بعد خمسة أعوام على تحرير الرقة “عاصمة دولة الخلافة”.. إعادة الإعمار “آيل للسقوط”

56

شهدت مدينة الرقة العاصمة السابقة لـ “دولة الخلافة” دمارًا واسعًا بالبنى التحتية والسكنية والجسور والمرافق العامة والصحية بلغت مايقارب 80٪ على خلفية العمليات العسكرية التي شهدتها المدينة إبان سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” عليها وجعلها عاصمة لخلافته المزعومة
وأطلقت المؤسسات الرسمية والمنظمات الدولية مشاريع عمرانية لإعادة الإعمار وسط زخم إعلامي أمام الرأي العام، لكن بالمقابل فوجئ السكان المحليون الذين تضررت بناهم السكنية في أحياء المدينة بالمشاريع التي حملت عناوين “إعادة العمران” إلى إقامة منتزهات وحدائق عامة وأماكن رمزية بتكلفة باهضة تصل لمئات آلاف الدولارات كـ “دوار النعيم – حديقة الرشيد – الحديقة البيضاء” وإقامة رسومات على جدران المدينة المهدمة تحت شعارات رنانة “الرقة بيت السوريين”
المجلس المدني بدوره إستطاع إعادة إعمار جسر المنصور القديم وإعادة تأهيل عدد من المدارس والبنى التحتية والجسور على القنوات الرئيسية والفرعية لكن تلك المشاريع لم تشمل ترميم المنازل أو تعويض أو المساهمة في إعادة إعمار منازل المدنيين المهدمة
بالمقابل استطاع بعض سكان المدينة من ميسوري الحال من إعادة ترميم منازلهم وبناءها من جديد بالإضافة للفعاليات التجارية التي شيدت الأسواق والمحلات من جديد في ظل غياب أي دعم من المنظمات سوى بعض المناطق في أحياء “القطار ونزلة شحادة والدرعية” من قبل أحد البرامج المدعومة أوربيًا بين عامي “2019_2020”.
“أبوهاني” رجل خمسيني وهو موظف في إحدى المنظمات بدور حارس ليلي تحدث للمرصد السوري، تعرضت منطقتنا في حي الفرات لضربات جوية متعددة بعد خروجنا من الرقة 2017 وتهدم أكثر من 15 منزلا بالحي الذي يقع جنوب المدينة، الميسورين حالاً استطاعوا إعادة إعمار منازلهم أما نحن من الموظفين والطبقة محدودة الدخل لجأنا إلى الإيجار كون منزلي مهدم على الأرض وبالرغم من أن راتبي الشهري يبلغ 300 دولار إلا أن تكلفة البناء باهظة جداً
وبحسب مصادر المرصد بالرقة فإن أسباب ارتفاع أسعار مواد البناء يعود إلى قيام الإدارة الذاتية ، بفرض “رسوم جمركية باهظة” على المواد المستوردة من خارج مناطق سيطرتها كـ شمال العراق أو تركيا أو مناطق النظام و ارتفاع تكاليف الإنتاج المحلي من مواد البناء ورداءة جودتها “المعادن المعاد تدويرها وفق ورشات بدائية” مقارنة بالمواد المستوردة،

وبحسب مصادر المرصد السوري في الرقة، فقد بلغ سعر طن الحديد المستورد حوالي 900 دولار أمريكي، في حين بلغ سعر طن الحديد المحلي أو المستعمل حوالي 700 دولار أمريكي و بلغ سعر الطن الواحد من الإسمنت حوالي 90 دولار أمريكي، بينما يباع طن الإسمنت في السوق السوداء بمبلغ يتعدى حاجز الـ 100 دولار أمريكي.
بالرغم من ذلك فقد شهدت المدينة مشاريع أبنية سكنية جديدة في قطاعات مختلفة من الأحياء، لكن الأسعار المطروحة للبيع وفق نظام الطوابق الشاقولية” 7″طوابق قد تفوق قدرة وإمكانيات الشريحة الأكبر من الأهالي، حيث يبلغ سعر الشقة في المناطق الشعبية “رميلة – حي الكويتي – الدرعية – حي الفرات” 14 ألف دولار ذات المساحة 150 متر، بينما ترتفع الأسعار في أحياء “الوادي – المنصور – شارع النور – الفردوس” إلى مايزيد عن 22 – 25 ألف دولار بحسب طبيعة المكان وقربه من مركز المدينة
“خليل محمد” متعهد بناء من الرقة تحدث للمرصد السوري: تجار مواد البناء ومن خلال قيامهم باحتكار بعض هذه المواد وبيعها بأسعار مضاعفة عن السعر الذي حددته الإدارة الذاتية، جعل حركة البناء في مدينة الرقة تعاني من تكلفة باهظة في تشييد أي مشروع سكني، مما إنعكس وبالاً على حركة بيع وشراء الشقق السكنية
وتابع محمد لم تسيطر المؤسسات الرسمية على التجار وامتناعها عن محاربة ظاهرة الفساد المستشري داخل المؤسسات التابعة لها، والذي أدى إلى عدم وجود تسعيرة نظامية لأغلب مواد البناء التي تباع في الأسواق.

وبحسب ناشطي المرصد السوري، فإن عدم وجود منظمات دولية تساعد على إعادة إعمار المنازل المتضررة في الرقة، جعل الأهالي يعتمدون على أنفسهم في ذلك، بالإضافة لفرض ضرائب مرتفعة على من يود إعادة إعمار منزله من نقابة المهندسين، وأيضا من أجل المخططات والفحوص الميكانيكية وغيرها من الضرائب.