النزاع الروسي الأوكراني: هل ترسل تركيا مقاتلين مرتزقة سوريين إلى الجبهات؟

64
تتردد في أوساط المسلحين السوريين الموالين لتركيا معلومات مفادها أن المخابرات التركية أوعزت إلى قيادات في الجيش الوطني السوري، الممول تركياً، الاستعداد بالتدريب والتجهيز لمواجهة كل الاحتمالات التي يمكن أن يتطور إليها النزاع الأوكراني – الروسي، ومنها، إن لم يكن أهمها، تسهيل إرسال مقاتلين “مرتزقة” إلى أوكرانيا في حال استدعى الأمر ذلك.
وبعدما كانت أنقرة قد أوقفت رواتب ضباط وعناصر الجيش الوطني لشهرين متتاليين، من دون معرفة السبب، عادت مؤخراً إلى صرف الرواتب بمقدار 550 ليرة تركية لكل عنصر، في خطوة تدل على أن المخابرات التركية قد ارتأت ضرورة تأخير معاقبة الجيش مالياً بسبب احتمالات حاجتها إليه للزج به في ساحة الصراع الجديدة.
وبحسب مصادر سورية من داخل الفصائل المسلحة الموالية لتركيا، فإن التحرك التركي جاء بناء على طلب من أوكرانيا تقدم به ضباط مخابرات أوكرانيين أثناء اجتماعهم مع ضباط أتراك الأسبوع الماضي. وبناء على هذا الاجتماع قررت المخابرات التركية اتخاذ عدد من الخطوات للوقوف إلى جانب أوكرانيا.
وأكد مصدر مقرب من الفصائل لـ”النهار العربي” أنه بعد وصول التعليمات التركية إلى قادة عسكريين في الجيش الوطني، خصوصاً قادة الفصائل الأكثر ولاءً لأنقرة، تسارعت جهود التحضير والاستعداد استجابة للأوامر التركية. وأضاف أنه تم افتتاح مراكز تسجيل سرية لتسجيل اسماء المسلحين الراغبين في الذهاب إلى أوكرانيا. وبسبب دواعي التكتم والسرية فإن التسجيل يشمل فقط عناصر القوات الخاصة في الجيش الوطني السوري.
ولم تكتف أنقرة بإعادة صرف الرواتب لضباط وعناصر الجيش الوطني، وإصدار أوامرها بالتحضير لأي طارئ على الجبهة الأوكرانية، بل أشاعت عبر وسطاء يتعاونون معها أن العقد الأوكراني سيكون مغرياً مادياً أكثر من العقود التي جرى توقيعها لإرسال مرتزقة إلى جبهات ليبيا وإقليم ناغورنو كراباخ في أذربيجان. وبحسب معلومات متداولة بين هؤلاء الوسطاء فإن الأجر الشهري لأي عنصر يذهب إلى أوكرانيا قد يصل إلى 4000 دولار أميركي، وأن المهمة المتوقعة لهؤلاء ستكون الانتشار والقتال على الحدود الأوكرانية المهددة بالقضم من القوات الروسية. ونظراً لأهمية النزاع الروسي الأوكراني وخطورته يجري العمل على قدم وساق لتأمين دفعة أولى من المرتزقة لا يقل تعدادها عن سبعة آلاف مرتزق ليكونوا على أهبة الاستعداد عندما تصل كلمة السر التركية لإرسالهم إلى أوكرانيا في حال اقتضت الضرورة.
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، قد أعلن في شباط (فبراير) من العام الماضي أن جيش بلاده سيحصل على مساعدات من تركيا، بموجب اتفاق تعاون عسكري ومالي بين البلدين، معرباً عن امتنانه لذلك. وأضاف زيلينسكي في مؤتمر صحافي تزامن مع الذكرى 28 للعلاقات الدبلوماسية بين أوكرانيا وتركيا، أن “أوكرانيا وتركيا ستواصلان تطوير الشراكة الاستراتيجية بينهما، وستتعاونان في المحافل الدولية، كما ستعززان التعاون في مجال الأمن”.
وأكد زيلينسكي أهمية دعم تركيا لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، وخطواتها العملية في هذا الاتجاه.
وتعتبر أوكرانيا من نقاط الخلاف الأساسية التي لا تزال تعكر مسار الشراكة الروسية – التركية الذي انطلق عام 2016 جراء تلاقي مصالح البلدين على خلفية الحرب الدائرة في سوريا منذ عشر سنوات.
وجدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الجمعة الماضي وقوف بلاده إلى جانب أوكرانيا، وقال في مؤتمر صحافي عقده مع الرئيس الأوكراني إن تركيا لم ولن تعترف بالضم غير المشروع لشبه جزيرة القرم. وأضاف أردوغان: “اتخذنا خطوات مهمة لتعزيز العلاقات بين تركيا وأوكرانيا. نحن عازمون على نقل التعاون الاقتصادي والتجاري بين تركيا وأوكرانيا إلى مستويات جديدة عبر زيادة الاستثمارات”.
وأوضح الرئيس التركي، خلال حديثه أن تركيا تعتبر أوكرانيا دولة محورية لضمان الاستقرار والأمن والسلام والازدهار في المنطقة، قائلاً: “إننا سنواصل دعم سيادة أوكرانيا ووحدتها السياسية ووحدة أراضيها بما فيها القرم”.
وتقع شبه جزيرة القرم شمال البحر الأسود، وكان اسمها في ما مضى “اق مسجد” أي “المسجد الأبيض” بلغة تتار القرم قبل أن يستولي عليها الروس عام 1783.
واشتهرت سابقاً لوقوع حرب القرم بها في القرن التاسع عشر، وظلت ذات أهمية قصوى في القرن العشرين لاحتوائها قاعدة بحرية روسية تعد الوحيدة من نوعها في المياه الدافئة، وهي مقر أسطول البحر الأسود الروسي.
وتشهد المنطقة منذ مطلع 2014، أزمة سياسية بعدما قامت القوات المسلحة الروسية ببسط سيطرتها على شبه الجزيرة، وأجرت استفتاء من بعده ضمت شبه الجزيرة إلى روسيا الاتحادية والذي اعتبرته أوكرانيا ومعها المجتمع الدولي احتلالاً وتعدياً على سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها.

المصدر: النهار العربي

الآراء المنشورة في هذه المادة تعبر عن راي صاحبها ، و لاتعبر بالضرورة عن رأي المرصد.