انعدام الأمن يغيّب طبلة “المسحراتي” أحد أهم الطقوس الرمضانية لدى السوريين

31

امتاز شهر رمضان المبارك عما سواه بمجموعة من العادات والتقاليد التي جعلته ينفرد بخصوصية ينتظرها شريحة واسعة من السوريين.
“المسحّراتي”، ظاهرة طالما ارتبط اسمها وعملها بأيام شهر رمضان من خلال قيام مجموعة من الشبان أو الرجال بالقرع على الطبلة مرفقة بمزيج من الاهازيج التي تتغنى بفضل شهر رمضان.
ويسعى “المسحّراتي” لإيقاظ جميع الأهالي معتمداً على صراخه تارتة، وقرعه على الأبواب المغلقة تارة أخرى لحين التأكد من اشتعال الأضواء داخل تلك المنازل في دليل واضح على استيقاظ ساكنيها.
نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، أكدوا اندثار تلك الظاهرة التي ألفها السوريون خلال شهر رمضان الجاري، وذلك لأسباب عديدة كان من أبرزها غياب الامان من شوارع المدينة واحياءها السكنية،بالإضافة لخوف المسحرين من التجول ضمن الأزقة التي غابت عنها مظاهر الحياة المعتادة.
ويتحدث (ش.غ) أحد الأشخاص الذين ورثوا مهنة المسحراتي، من والده، في لقاءه مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، قائلاً: إن اندثار مهنة أو ظاهرة المسحر من طقوس شهر رمضان أمر يبعث الحزن في نفسي نظراً لما لهذه المهنة من مكانة لدي تذكرني بأبي وجدي من قبله الذي لاحقنا لقب عمله حتى يومنا هذا، لافتاً إلى أن ابناء الحي ينادونهم بعائلة (المسحر) على الرغم من أن كنيتهم لا علاقة لها بهذا الاسم ابدا.
وعلل غيابه عن العمل بعدة أمور من أهمها أن الدخول إلى الأحياء السكنية بات يبعث الحزن بالنفس نظراً لما تتم مشاهدته من دمار صامت يشق صمته صفير الهواء ليؤكد خلوّ المنازل من ساكنيها الذين إما هجروا منها قسراً، أو غيبوا في سجون النظام، أو أن الحرب الضروس التي شهدتها حمص اودت بحياتهم.

من جهته يتحدث (ظ.ف) للمرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو من من حي البياضة بحمص قائلاً: إن مهنة عمل المسحراتي لها ارتباط جذري مع عادات وتقاليد شهر رمضان، مستذكراً توجه الأطفال لشرفات المنازل مع سماع صوت الطبلة الممزوجة بعبارات مخصصة (قوموا على سحوركم.. أجا رمضان يزوركم) التي غيبتها الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد.
وأشار، إلى تقديم أبناء الحي مع نهاية شهر رمضان (الاكرامية- السحورية) للمسحر الذي يأتي في آخر يوم من الشهر و أول أيام عيد الفطر للتذكير بما قام به من عمل خلال ليالي الشهر الكريم ليحث الناس على إعطاءه من الأموال أو حلويات العيد كنوع من العرفان على ما قدمه لهم.
وعلى الرغم من انتشار التكنولوجيا بين المجتمعات من برامج و منبهات وغيرها مما يضمن استيقاظ الراغبين بالسحور، إلا أن عمل المسحر وسماع صوته يتلاشى بين الأزقة والشوارع له نكهة خاصة بأيام رمضان وفقاً لما تحدث به الشاب (أ.ز) للمرصد السوري لحقوق الإنسان، من مدينة حمص وسط سوريا.
ولفت في معرض حديثه، إلى أن الأهالي يرغبون بالشعور جلياً بطقوس رمضان الذي يعتبر المسحر جزء رئيسياً منه، وأن جميع برامج التكنولوجيا المتوفرة بين أيدي الأهالي لا يمكنها أخذ مكانته المزروعة في قلوبنا وذاكرتنا منذ ايام الطفولة.