النظام السوري يخسر مدينة استراتيجية في شمال البلاد

24

سيطرت جبهة النصرة وكتائب اسلامية مقاتلة بشكل كامل السبت على مدينة جسر الشغور الاستراتيجية في شمال غرب سوريا، في ضربة موجعة للنظام قد تكون مقدمة لتهديد معاقل اخرى اساسية له.

وتعرضت المدينة لقصف جوي من طائرات تابعة لقوات النظام بعد الظهر، ما تسبب بمقتل عشرة اشخاص بينهم مدنيون، في حين افاد المرصد ان قوات النظام “اعدمت” 23 معتقلا كانوا محتجزين في مقر جهاز الامن العسكري قبل انسحابها من المدينة.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس “سيطرت جبهة النصرة وكتائب اسلامية اليوم على مدينة جسر الشغور بشكل كامل بعد معارك عنيفة مع قوات النظام استمرت منذ الخميس”.

وذكر المرصد ان هناك “ما لا يقل عن ستين جثة لعناصر من قوات النظام والمسلحين الموالين لها بينهم ضباط في شوارع المدينة، وقد قتلوا خلال المعارك التي ادت الى السيطرة على المدينة”.

وتعرضت المدينة بعد انسحاب قوات النظام لغارات جوية كثيفة “تسببت بمقتل عشرة اشخاص بين مدنيين ومقاتلين، بحسب المرصد.

من جهة اخرى، قال المرصد ان “عناصر قسم المخابرات العسكرية في مدينة جسر الشغور في محافظة إدلب أعدموا 23 معتقلاً قبل انسحابهم”.

ونشرت جبهة النصرة، ذراع تنظيم القاعدة في سوريا، على احد حساباتها على موقع تويتر صورة لجثث داخل غرفة بدا معظم اصحابها في سن الشباب، وعليها آثار دماء، كما يمكن مشاهدة دماء على الجدران، متحدثة عن “مجزرة ارتكبها الجيش النصيري قرب المشفى الوطني”.

وكان 15 شاباً ورجلاً أعدموا في معتقل تابع للمخابرات العسكرية في مدينة ادلب في 28 آذار/مارس قبل انسحاب قوات النظام من المدينة التي سيطرت عليها القوى نفسها التي دخلت السبت جسر الشغور والمنضوية تحت مسمى “جيش الفتح”.

واعلن “جيش الفتح” الخميس بدء “معركة النصر” الهادفة الى “تحرير جسر الشغور”.

وتحولت جسر الشغور عمليا الى مركز اداري للنظام السوري بعد انسحاب قواته في 28 آذار/مارس من مدينة ادلب، مركز المحافظة، اثر هجوم ل”جيش الفتح” الذي اعلن تاسيسه قبل “غزوة ادلب” كما اسماها.

ورأى عبد الرحمن ان جسر الشغور “اكثر اهمية من مدينة ادلب لانها تقع على تخوم محافظة اللاذقية ومناطق في ريف حماة الشمالي الشرقي خاضعة لسيطرة النظام”.

وبات وجود النظام في محافظة ادلب يقتصر على مدينة اريحا (على بعد حوالى 25 كيلومترا من جسر الشغور) ومعسكر المسطومة القريب منها، بينما مجمل المحافظة بين ايدي مقاتلي المعارضة ولا سيما جبهة النصرة.

وقال الناشط من “تنسيقية الثورة السورية” في ادلب خالد دحنون لوكالة فرانس برس عبر الانترنت ان “جسر الشغور محررة بالكامل”، مشيرا الى ان “مدينة اريحا محاصرة بالكامل (…) ومعسكري المسطومة والقرميد محاصران”.

ونشر حساب جبهة النصرة صورا لمقاتليها وهم يتجولون او يجلسون الى جانب طريق في “جسر الشغور المحررة”، مع اسلحتهم الخفيفة. كما بدت في الصور اعلام لجبهة النصرة مرفوعة على آليات وابنية، مقابل انزال اعلام الدولة السورية واحراق صور الرئيس بشار الاسد.

وأقر الاعلام الرسمي السوري بانسحاب القوات السورية من جسر الشغور.

ونقل التلفزيون الرسمي في شريط اخباري عاجل عن مصدر عسكري ان “وحدات من قواتنا الباسلة تعيد بنجاح انتشارها في محيط جسر الشغور تجنبا لوقوع ضحايا في صفوف المدنيين الابرياء”. واشار الى ان المسلحين “تدفقوا من تركيا” للمشاركة في معركة جسر الشغور.

وخسر النظام خلال الاسابيع الماضية العديد من مواقعه ابرزها مدينة ادلب، ومدينة بصر الشام ومعبر نصيب الحدودي في الجنوب.

وقال مسؤول سياسي في دمشق رفض الكشف عن اسمه لفرانس برس “انه هجوم كبير يحصل بناء على اتفاق بين السعودية وقطر وتركيا” الداعمة للمعارضة السورية، مضيفا ان الهدف منها “ان يصل النظام في موقع ضعيف الى مفاوضات جنيف”.

واعلنت الامم المتحدة الجمعة ان مبعوث الامم المتحدة الى سوريا الايطالي السويدي ستافان دي ميستورا سيبدأ في الرابع من ايار/مايو في جنيف “مشاورات منفصلة” مع اطراف النزاع السوري.

وشهدت جسر الشغور في بداية الانتفاضة السلمية ضد نظام الرئيس بشار الاسد تظاهرات حاشدة قمعت بالقوة. وشهدت ايضا العملية العسكرية الاولى الكبرى التي نفذها مقاتلون معارضون، وكانوا في غالبيتهم من الجنود المنشقين، في حزيران/يونيو 2011. اذ هاجموا مقار ومراكز قوات النظام والشرطة باطلاق النار والمتفجرات، واوقعوا 140 قتيلا في صفوفها.

الا ان قوات النظام استعادت السيطرة سريعا على مجريات الامور في المدينة.

ويقول الخبير في الشؤون السورية تشارلز ليستر لفرانس برس ان سقوط جسر الشغور “قد يمهد لهجوم على اللاذقية. وقد يكون ذلك امرا خطيرا جدا بالنسبة الى النظام”.

ويضيف “لا يجب ان ينظر الى هذه العملية على انها هجوم بسيط، بل على انها تندرج ضمن استراتيجية اكثر اتساعا”.

 

 

المصدر: swissinfo