انقرة وواشنطن متفقتان على منطقة خالية من “الدولة الاسلامية” في سوريا

22

قررت الولايات المتحدة وتركيا الاثنين تعزيز تعاونهما العسكري للقضاء على تنظيم الدولة الاسلامية في شمال سوريا بينما توعدت انقرة بمواصلة ضرباتها ضد متمردي حزب العمال الكردستاني الى ان يسلموا اسلحتهم.

وقال مسؤول اميركي كبير الاثنين ان الشراكة الجديدة بين الولايات المتحدة وتركيا “تهدف هو اقامة منطقة خالية من تنظيم الدولة الاسلامية وضمان قدر اكبر من الامن والاستقرار على طول الحدود التركية مع سوريا”.

وتم الكشف عن الاتفاق الذي يمكن ان يغير قواعد اللعبة، فيما اثارت انقرة غضب الاقلية الكردية على اراضيها بقصف مدينة يسيطر عليها الاكراد في شمال سوريا، وفيما تواصل طائراتها قصف اهداف الانفصاليين الاكراد في شمال العراق.

وقال المسؤول الاميركي انه “لا يزال يتعين العمل على وضع تفاصيل” هذا الاتفاق الا انه اكد ان “اي جهود عسكرية مشتركة لن تشمل فرض منطقة حظر طيران” وهو ما تريده تركيا منذ فترة طويلة.

الا انه اضاف ان الاتفاق سيضمن دعم تركيا “لشركاء الولايات المتحدة على الارض” الذين يقاتلون تنظيم الدولة الاسلامية. الا ان العديد يشكون في ان تركيا مهتمة بالحد من قدرات الاكراد في سوريا والعراق اكثر من اهتمامها بالقتال ضد تنظيم الدولة الاسلامية.

لكن ذلك لم يمنع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند من الاشادة ب”تعزيز التزام تركيا الى جانب التحالف”، موجها خلال اتصال هاتفي شكره الى الرئيس رجب طيب اردوغان “للتحرك القوي ضد” تنظيم الدولة الاسلامية.

من جهته، اكد رئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو ان بلاده ستواصل عمليتها العسكرية ضد متمردي حزب العمال الكردستاني حتى يسلم هؤلاء اسلحتهم. وقال في مقابلة مع قناة ايه تي في التلفزيونية “سنواصل معركتنا (…) حتى نحقق نتيجة معينة”، مضيفا “اما السلاح واما الديموقراطية”.

وكرر المتحدث باسم الخارجية الاميركية جون كيربي الاثنين ان من حق تركيا “الدفاع عن نفسها” في مواجهة المتمردين الاكراد.

وشنت تركيا مساء الجمعة سلسلة غارات جوية على قواعد خلفية للمتمردين الاكراد في شمال العراق ردا على هجمات دامية نسبت اليهم واستهدفت في الايام الاخيرة عناصر في قوات الامن التركية.

وردا على ذلك، انهى حزب العمال الكردستاني الهدنة التي كان يلتزمها منذ 2013 وقتل جنديين.

ومساء الاثنين، اكد مكتب رئيس الوزراء التركي الضربات التي وجهت الى حزب العمال الكردستاني في الساعات ال24 الاخيرة، لافتا في بيان الى انها استهدفت “ملاجىء ومراكز لوجستية ومخابىء”.

وفي السياق نفسه، قتل ضابط في الشرطة التركية مساء الاثنين بايدي مجهولين في محافظة موس (جنوب شرق) وفق مصادر طبية.

ودعت تركيا الى عقد اجتماع استثنائي لحلف شمال الاطلسي الثلاثاء لبحث هجومها “ضد الارهاب” عبر الحدود والذي يستهدف حزب العمال الكردستاني المحظور ومقاتلي تنظيم الدولة الاسلامية.

واعرب الامين العام للحلف ينس ستولتنبرغ عن دعمه لحق تركيا في الدفاع عن نفسها، الا انه صرح لشبكة بي بي سي الاحد “بالطبع يجب ان يكون الدفاع عن النفس مناسبا”.

لكنه حذر تركيا من حرق الجسور مع الاكراد. وقال مساء الاحد لشبكة التلفزيون النروجية ان ار كا “حدث منذ سنوات تقدم في العمل بهدف التوصل الى حل سياسي سلمي” بين تركيا والمتمردين الاكراد مؤكدا ان “من المهم عدم التخلي عن هذا العمل”.

والاثنين، اتهمت قوات كردية سورية تشكل راس الحربة في المعركة ضد الجهاديين على الاراضي السورية، الدبابات التركية بقصف قريتين في محافظة حلب بشمال سوريا يسيطر عليهما مقاتلوها، ما أسفر عن إصابة أربعة منهم.

ونددت وحدات حماية الشعب الكردية في بيان بالقصف مؤكدة انه “بدلا من مهاجمة المواقع التي يحتلها الارهابيون من تنظيم الدولة الاسلامية، تهاجم القوات التركية مواقع دفاعاتنا”.

واضافت “ندعو الجيش التركي الى وقف اطلاق النار على مقاتلينا ومواقعهم”.

لكن مسؤولين اتراكا نفوا ان يكون الجيش قد تعمد قصف اهداف سورية كردية، وقالوا ان القصف جاء ردا على نيران من الجانب السوري من الحدود.

وصرح مسؤول في وزارة الخارجية التركية ان “تركيا لديها قواعد للقتال. اذا اطلقت نيران من الجانب السوري، فسنرد بالمثل”.

من ناحيته قال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو في اجتماع مع عدد من محرري الصحف التركية ان التدخل التركي “سيغير التوازن” في المنطقة، الا انه استبعد ارسال قوات برية الى داخل سوريا.

ونفى داود اوغلو ان تكون تركيا قلقة بسبب المكاسب التي حققها الاكراد ضد تنظيم الدولة الاسلامية في شمال سوريا، مشيرا الى علاقات انقرة مع اقليم كردستان العراق.

ومنحت تركيا ضوءا اخضر للولايات المتحدة لاستخدام قاعدة انجرليك الجوية لمهاجمة تنظيم الدولة الاسلامية بعد اشهر من المفاوضات الصعبة.

وقال داود اوغلو ان مطالب انقرة باقامة منطقة حظر طيران تمت تلبيتها “الى حد ما”، بحسب صحيفة حرييت.

وقال “الغطاء الجوي مهم وكذلك الحماية الجوية للجيش السوري الحر وغيرها من العناصر التي تقاتل داعش”، هو الاسم المستخدم لتنظيم الدولة الاسلامية.

واضاف “اذا لم نرسل قوات برية — ولن نفعل ذلك — اذن يجب حماية عناصر اخرى تتعاون معنا على الارض”.

وتسبب العنف عبر الحدود مع سوريا في تصاعد التوترات في تركيا حيث استخدمت الشرطة خراطيم المياه لتفريق التظاهرات الليلية في اسطنبول وغيرها من المدن الكبرى احتجاجا على سياسات الحكومة التركية الخاصة بسوريا.

وامر داود اوغلو بشن الغارات الجوية واطلاق نيران المدفعية بعد امتداد عنف تنظيم الدولة الاسلامية الى داخل تركيا الاثنين الماضي حيث وقع تفجير انتحاري ادى الى مقتل 32 شخصا من انصار القضية الكردية في مدينة سوروتش التركية.

كما امرت أنقرة بشن سلسلة من الغارات على القواعد الخلفية لحزب العمال الكردستاني في شمال العراق ونفذت مقاتلات تركية ليل الأحد الاثنين مزيدا من الضربات ضد المتمردين.

وفي اعقاب الهجوم في سوروتش، اعلن الاكراد سلسلة من الهجمات ضد الشرطة والجنود الاتراك.

فبعد بضع ساعات من الغارات التركية الاولى، أعلن الاكراد انتهاء الهدنة الذين التزموها منذ عام 2013 واعلنوا ردا على الغارات مسؤوليتهم عن مقتل جنديين تركيين في انفجار سيارة مفخخة في جنوب شرق تركيا.

وقال داود اوغلو “هذه الهجمات تهدد الديموقراطية” مؤكدا خلال مقابلة اجريت السبت، عدم شعوره باي عداء تجاه اكراد سوريا.

واضاف “اذا قطع حزب الاتحاد الديموقراطي علاقاته مع نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد، ولم يشكل اي تهديد لتركيا (…) فسيكون بامكانه أن ينضم إلى التحرك من أجل سوريا ديمقراطية”.

وتابع “لكن اذا حاول القيام بعملية تطهير عرقي في المنطقة (…) فان الامور ستكون مختلفة”.

واتهمت تركيا مؤخرا أكراد سوريا بتنفيذ حملة “تطهير عرقي” في المناطق الخاضعة لسيطرتهم معربة عن القلق حيال قيام كيان كردي مستقل معاد لها على حدودها الجنوبية.

وادى قرار تركيا التدخل ضد التنظيم المتطرف وحزب العمال الكردستاني الى العديد من التظاهرات ضد الرئيس رجب طيب أردوغان. ويتهم اكراد تركيا اردوغان بالتواطؤ مع الجهاديين، وهو ما ينفيه بشكل دائم.

وضمن اطار هذه “الحرب ضد الارهاب”، شنت الشرطة حملة توقيفات غير مسبوقة ضد ناشطين يشتبه بانتمائهم الى حزب العمال الكردستاني وتنظيم الدولة الاسلامية وأقصى اليسار.

وتقول الحكومة التركية ان 1060 شخصا اوقفوا منذ الجمعة، معظمهم من الناشطين الاكراد.

 

 

ا ف ب