النظام يكثف غاراته شمال غرب سوريا غداة خسارته جسر الشغور

24

كثف الطيران الحربي السوري غاراته الجوية الاحد مستهدفا مناطق عدة في محافظة ادلب شمال غرب سوريا، وذلك غداة تلقيه ضربة موجعة بعد سيطرة جبهة النصرة وكتائب اسلامية مقاتلة بالكامل على مدينة جسر الشغور الاستراتيجية.

وقتل اربعون مدنيا على الاقل بينهم تسع نساء وثمانية اطفال في قصف جوي استهدف سوقا داخل بلدة دركوش الحدودية مع تركيا والخاضعة لسيطرة المعارضة على بعد عشرين كيلومترا من جسر الشغور، وفق ما اعلن المرصد السوري لحقوق الانسان.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس ان عدد القتلى “مرشح للارتفاع مع وجود عشرات الجرحى في حالة خطرة”.

وفي جسر الشغور، احصى المرصد تنفيذ الطيران الحربي عشرين غارة على الاقل استهدفت مناطق عدة في المدينة الاستراتيجية الواقعة على تخوم محافظة اللاذقية ومناطق في ريف حماة الشمالي الشرقي خاضعة لسيطرة النظام.

ولم يشر المرصد الى خسائر بشرية لكنه افاد بارتفاع حصيلة قتلى غارات السبت الى اكثر من 27 شخصا.

وتعرضت المدينة لقصف جوي مكثف اثر انسحاب قوات النظام منها، بعد خوضها اشتباكات عنيفة ضد مقاتلي النصرة والكتائب الاسلامية التي بسطت سيطرتها الكاملة على المدينة.

ولا تزال المعارك مستمرة بين قوات النظام ومقاتلي المعارضة جنوب المدينة التي كانت تضم اكثر من 45 الف نسمة قبل اندلاع النزاع منتصف آذار/مارس 2011.

وتمكن مقاتلو المعارضة وفق المرصد من اسر اربعين عنصرا من قوات النظام والدفاع الوطني. وقال عبد الرحمن ان “مقاتلي الفصائل الإسلامية تمكنوا من اسر 10 عناصر من قوات الدفاع الوطني امس وثلاثين عنصرا من قوات النظام اليوم كانوا متوارين داخل المشفى الوطني”، المجاور لمركز الامن العسكري.

وحاولت قوات النظام وفق عبد الرحمن “تحرير عناصرها لكنها فشلت في تحقيق هدفها”.

واكتفى التلفزيون السوري الرسمي في شريط عاجل بالاشارة الى ان “وحدة من قواتنا المسلحة تقضي على كامل مجموعة ارهابية في كمين محكم في محيط المشفى الوطني عند المدخل الجنوبي لجسر الشغور” من دون ان يورد اي تفاصيل عن اسر العسكريين.

وتأتي سيطرة جبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سوريا) وكتائب اسلامية على جسر الشغور السبت بعد اقل من شهر على سيطرتها على مدينة ادلب، مركز المحافظة في 28 آذار/مارس.

وتعد مدينة ادلب مركز المحافظة الثاني الذي يخرج عن سيطرة قوات النظام بعد الرقة (شمال) معقل تنظيم الدولة الاسلامية. كما خسر النظام خلال الاسابيع الماضية العديد من مواقعه ابرزها مدينة بصر الشام ومعبر نصيب الحدودي في الجنوب.

ويوضح الخبير في الشؤون السورية في جامعة ادنبره توماس بييريه لفرانس برس ان “النظام السوري بات في موقف ضعيف جدا لكن ذلك لا يعني بالضرورة انه سيسقط غدا”. ويذكر بأنه سبق له ان تمكن من الصمود عام 2012 على الرغم من الخسائر العسكرية الكبرى التي مني بها.

ويرجّح بيرييه ان تصبح خسارة النظام لمناطق اخرى ظاهرة دائمة لانها “تنتج عن اسباب بنيوية تتعلق باستنزاف عناصره، ما يجبره على التخلي عن مناطق لصالح كتائب المعارضة بهدف التركيز على الدفاع عن اولوياته”.

وبات وجود النظام في محافظة ادلب يقتصر اليوم على مدينة اريحا (على بعد حوالى 25 كيلومترا من جسر الشغور) ومعسكر المسطومة القريب منها، علما ان المناطق المحيطة تخضع بمجملها لسيطرة فصائل اسلامية او تنظيم الدولة الاسلامية.

وتنضوي الكتائب الاسلامية وجبهة النصرة التي سيطرت على جسر الشغور وقبلها على مدينة ادلب في ائتلاف مشترك تحت مسمى “جيش الفتح” الذي اعلن الخميس بدء “معركة النصر” الهادفة الى “تحرير جسر الشغور”.

ويضم جيش الفتح الى جانب جبهة النصرة جبهة احرار الشام، ابرز الفصائل الاسلامية وفصائل اخرى سبق وقاتلت في صفوف الجيش السوري الحر.

ويرى بيرييه ان هذا الائتلاف غير المتجانس ناجم عن توافق ثلاث جهات اقليمية راعية للمعارضة هي السعودية وتركيا وقطر بعد خصومتها في وقت سابق.

ويرى ان سيطرة الكتائب المعارضة على جسر الشغور تعد “نقطة تحول”.

وتعمل قوات النظام وفق الاعلام الرسمي السوري على “اعادة انتشارها” في محيط جسر الشغور تجنبا “لوقوع ضحايا مدنيين”. ونقلت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) الاحد عن مصدر عسكري قوله ان “المجموعات الارهابية ارتكبت مجزرة مروعة بحق المدنيين بعد دخولها جسر الشغور، ذهب ضحيتها اكثر من 30 مدنيا معظمهم نساء واطفال”.

ولم تدل الوكالة باي تفاصيل اضافية في هذا الصدد فيما قال عبد الرحمن ان المرصد لم يتلق اي تقارير عن وقوع مجزرة بحق المدنيين.

واعلن المرصد السبت عن وجود ستين جثة على الاقل لعناصر من قوات النظام في شوارع المدينة. وقال ان قوات النظام اعدمت 23 معتقلا قبل انسحابها.

ونشرت جبهة النصرة من جهتها على احد حساباتها على موقع تويتر صورة لجثث داخل غرفة بدا معظم اصحابها في سن الشباب وعليها آثار دماء. وتحدثت عن “مجزرة ارتكبها الجيش النصيري قرب المشفى الوطني”.

في شمال شرق البلاد، احصى المرصد مقتل 16 عنصرا على الاقل من تنظيم الدولة الاسلامية في اشتباكات خاضها الاحد ضد وحدات حماية الشعب الكردية في منطقة المناجير في الريف الشمالي الغربي لبلدة تل تمر في محافظة الحسكة. كما قتل عنصران من الوحدات الكردية.

وقال عبد الرحمن ان المقاتلين الاكراد صدوا هجوما لتنظيم الدولة الاسلامية الذي يكرر محاولاته لاقتحام تل تمر، وهي تعد “عقدة اتصال” اساسية بين شمال محافظة الحسكة ومدينة الحسكة الخاضعين لسيطرة القوات الكردية. كما تقع على مفترق طرق يفتح ممرا نحو الحدود العراقية (طريق القامشلي) شرقا ونحو مدينة راس العين الكردية والحدود التركية شمالا.

وشن مقاتلو التنظيم هجوما على تل تمر في شباط/فبراير تمكنوا خلاله من الاستيلاء على بعض المواقع والقرى التي تسيطر عليها الوحدات. لكن المقاتلين الاكراد مدعومين من مقاتلين اشوريين وسريان نفذوا هجوما مضادا وهم يستمرون في استعادة المواقع التي خسروها ببطء.

وادى النزاع السوري المستمر منذ اربعة اعوام الى مقتل اكثر من 220 الف شخص ونزوح قرابة نصف عدد سكان سوريا.

 

المصدر: وكالة الانباء السويسرية