي سلمي قريبا في سورية؟

ج-نسمع دائما  أن المجتمع الدولي يدفع باتجاه الحل السياسي في سورية، ولازلنا حسب مانراه ونفسره بأنه الحل السياسي الذي يجنب القوى الدولية مسألة الصراعات العسكرية البينية .

-لانرى حتى الآن ملامح توافق دولي في سوريا ،والتصريحات الصادرة من القوى الدولية متضاربة.. نحن ندفع باتجاه أي خطوة للحل السلمي، وعندما نرى توجها دوليا لإحياء القرار الأممي 2254 ممكن أن يقال حينها إننا بصدد مسار قريب للحل السياسي.

أخيرا- هل أصابكم يوما ندم على تسليح الثورة السلمية  ؟

ج-ذكرنا سابقًا أنه لم تتسلح الثورة السورية برغبتها،إنما كان قرارنا في حمل السلاح  للوقوف في وجه نظام اختار الحل العسكري والأمني، للقضاء على ثورتنا ووأدها ،وذلك في ظل صمت دولي كامل عن تلك الجرائم والممارسات .