بحثاً عن ملاذ آمن من طائرات أنظمة الإجرام…المدنيين يسكنون الكهوف والمقابر الرومانية في أرياف مناطق سيطرة المعارضة

37

مازالت تبعات الحرب منذ سنوات تلاحق المدنيين من مكان إلى آخر ومن منزل إلى آخر بحثاً عن أماكن أكثر أمناً تتزامن مع تقدم قوات النظام تدريجياً والسيطرة على مدن وبلدات نزح سكانها بأكملهم، سنوات وأشهر من النزوح كلفت العائلات ما ادخرته من أموال خلالها، كما لم تصمد المنازل بقدر صمود جيوبهم، أمام البراميل والصواريخ المتفجرة و الفراغية التي تدمر منزلاً بأكمله، هذا الحال أوقع النازحون بين خيارات أحلاها مُرّ، بين أعباء الرحيل إلى الشمال والانخراط بأسعار إيجارات لا تقبلها عقول الكثيرين، أو السكن في منزل ضمن المناطق التي تتعرض للقصف في مواجهة مع الموت من حقد الغارات والبراميل المتفجرة والمنزل الذي لا يقف أمام قوة تدميرها، فيما وجد البعض من ضعفاء الحال حلاً وملاذاً آمناً لجأت إليه العديد من العائلات التي رفضت الخروج من القرى والبلدات بعد عمليات التصعيد الأخيرة، فمن الجبال والتلال الصخرية تتخذ هذه العائلات مكاناً لإقامتهم عبر حفر المغر واستخدام الكهوف القديمة، مفضلين السكن بها على النزوح وتحمل اعبائه والإبتعاد عن بلداتهم، فضلاً عن مستوى الأمان فيها فما صنعه الرومان في العصور الساحقة استخدمه أبناء سوريا في القرن 21، فهذا النوع يقدم مستوى أمان عالي بسبب نحتها في أماكن صخرية قاسية لاتتأثر بأي نوع من القذائف المألوفة، وبسبب اقبال المواطنين على السكن في تلك المغر لما تقدمة من ميزات اضطروا إلى حفر ملاجئ أرضية بالقرب من المنازل وكذلك حفر مغر جديدة على أطراف الجبال والتلال الترابية، وتعد مناطق جبل الزاوية أكثرها استخداماً بسبب طبيعة المنطقة وكثرة الكهوف الأثرية ومقابر الموتى البيزنطية والرومانية كما في مناطق جبل الاربعين في أريحا وجبل شحشبو في ريفي إدلب وحماة

ويقدر عدد العائلات التي تسكن المغر والكهوف بالمئات، رغبوا البقاء بالقرب من أراضيهم و مراعي ماشيتهم وتقطعت بهم السبل للوصول إلى سكن أفضل، وتكمن الخطورة في صحة هذه المساكن، التي تتخذها الحشرات والأفاعي مسكناً منذ أن هجرها الإنسان وكذلك المشاكل الصحية الناتجة عن الرطوبة والغبار التي تسبب عادةً أمراض تنفسية، والأهم انها تكون هدفاً لرصد طائرات الإستطلاع كونها تتشبه في طبيعة المشافي الميدانية والمقرات العسكرية المخفية، مما يعرضهم لخطر أكبر، كما أن فصل الشتاء القادم الذي يحول الطرقات الترابية الى طين ويسبب فيضانات من حولهم و يصعب المسير فضلاً عن البرد الشديد وعدم قدرتهم على إشعال المدافئ داخل الكهف أو المغارة بسبب ادخنتها التي ترصدها طائرات الاستطلاع، وبسبب بعدها عن الأماكن السكنية يعاني سكان هذه الكهوف صعوبات بالغة في الحصول على جميع متطلبات الحياة اليومية من مواد غذائية كالخبز والخضار وغيره، و مياه الشرب والكهرباء والدواء، وذلك بسبب خلو المناطق بشكل شبه تام من سكانها، وإغلاق الأسواق، مما يجبر هذه العائلات على قطع مسافات طويلة باتجاه الشمال حتى تتمكن من الحصول على المستلزمات اليومية، و بينما يتطور سكان العالم من حولنا، في البنيان والسكن، أهالي سوريا يعودون إلى العصور الحجرية بفضل آلة الحرب الدموية والطائرات التي مازالت تحلق في أجواء المناطق التي تسيطر عليها المعارضة وتلقي حممها على المدنيين.