بعد ارتفاع أسعار المواد الغذائية.. نقص حاد في مواد التدفئة البديلة في شمال غرب سورية 

57

تعاني أسواق منطقة إدلب وريفها منذ عدة أيام من نقص حاد في معظم أنواع مواد التدفئة البديلة المستخدمة من قبل سكان مناطق الشمال السوري منذ عدة سنوات، بسبب غلاء المحروقات لحد كبير جداً، حيث تعاني الأسواق من نقص في كميات قشور الفستق الحلبي وقشور البندق والبيرين وسط ارتفاع كبير طرأ على الأسعار خلال الأيام القليلة الماضية، تزامنًا مع منخفض جوي وطقس شديد البرودة يضرب المنطقة.
ورصد نشطاء المرصد السوري نفاد شبه تام لقشور الفستق الحلبي والبندق والبيرين في مناطق الدانا ودير حسان وكفرلوسين وسرمدا المكتظة بمخيمات النازحين، وإن وجدت في عدد محدود من المحلات فهي بأسعار مرتفعة جداً، حيث زادت الأسعار الحالية بنسبة 30 بالمئة عن سابقها مما تسبب بمعاناة المدنيين ولاسيما النازحين لحاجتهم الضرورية لهذه المواد في ظل استمرار المنخفض الجوي لليوم الرابع على التوالي وتدني درجات الحرارة.
كما رصد المرصد السوري أسعار بعض مواد التدفئة التي تشهد نقصاً في كمياتها ضمن أسواق إدلب وريفها، حيث وصل سعر كيلو قشور الفستق الحلبي لنحو 4.4 ليرات تركية، ما يعادل 295 دولار أمريكي للطن الواحد، فيما وصل سعر كيلو قشور البندق لنحو 3.50 ليرات تركية، ما يعادل 235 دولار أمريكي للطن الواحد، كما وصل سعر كيس الفحم الحجري بوزن 50 كيلو لنحو 160 ليرة تركية، وسعر كيس البيرين بوزن 50 كيلو لنحو 180 ليرة تركية.
وعن أسباب شح مواد التدفئة البديلة في الأسواق وغلاء أسعارها لحد كبير يتحدث في شهادته للمرصد السوري ( أ.أ) وهو أحد تجار مواد التدفئة البديلة في بلدة أرمناز في ريف إدلب الشمالي قائلاً، أن هناك عدة عوامل أدت لنقص مواد التدفئة البديلة وارتفاع أسعارها، من بين أبرز هذه العوامل هو تراجع الاستيراد من قبل المستوردين الأساسيين من تركيا عبر معبر “باب الهوى” لارتفاع تكاليف النقل والتخزين والضرائب وغيرها من الأسباب.
ويتابع، فبسبب تراجع الاستيراد ونفاد الكميات الموجودة لدى المحلات التي تبيع للمستهلك بشكل مباشر أصبح هناك نقص كبير، فعندما يذهب التاجر للمستورد الأساسي يطلب كمية كبيرة من القشور فإن المستورد يبيعه بسعر كبير وللتاجر أيضاً حق في رفعه أيضاً لكسب الأرباح وبالتالي نتج عن ذلك ارتفاع كبير بالأسعار، وكل هذه المعضلة أساسها هو تراجع الاستيراد من تركيا.
مضيفاً، أن هناك أسباب أخرى مثل عدم استقرار قيمة الليرة التركية مقابل الدولار الأمريكي، وغلاء المحروقات وسوء الأحوال الجوية وانعكاسات الأزمة الاقتصادية في كل من تركيا والشمال السوري بسبب الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، ومع ذلك تجري حالياً محاولة استيراد كميات مناسبة من مواد التدفئة من تركيا بسبب الطلب المتزايد عليها من قبل السكان في الشمال السوري.
ويوضح أنه لم يحتكر مواد التدفئة التي وصلته لكنها نفذت منذ عدة أيام بسبب الطلب الكبير عليها وهذا ما يحصل لدى معظم المحلات فغالبيتها انهت بيع كل ما لديها من كميات مع وجود بعض المحتكرين بكل تأكيد لكن المشكلة ليست بسبب الاحتكار ” على حد تعبيره”
ومن الجانب الآخر يرى المدنيون أن التجار هم السبب الأساسي لحدوث هذا النقص الكبير في مواد التدفئة البديلة وأن غالبيتهم يحتكرونها بهدف بيعها عند اشتداد البرد على غرار أزمة السكر قبل عدة أيام.
ففي حديثه للمرصد السوري يقول ( أ.م) وهو نازح من ريف حماة الغربي مع أسرته في أحد مخيمات منطقة دير حسان في ريف إدلب الشمالي، التجار يتابعون النشرات الجوية وأخبار المنخفض الجوي الذي يضرب المنطقة منذ عدة أيام ويقومون باحتكار مواد التدفئة البديلة، والتجار يعلمون أن غالبية السكان اتجهوا مؤخراً لاستخدام مدافئ قشور الفستق الحلبي وسيقومون بشراء القشور مهما كان سعرها بسبب البرد الشديد، لذلك يتعمدون ذلك للتحكم بالأسعار ورفعها لحد كبير.
ويضيف، أن غالبية العائلات لم تدخر كميات كبيرة من القشور في منازلها أو خيامها منذ بداية فصل الشتاء وذلك بسبب عدم توفر مبلغ لشراء كمية كبيرة دفعة واحدة فهم يفضلون الشراء بالكيس وبكميات قليلة متى ما توفر معهم مبلغ من المال، لذلك تفاجأ الجميع بارتفاع الأسعار مؤخراً وسط حاجتهم الماسة لمواد التدفئة.
ويشير لعدم حصول غالبية المخيمات على مساعدات مقدمة من قبل المنظمات الإنسانية والتي كان يفترض بها أن تقدم مواد تدفئة للعائلات النازحة في المخيمات لمساعدتهم على تحمل برد الشتاء وقسوة الأحوال المعيشية والمادية التي يعانون منها، مما زاد من الأعباء على كاهل العائلات النازحة في المخيمات بشكل خاص وعدم قدرتها حالياً على شراء مواد التدفئة حتى إن وجدت بسبب أسعارها الكبيرة جداً.
ويدعو التجار لمساعدة المدنيين في هذا المنخفض الجوي وأن يبذلوا جهدهم في توفير هذه المواد بأسعار مناسبة، كما ويناشد المنظمات الإنسانية أن تقدم المساعدات الضرورية للنازحين الذين انهكهم غلاء الأسعار وسط استمرار معاناتهم في المخيمات التي تفتقر لأبسط مقومات الحياة.
كما تستمر أزمة غلاء عدة مواد تموينية في مناطق إدلب وريفها مثل السكر والطحين والزيت النباتي وسط نقص حاد في أسواق إدلب وريفها في هذه المواد، رغم وعود حكومة الإنقاذ في إدلب بتحسن الأوضاع وتوفير مادة السكر وبأسعار مناسبة للمدنيين، حيث أصدرت بتاريخ السبت 26 شباط/ فبراير قراراً حددت فيه سعر مبيع كيلو السكر للمستهلك بسعر 90 سنت من الدولار الأمريكي، لكن نقص كمياته في الأسواق واحتكاره من قبل بعض التجار أدى لارتفاع سعر الكيلو الواحد في بعض المناطق لنحو 20 ليرة تركية.
وتشهد مناطق الشمال السوري منذ مساء يوم الخميس 10 آذار/ مارس الجاري منخفضاً جوياً وتدني كبير في درجات الحرارة، حيث ضربت المنطقة خلال الأيام القليلة الماضية عاصفة هوائية شديدة ترافقت مع هطولات مطرية وتساقط الثلوج ما تسبب بأضرار كبيرة في مخيمات النازحين، وتسبب انخفاص درجات الحرارة لزيادة حاجة المدنيين في الشمال السوري لمواد التدفئة البديلة والتي تستخدم كبديل عن المحروقات منذ عدة سنوات.
وتحتكر شركة “وتد للبترول” المتهمة بتبيعتها “لهيئة تحرير الشام” جميع أنواع المحروقات في مناطق إدلب وريفها وتتحكم بأسعارها، حيث وصلت أسعار المحروقات مؤخراً لحد كبير جداً مقارنة بأسعارها قبل نحو شهرين، وبحسب الشركة فقد وصل سعر لتر البنزين لنحو 17 ليرة تركية بينما وصل سعر لتر المازوت لنحو 15 ليرة تركية، وإسطوانة الغاز وصل سعرها لنحو 188 ليرة تركية.