انتشار هيئة تحرير ال-شام اتفاق روسي تركي!

66

فرضت تركيا، هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) على فصائل مايسمى بــ”الجيش الوطني السوري” في مدن الشمال السوري أبرزها عفرين وإعزاز، دون أن تكترث لهم ولا لمصيرهم ولا حتى تكفل نفسها بالدفاع عنهم، وهي التي استخدمتهم كأوراق ومن ثم القت بهم في أقرب حفرة غير نافعة، وجعلت من “الثورة السورية” بازاراً لبيع مرتزقة وشراء آخرين.

ما جرى وما يجري ليس متعلقاً ببيع وشراء المرتزقة فقط، بل أن تركيا تخطط لما هو أكبر من ذلك بكثير وتقضي على أحلام الشعب السوري في الحصول على حريته من ظلم وبطش الفصائل والمرتزقة التي كانت من صنع غربي وتركي.

تركيا هي من حولت الحراك الشعبي في سوريا إلى حرب دموية داخلية وجعلت من مناطق الشمال السوري بؤرة للتنظيمات الإرهابية وخلقت لها بيئة آمنة تحمي فيها قيادات الصف الأول لداعش وجبهة النصرة.

في الأيام القليلة الماضية كانت غالبية عناوين الوكالات والوسائل الإعلامية هي “هيئة تحرير الشام” تسيطر على عفرين وإعزاز والباب”، ولكن إن تعمقنا في أوضاع تلك المناطق، نجد بأن الهيئة لم تخرج منها قط، بل غيرت من اسماء بعض الفصائل العاملة تحت أمرتها لتكون قادرة على البقاء في المناطق التي تسيطر عليها والفصائل الموالية لها، كفيلق الشام وأحرار الشام وغيرها، وكل هذا بإشراف مباشر من الاستخبارات التركية.

المختلف هنا هذه المرة هو أن هيئة تحرير الشام تدخل بإسمها الحقيقي دون أن تكترث لرد الفعل الروسي التي أبرمت اتفاق مع الجانب التركي بضرورة القضاء على جبهة النصرة، خاصة إن هذه العملية كانت أحد أهم نتائج اجتماعات استانا الثلاثية بين أنقرة وموسكو وطهران.

وفي الـ25 من شهر أيار/مايو من العام الحالي نشرت قوات سوريا الديمقراطية بياناً حول تحركات بعض الفصائل الموالية لتركيا، وإعادة تمركز بعضها الآخر، وذلك في إطار “الخطط التركية لإنشاء حزام أسود من العناصر الإرهابية في خطوط التماس”.

وأشار المركز الإعلامي إلى أن التوزع الجديد وخاصة لفصيلي “حراس الدين”، و”هيئة تحرير الشام” الفرع السوري لتنظيم القاعدة، يبدأ من ريف عفرين الجنوبي، وصولاً إلى محاور منبج وريف كوباني الغربي، وذلك لاستخدامهم “في أي عدوان محتمل”، حيث تمركزت عناصر من تنظيم “حراس الدين” في قريتي “كباشين” و”باسوطة” بريف عفرين الجنوبي.

كما أن عناصر أخرى من “حراس الدين”، تمركزت في نقاط عديدة في خطوط التماس الجنوبية وذلك بالتوازي مع إخراج عناصر فيلق الشام من تلك القرى من قبل استخبارات الاحتلال التركي.

وحسب المركز الإعلامي لقسد جرت هذه التحركات “بعد اجتماع مع متزعمي الفصائل المدعومة من قبل الاحتلال التركي في مدينة سرمدا بإدلب برعاية تركية، واتفق الطرفان على إعادة تموضع عناصر هيئة تحرير الشام (الفرع السوري لتنظيم القاعدة)، في جبهات ريف حلب الشمالي والشرقي وتسهيل تحركاتهم في مناطق عفرين، الباب، وجرابلس”.

بعد كل هذه التغيرات في مناطق الشمال السوري، ما الذي يجعل دول مثل روسيا والولايات المتحدة ساكنة أمام انتشار هذا التنظيم المدرّج على لوائح الإرهاب؟

بعد رصدنا ومتابعتنا للمواقف التركية الأخيرة وخاصة المتعلقة بإجراء لقاءات بين كل من أنقرة ودمشق، توصلنا إلى هذه النتائج:

– روسيا راضية عن دخول هيئة تحرير الشام إلى مناطق الشمال السوري!

في الآونة الأخيرة كانت هناك لقاءات استخباراتية أمنية بين كل من تركيا والنظام السوري ويدور الحديث أيضاً عن إمكانية إجراء لقاء بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس النظام السوري بشار الأسد.

ولكن يبدو أن العقبة أمام هذه اللقاءات هي بعض الفصائل المنضوية تحت اسم “الجيش الوطني السوري” وقد كانت تنظم مظاهرات في مناطق سيطرة الأتراك ضد أي اتفاق مع النظام السوري، وكان لابد من إزالة هذه العقبات بالقضاء عليها أو إجبارها بقبول اي خطوة تركية.

لجأت أنقرة إلى هيئة تحرير الشام نظراً لثقتها المطلقة بهذا التنظيم -الذي يستوحي فكره من تنظيم القاعدة- لتنفيذ مآربها واستخدمت “جيش الجولاني” كقوة ضاربة ضد هذه الفصائل ودعمته بالسلاح ليتمكن من السيطرة على عفرين في أقل من 24 ساعة، ومن ثم توجهت إلى مناطق ماتسمى “بدرع الفرات”.

-منطقة إدلب على صفيح ساخن!
عندما ترسل هيئة تحرير الشام تعزيزات عسكرية إلى المناطق المذكور آنفاً، فكيف ستبقي إدلب تحت سيطرتها؟ فهل تخلي تلك المنطقة؟ ولكن لماذا؟ يبدو إن تركيا في وضع لا تحسد عليه، ويبدو أيضاً إن بوتين هو من يتحكم بتلك المنطقة ويشرف بشكل غير مباشر على توزع الفصائل ووضع خارطة جديدة لمناطق الشمال السوري.

إخلاء إدلب من عناصر القاعدة، يذكرنا بما حصل في الغوطة ودرعا وحلب وحمص وقصة “الباصات الخضر” التي يعرفها كل السوريين. بعد كل هذه المسرحية، سنشاهد قوات النظام تدخل إدلب برعاية روسية تركية، والمختلف هنا إن هذه المرة لم يكن التقايض على حساب مناطق “الإدارة الذاتية”.

وهنا يظهر جلياً إن تركيا لن تتمكن من إطلاق أي عملية عسكرية ضد مناطق شمال وشرق سوريا، كما إدعى الرئيس التركي قبل أيام، بل على العكس، فأي عملية عسكرية أو استهداف تلك المناطق التي تحتلها “هيئة تحرير الشام”، سيكون مشروعاً، نظراً لوجود عناصر على لائحة الإرهاب الدولية في تلك المناطق.

وربما تستغل قوات سوريا الديمقراطية هذا التقاتل والتناحر بين الفصائل التي تدعمها أنقرة، وإن بدأت الحرب ضد الفصائل الإرهابية فلن تتلقى أي رد فعل من قبل أي دولة، وستكون خطوة شبيهة بحملاتها ضد تنظيم داعش.

فهل سنشهد سوريا خالية من تلك الفصائل الإرهابية في الأيام القادمة؟!

الكاتب: آلان معيش – إعلامي كردي سوري