بتسهيل من “حكومة الإنقاذ”… استثمار القطاع التعليمي في إدلب عبر إقامة العديد من المدارسة الخاصة 

25

في ظل الكثافة السكانية في مناطق إدلب وريفها بسبب موجات النزوح المتلاحقة وافتقار المخيمات التي أقيمت غالبيتها بشكل مبدأي إلى المدارس وانقطاع الدعم عن القطاع التعليمي المتهالك، يستغل العديد من المستثمرين هذا الحال لافتتاح مدارس خاصة وبتكاليف ضخمة لاستثمار العملية التعليمية مالياً، وتستقطب هذه المدارس آلاف الطلاب من كافة المراحل التعليمية الأساسية والإعدادية والثانوية بمقابل أقساط سنوية كبيرة قياساً بأوضاع المدنيين ولاسيما النازحين منهم.
تتبع شكلياً جميع المدارس الخاصة في مناطق إدلب وريفها لوزارة التربية والتعليم في “حكومة الإنقاذ” التي ينحصر دورها فقط في فرض وتحديد المناهج التعليمية وتطبيق القوانين الإدارية الخاصة بالقطاع التعليمي، وتتكفل إدارة كل مدرسة في تحديد كادرها التعليمي واختيار المعايير له وتحديد الرواتب الشهرية وتعيين مدراء ومستخدمين.
ويشترط على المدارس ترخيصها من قبل”حكومة الإنقاذ” التي تقدم تسهيلات للترخيص، ومن بين الإجراءات المطلوبة لترخيص هذه المدارس هي وجود كفاءات علمية وسند ملكية للأرض، إضافة لشروط متعلقة ببناء المدرسة بأن يكون مستوفي المعايير وموافق عليه من قبل السكان في محيط المدرسة.
مصدر خاص أكد لـ”المرصد السوري” وجود نحو 160 معهد و مدرسة خاصة في مناطق إدلب وريفها، ويعد بعضها مدارس خاصة أقامتها منظمات إنسانية وجمعيات خيرية وتقدم التعليم للطلاب بشكل شبه مجاني، أما غالبيتها فهي عبارة عن استثمارات خاصة لأشخاص مستثمرين غالبيتهم من المهجرين والنازحين افتتحو هذه المدارس لأهداف مادية ولاستثمار العملية التعليمية في الشمال السوري.
وأضاف المصدر، أن رسوم التسجيل للطلاب تختلف مابين مدرسة وأخرى حيث تبدأ الرسوم من مبلغ 100 ليرة تركي إلى 300 ليرة، وذلك بحسب جودة التعليم في المدرسة والتسهيلات التي تقدمها للطالب.
الناشط (م.أ) من ريف حماة الغربي والذي يقطن في بلدة كفرتخاريم في ريف إدلب الشمالي، يتحدث في شهادته لـ”المرصد السوري” عن رأيه بتوجه المستثمرين لإنشاء المدارس الخاصة قائلاً، يلاحظ وبشكل فعلي في الفترة الراهنة أن العملية التعليمية في الشمال السوري بدأت تنحصر فقط في طبقة ميسوري الأحوال المادية وهذا ما يفسر انتشار المدارس الخاصة واستقطابها لآلاف الطلاب.
مضيفاً، أن العائلة ميسورة الأحوال المادية تستطيع بل وتفضل إرسال أطفالها للتعليم في المدارس الخاصة بخلاف الذين يعانون من سوء الأحوال المعيشية الذين قد يصل ببعضهم الحال لتوجيه أطفالهم للعمل وترك التعليم، فالسبب الرئيسي في ازدهار هذه المدارس هو إقبال الكثير من العائلات عليها رغم تكاليفها الباهظة وعدم وجود ردة فعل شعبية تجاه هذه المدارس.
كما يشير أن الاكتظاظ السكاني ساهم كثيراً في زيادة أعداد المدارس الخاصة التي أصبحت وللأسف ربحية بامتياز ولا يعنيها خروج أجيال متعلمة، والغريب في الأمر أن السلطة الحاكمة والمتمثلة “بتحرير الشام” و “حكومة الإنقاذ” تسهل إحداث هذه المدارس لربما من أجل فرض ضرائب وإتاوات عليها في المستقبل. وبشكل عام فقد بسط رؤوس الأموال وكبار التجار سيطرتهم بشكل شبه كامل على القطاع التعليمي على غرار بعض الدول مثل لبنان وغيرها.
بعد جهد وعناء استطاعت السيدة (ح.م) النازحة من ريف حماة الشمالي توفير المبلغ المطلوب لتسجيل ابنها الوحيد في إحدى المدارس الخاصة في منطقة دير حسان لدراسة مرحلة البكالوريا، وفي حديثها لـ “المرصد السوري” تقول، أنها أجبرت على ذلك بسبب رسوبه العام الماضي عندما كان في مدرسة عامة، ولكون المدرسة الخاصة ستوفر له جودة تعليم أفضل وتسهيلات أكثر.
وتضيف، ورغم أفضلية المدارس الخاصة فإن تكاليف الدراسة فيها مرتفعة جداً ولا تتناسب مع وضع غالبية العائلات، فالمدرسة التي سجلت فيها ابنها يبلغ قسطها الشهري 220 ليرة تركي شهرياً لكنها أجبرت على ذلك بسبب إصرارها على مواصلة تعليم ابنها الوحيد حتى وإن اضطرت لاستدانة المبلغ.
وتبدي تخوفها من عدم قدرتها مستقبلاً توفير القسط الشهري المطلوب وإن كانت إدارة المدرسة ستراعي ظروفها أم لا، لاسيما وأنها فقدت زوجها منذ عدة سنوات وتعيش دون معيل.
ومن خلال تقصي نشطاء”المرصد السوري” لموضوع تكاليف الرسوم الشهرية والسنوية التي تفرضها المدارس الخاصة المنتشرة في مناطق إدلب وريفها تبين أن الحد السنوي المتوسط لرسوم التسجيل يتراوح ما بين 200 إلى 300 دولار أمريكي.
ورصد “المرصد السوري” بتاريخ 18 أيلول/ سبتمبر الجاري افتتاح المدرسة الخاصة التي تعد الأضخم والأحدث في مناطق إدلب وريفها وتقع جنوب بلدة أطمة في ريف إدلب الشمالي.
وبحسب مصادر خاصة فإن تكلفة المدرسة يقدر بأكثر من 700 ألف دولار وهي خاصة لأحد المهجرين من بلدة الهامة في ريف دمشق يدعى”ف. ن” إضافة لعدد من الشركاء، حيث بدأت المدرسة باستقبال الطلاب برسوم تسجيل شهرية تبلغ 300 ليرة تركية إضافة لمبلغ 100 ليرة للطلاب الراغبين باستخدام مواصلات المدرسة.