بالشهادات.. المرصد السوري يسلط الضوء على ظاهرة استيلاء قوات النظام على مساحات زراعية شاسعة في ريفي حماة الشمالي والغربي

37

تركت آلاف العوائل مساحات واسعة من الأراضي الزراعية المزروعة بشتى أنواع المحاصيل الزراعية والأشجارالمثمرة، في مناطق ريفي حماة الشمالي والغربي، بعد نزوحهم بسبب عمليات التصعيد والمعارك التي دارت بين قوات النظام والميليشيات المساندة له من جهة، وفصائل المعارضة والجماعات الجهادية من جهة أخرى مطلع العام 2019، فعمدت ميليشيا النظام إلى الاستيلاء على هذه الأراضي وسرقة محاصيل المواطنين الذين نزحوا بفعل العمليات العسكرية التي شهدتها المناطق آنفة الذكر.

ووفقًا لمصادر المرصد السوري، فإن أجهزة النظام الأمنية استولت على محاصيل زراعية لآلاف الدونمات في كل من منطقتي سهل الغاب وجبل شحشبو، منذ بسط سيطرتها الكاملة على المنطقة، وقامت في منتصف شهر تشرين الأول/ أكتوبر من العام الفاءت 2020، بنشر ورشات من العمال لقطاف موسم الزيتون الذي تشتهر به منطقة جبل شحشبو، الذي يوجد فيه مساحات واسعة من الأراضي المزروعة بالزيتون، وأضافت المصادر، أن مساحات من الأراضي الزراعية في منطقتي سهل الغاب وجبل شحشبو زرعت بالبازلاء منذ شهر تشرين الثاني/ نوفمبر، 2020 ويجري حالياً الانتهاء من قطافها أيضاً، حيث عادت الورشات مع بداية شهر نيسان/ أبريل 2021، لقطاف هذا الموسم، وتجري عملية الاستيلاء عن طريق ضباط من ميليشيا النظام وتجار يقومون بجلب عمال من مناطق مختلفة مثل السقيلبية وقرى في سهل الغاب مثل الرصيف والجيد والعزيزية في ريف حماة الغربي، وبلدة كرناز في ريف حماة الشمالي

وأكدت المصادر أيضاً: أن مساحات زراعية شاسعة مزروعة حالياً بالقمح وقد بدأت ميليشيا النظام باستقدام الحصادات منذ بداية شهر أيار/ مايو 2021، استعداداً لحصاد هذا الموسم، الذي كان يعد مصدر دخل أساسي لمعظم سكان ريف سهل الغاب وجبل شحشبو

كم أشارت مصادر المرصد السوري، إلى أن عملية تضمين لأراضي تعود ملكيتها للنازحين في منطقة سهل الغاب في ريف حماة الغربي، حيث قامت قوات النظام بتضمينها وتأجيرها لأشخاص تجار ومزارعين بمزادات علنية ويتم استثمارها بزراعة العديد من أنواع الخضار مثل البندورة والخيار والباذنجان، ومحصول القمح، ويقوم هؤلاء التجار بجلب عمال وزراعة هذه الأراضي وجني محاصيلها

مسؤول سابق في أحد المجالس المحلية في ريف حماة الشمالي: أكد بدوره للمرصد السوري، أن قوات النظام قامت بعرض آلاف الدونمات من الاراضي الزراعية في بلدات ريف حماة الشمالي للمزاد العلني وجرى تضمينها من قبل تجار زراعيين، وشملت مدن وبلدات مورك وكفرزيتا واللطامنة وكفرنبوذة ولطمين وغيرها الكثير من البلدات والقرى، مضيفاً، أن هذه البلدات غالبيتها تشتهر بزراعة الأشجار المثمرة مثل الفستق الحلبي والزيتون والتين، وكانت تعد ذات أهمية كبيرة لدى سكانها قبل نزوحهم، كما أن هناك ايضاً مساحات كبيرة تزرع حالياً بالقمح وتذهب عائداتها لتجار وميليشيات النظام هناك، وتم رصد ذلك عبر اشخاص متواجدين هناك وعبر مراصد الأجهزة اللاسلكية، ويشير في نهاية حديثه للمرصد السوري، أن خسائر المزارعين الذين نزحوا عن بلداتهم وقراهم كانت كبيرة جداً ولم تقتصر فقط على خسارة منازلهم وتحمل أعباء النزوح في الشمال السوري، بل إن تكاليف الزراعة سواء كانت لمواسم الأشجار أو المحاصيل الزراعية الأخرى كانت كبيرة جداً فضلاً عن الجهد الكبير الذي بذل ، لتستولي عليها في النهاية قوات النظام وتستثمرها الآن دون موافقة أصحابها، وهذا يعد انتهاكاً بحق آلاف المزارعين في ريف حماة

الناشط الحقوقي “م.أ” من ريف حماة الشمالي ويقطن في ريف إدلب الشمالي، في حديثه للمرصد السوري يقول: أن قوات النظام شرعت مؤخراً في تننفيذ قرار نص على طرح الأراضي الزراعية في ريف حماة للتأجير بالمزاد العلني، وتشمل معظم بلدات ريف حماة الشمالي وخصوصاً القريبة من مدينة محردة، مضيفاً: أن هذه الأراضي المزروعة بأشجار الفستق الحلبي والزيتون وبعض أنواع الأشجار، وهناك مساحات زراعية أخرى صالحة للزراعة بالعديد من أنواع المحاصيل مثل القمح والشعير والخضار وغيرها، وجميعها تعود ملكيتها لمزارعين نزحوا خلال فترة التصعيد وتقدم النظام في العام 2019، واستبق النظام هذا الفعل بمنع اقارب أو أصدقاء لأصحاب الأراضي الأصليين من زراعتها وإرسال عائداتها لأصحابها، ويتابع الحقوقي حديثه للمرصد السوري، تتم عملية التاجير والمزايدة بواسطة لجان أمنية وعسكرية بقيادة اللواء ” رمضان يوسف الرمضان” الذي أصدر عدة قرارات سابقة متعلقة بهذا الشأن بهدف التمهيد للاستيلاء على هذه الأراضي وسرقة عائداتها، ويختم “م.أ” حديثه للمرصد السوري قائلاً: إن هذا القرار يعد بمثابة تبرير لسرقة مصادر دخل النازحين التي يعتمدون عليها، وتعد منطقة ريف حماة من المناطق الخصبة وتعتبر محاصيلها الزراعية بكافة أنواعها ذات جودة عالية، والاستيلاء على أراضي للنازحين ينذر بحرمانهم منها لفترة طويلة

بدوره تحدث “س.م” وهو مزارع من منطقة جبل شحشبو في ريف حماة الغربي ويقطن حالياً في أحد مخيمات منطقة دير حسان في ريف إدلب الشمالي، للمرصد السوري قائلاً: أنه عندما نزح مع أسرته في شهر أيار/مايو من العام 2019، ترك خلفه قطعة أرض مؤلفة من 20 دونم كان يزرعها سنوياً بمحصول القمح ومزروعات أخرى مثل البازلاء والخضار ويتوسطها بئر مياه جوفية قام بحفره، إضافة لخمسة دونمات مزروعة بأشجار الزيتون، مضيفاً، أنه كان يعتمد على الزراعة كمصدر دخل أساسي ووحيد لأسرته ولم يكن يعمل في أي مجال آخر، وقد وصلته تأكيدات تفيد بأن قوات النظام قامت بقطاف موسم الزيتون في بداية فصل الشتاء الفاءت، كما عمدت أيضاً إلى استعمال أرضه في زراعة الخضار وجني محصولها، ويتابع: أنه نزح دون أن يتمكن من إخراج أي شيء من أثاث منزله بسبب شدة القصف،و يعاني حالياً ظروف معيشية صعبة في مخيمات النزوح، لم يحاول التواصل لمنع استخدام أرضه واستثمارها من قبل قوات النظام لعدم وجود معارف وأصدقاء له هناك، ويشير في ختام حديثه: أن مئات المزارعين في منطقة جبل شحشبو في ريف حماة الغربي استولت قوات النظام على أراضيهم، دون أن يملكوا أي خيار للدفاع عن حقوقهم في ظل الصمت عن هذا الفعل الذي تقوم به قوات النظام، ويكتفي سكان هذه المنطقة بسماع أخبار أراضيهم عبر أشخاص مدنيين هناك، وعبر صور الأقمار الصناعية ومراصد ترصد المنطقة هناك عبر الأجهرة اللاسلكية

وكانت اللجنة الأمنية في حماة التابعة للنظام قد أصدرت بتاريخ 13 تشرين الأول/ أكتوبر 2020، قراراً ينص على إجراء مزاد علني لاستثمار الأراضي المشجرة والأراضي السليخ، في ريف حماة الشمالي، لموسم عام 2020، وشملت 20 بلدة وقرية في ريف حماة الشمالي

وبحسب ما جاء في نص القرار الصادر فإن هذه الأراضي تعود ملكيتها لأشخاص مقيمين خارج مناطق سيطرة الدولةالسورية، والمتواجدين في الأراضي التي تسيطر عليها “المجموعات الإرهابية المسلحة”

والجدير ذكره أن ما تبقى حالياً تحت سيطرة الفصائل من إجمالي مساحات الأراضي الزراعية في ريفي حماة الشمالي والغربي هي مساحات قليلة جداً لا تتجاوز 20 ألف دونم، وذلك بعد سيطرة قوات النظام والميليشيات المساندة له على كامل ريف حماة الشمالي ونحو 75 بالمئة من الريف الغربي، وتنحصر الأراضي الزراعية حالياً في عدد من القرى الشمالية من سهل الغاب ويعتبر جزء منها غير صالح للزراعة باعتباره خط تماس بين فصائل المعارضة وقوات النظام .