انتهاكات القوات التركية وفصائلها في مناطق “نبع السلام”.. تدمير مرافق الخدمات الأساسية واقتتالات داخلية وسرقة محاصيل وممتلكات المواطنين

42

لا تزال القوات التركية وفصائلها تمارس انتهاكاتها الممنهجة بحق أهالي مناطق نبع السلام، وفي ضوء يعمل المرصد السوري لحقوق الإنسان على رصد وتوثيق معظم تلك الانتهاكات وأحداث الانفلات الأمني التي تمثلت في:

 

حرمان المواطنين من الخدمات والمرافق الأساسية

كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان تعمد القوات التركية إيقاف محطة “علوك” التي تغذي مدينة الحسكة لأكثر من 25 يوما. ويذكر أن مناطق الحسكة وريفها شهدت استياءً شعبياً بسبب انقطاع مياه الشرب عنها، وتعد هذه المرة الثامنة التي تقطع فيها المياه عن المنطقة، وذلك بعد أن أوقفت القوات التركية عمل مضخة مياه الشرب في “علوك”، التي تغذي تلك المناطق بشكل كامل منذ بداية شهر أغسطس/آب 2020 بحجة الصيانة، كما طلبت القوات التركية زيادة في القدرة الكهربائية لتغذية مناطق “نبع السلام” بالطاقة الكهربائية، الأمر الذي رفضته “الإدارة الذاتية”، ما أدى بدوره إلى انقطاع مياه الشرب بشكل كامل. وبالتوازي مع ذلك، قطعت “قسد” خط التيار الكهربائي الذي يغذي مدينة رأس العين وريفها الواقعة ضمن مناطق نفوذ القوات التركية والفصائل الموالية لها “نبع السلام”، ردًا على قطع مياه الشرب عن مناطقها، وعلم المرصد 22/8/2020 أنه سيتم تشغيل 16 بئر ماء فقط من أصل 30 بئر في محطة “علوك”، ومن المرتقب أن تصل المياه للحسكة في وقت قريب بعد تشغيل الآبار.

 

الاشتباكات والاقتتال بين الفصائل

رصد المرصد السوري في 20/8/2020 اشتباكات داخل مدينة رأس العين (سري كانيه) بين الفصائل الموالية لتركيا، بسبب خلافها على تعيين مدير معبر رأس العين، حيث دارت اشتباكات بين درع الحسكة وعشيرة الموالي المدعومة من فرقة الحمزة، ما أدى إلى وقوع 3 قتلى و5 جرحى من الطرفين. على صعيد متصل، عينت القوات التركية قائدًا جديدًا للشرطة العسكرية في مدينة رأس العين (سري كانييه)، بسبب الانفلات الأمني الذي تشهده المدينة. وكان المجلس المحلي لمدينة رأس العين علق أعماله في المدينة يوم 20/8/2020، احتجاجًا على تعيين مدير للمعبر الحدودي من خارج أبناء المنطقة.؟

 

المظاهرات والاحتجاجات الشعبية

شهدت مدينة رأس العين وريفها، غضبًا واستهجانًا من قبل الأهالي، بسبب محاولة الفصائل والقوات التركية إقصائهم عن إدارة مناطقهم، بعد تعيين المدعو “أحمد بولات” ابن مدينة بزاعة بريف حلب الشمالي، بدعم من شقيقه قائد فرقة الحمزة الموالية لتركيا مديرًا لمعبر رأس العين التجاري. وعلم المرصد السوري أن 4 مرشحين تقدموا من رأس العين وريفها لإدارة البوابة من ذوي الخبرات والشهادات الجامعية وتم رفضهم جميعًا. وفي سياق متصل، رصد المرصد السوري في 17/8/2020، تجمع المواطنين عند البوابة الحدودية بين سوريا وتركيا في بلدة رأس العين (سري كانييه) ضمن مناطق عملية “نبع السلام” في الريف الشمالي للحسكة، حيث طالب المتظاهرون الجانب التركي بالتدخل للحد من انتهاكات الفصائل المستمرة بحقهم.

وفي 21/8/2020، شهدت المنطقة ذاتها وقفة احتجاجية أخرى نظمها عشرات المواطنين شارك فيها شيوخ ووجهاء العشائر، تضامنًا مع المجلس المحلي في رأس العين، الذي أعلن عن تعليق أعماله، بسبب تعيين مدير جديد للبوابة الحدودية مع تركيا في رأس العين، وطالب المحتجون بتوفير الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء للمنطقة، بالإضافة لمطالبتهم بتغيير مسئول المعبر وتعيين بديلاً عنه من أبناء المنطقة.

 

الإغلاق الجبري للمحال التجارية

في 22/8/2020، أجبر مسلحو “فرقة الحمزات” الموالية لأنقرة، بإجبار أصحاب عدد من المحال التجارية على إغلاقها تحت تهديد السلاح، في مدينة رأس العين، وذلك بعد قيامهم بتوزيع منشورات ورقية في المدينة تطالب بالإضراب ضد المجلس المحلي في المدينة. وفي سياق متصل، اعتدى مسلحو “الحمزات” على مواطن بعد رفضه إغلاق محله التجاري وانهالوا عليه بالضرب المبرح، حيث تحاول “فرقة الحمزات” إجبار أهالي “رأس العين” على الخروج بمظاهرات ضد المجلس المدني في مدينة “رأس العين” بسبب رفض المجلس لهيمنة شقيق “فرقة الحمزات” على المعبر الحدودي مع تركيا. وتشهد قرية مصبغة في ريف رأس العين (سري كانييه) ضمن مناطق “نبع السلام” الخاضعة لنفوذ القوات التركية والفصائل الموالية لها توترًا كبيرًا بين الأهالي من جهة، والشرطة العسكرية الموالية لتركيا من جهة أخرى.

 

مداهمة بيوت المواطنين والتعدي عليهم

وثق المرصد السوري في 23/8/2020 اقتحام عناصر من الشرطة العسكرية منزلاً في مدينة تل أبيض ضمن مناطق “نبع السلام” شمال الرقة، واعتدائهم على سيدة من المدينة بالضرب. ويذكر أن الاحتجاجات التي اندلعت في قرية مصبغة بتاريخ 21/8/2020، شهدت مداهمة عناصر الشرطة لمنازل الأهالي في القرية، بحجة إخفائهم لمطلوبين.

 

سرقة المحاصيل وأقوات المواطنين وممتلكاتهم

تواصل الفصائل الموالية لتركيا سرقة وتصدير القمح من مناطق “نبع السلام” إلى أنقرة تحت غطاء شرائه من قبل مؤسسة الحبوب التركية بالليرة التركية عبر بوابة تل أبيض الحدودي مع تركيا، حيث تتجمع عشرات الشاحنات وآلاف الأطنان قرب المعبر، تمهيدًا لنقلها إلى تركيا. وكانت المجالس المحلية في تل أبيض ورأس العين قد حددت سعر شراء الحبوب بألف و300 ليرة تركية لطن ‏القمح الواحد. وكانت مصادر المرصد السوري في مناطق “نبع السلام” أفادت في حزيران / يونيو الماضي، بأن الفصائل الموالية لتركيا استحوذت على المحاصيل الزراعية للأهالي في مناطق “نبع السلام” في ريفي رأس العين وتل أبيض. وفي الإطار ذاته، اعترض أهالي قرية دبس ضمن مناطق “نبع السلام” في ريف تل تمر الغربي 18/8/2020 مجموعة لصوص من عناصر الشرطة العسكرية وعناصر الفصائل الموالية لتركيا، أثناء محاولتهم سرقة ممتلكات الأهالي في القرية، في حين استقدمت الشرطة العسكرية والفصائل الموالية لتركيا تعزيزات إلى القرية، واعتقلوا عددًا من الأهالي بسبب مقاومتهم.

 

الاستيلاء على كابلات الشبكات الكهربائية

كشف المرصد السوري 14/8/2020، استيلاء الفصائل الموالية لتركيا وسرقتها لكابلات الشبكات الكهربائية في مناطق “نبع السلام”، لإعادة تدويرها وصهرها سبائك من الألمنيوم والنحاس، وبيعها في تركيا. ويذكر أن مجموعة من “أحرار الشرقية” منعت فرقة “السلطان مراد” 11/ 8/2020 من دخول شاحنات محملة بالسبائك إلى تركيا، بسبب خلاف ما بين تلك الفصائل على تلك المسروقات، وقد شهدت في السياق ذاته قرى ضمن مناطق “نبع السلام” كقرية “شلاح وذيابية ريحانية” في ريف الحسكة اقتتالًا داخليًا بين مكونات الفصائل الموالية لتركيا، بسبب خلافها على توزيع المسروقات التي سرقوها من منازل وممتلكات المواطنين في مناطق رأس العين وتل تمر بعد بيع حصة المسروقات. وكانت الفصائل الموالية لتركيا افتتحت ورشًا لإعادة تدوير البلاستيك وتصنيع الأنابيب الزراعية، نظرًا لتوفر الخامات اللازمة لهذه الصناعات، وسرقت كميات كبيرة من أنابيب الري من المشاريع الزراعية في ريف رأس العين (سري كانييه) وتل تمر وأبو راسين.

وتستهدف القوات التركية استنزاف وتجريد المناطق التي تسيطر عليها في الأراضي السورية، والمعروفة بـ”نبع السلام” من ثرواتها ومقدراتها لصالح الجانب التركي، حيث تعمد إلى انتهاج سياسة “الأرض المحروقة”، دون مراعاة أو احترام لأدنى قدر من حقوق المواطنين السوريين. وطالما حذر المرصد السوري لحقوق الإنسان من التوغل التركي في الأراضي السورية ومسلسل العنف والهمجية الذي تمارسه قوات الاحتلال التركي بحق البلاد، دون أن تلقى الدعوات آذان صاغية حتى الآن.