بعد سرقة المضخات وقصف البنى التحتية.. مشروع سهل الروج خطوة للاكتفاء الذاتي في إدلب

58

مع بداية الثورة السورية عمدت قوات النظام السوري إلى استهداف البنى التحتية والمنشآت المهمة والضرورية لحياة المدنيين ومنها كان استهداف مضخات المياه الصالحة للشرب ومياه السقاية للأراضي الزراعية، إضافة إلى سرقة المعدات من قبل الفصائل العسكرية، ما وقف عائقاً أمام المزارعين لفترة طويلة، وكان لمنطقة “سهل الروج” في ريف إدلب الغربي نصيباً من توقف مضخات المياه عن الأراضي الزراعية في “سد البالعة” الذي توقف عن العمل منذ العام 2013 ليعاد تفعيله من جديد وعودة الأمل لدى الكثير من المزارعين في تحسن الزراعة.
وبدأت “حكومة الإنقاذ” في إدلب مؤخراً بمشروع ضخ مياه “عين الزرقا” إلى “سد البالعة” في منطقة منطقة سهل الروج عبر تجهيز عدد من المضخات، ويهدف المشروع لعودة المياه إلى السد من جديد ومساعدة المزارعين وتمكنهم من زراعة المزروعات التي تحتاج لكميات وفيرة من المياه مثل “القطن” و”الشمندر”، حيث نشرت افتتحت “وزارة الزراعة والري” التابعة “لحكومة الإنقاذ”مشروع ضخ المياه لمنطقة “سهل الروج” بحضور قائد “هيئة تحرير الشام” “أبو محمد الجولاني” ورئيس “حكومة الإنقاذ” وعدد من الفعاليات والشخصيات.
وعن أهمية عودة المياه “لسد البالعة” يتحدث المهندس الزراعي (م.ب) للمرصد السوري لحقوق الإنسان قائلاً، يغطي “سد البالعة” مساحات واسعة من الأراضي الزراعية تشمل معظم أراضي منطقة سهل الروج، ويوجد مصدرين للمياه في المنطقة وهما “سد البالعة” والمضخات الموجودة بمنطقة “عين عري”، وبحال نجاح المشروع ووجود ضخ مناسب للمياه للسد فسيكفي لسد حاجة مساحات واسعة تقدر ما بين 10 إلى 12 ألف هكتار من الأراضي الزراعية.
مضيفاً، يمكن استثمار هذه الأراضي الزراعية والاعتماد عليها للاكتفاء الذاتي من المنتجات الزراعية للمنطقة بشكل عام، في حال روت هذه الأراضي الزراعية بالمياه بشكل جيد فسيتحقق هدفين، فأولاً ستزيد كميات الإنتاج الزراعي من المزروعات الحالية كالقمح مثلاً الذي ينتج الدونم الواحد منه حالياً حوالي 350 كيلو غرام ولكن بحال اكتفت الأراضي الزراعية من المياه بشكل جيد فسيزيد إنتاجه لحد 500 كيلو، كذلك ستزيد أحجام الثمار وعدد مرات قطاف بعض الأنواع مثل “البندورة” التي تقطف مرة أو مرتين خلال المواسم حالياً فقط أما بعد وصول المياه بشكل جيد فسيزيد الإنتاج الزراعي وكميته بشكل أكبر، وثانياً سيتمكن المزارع من زراعة أنواع من المزروعات غابت منذ فترة طويلة عن المنطقة مثل القطن والشمندر.
كما ويلفت إلى أهمية أخرى وهي الصناعات الغذائية التي سيفتح لها المجال بشكل أوسع بحال توفرت المياه مثل افتتاح معامل للسكر وستحقق المنطقة اكتفاء ذاتي وانتعاش في هذا الجانب، وبشكل عام يعد هذا المشروع مفيد جداً بالنسبة للمنطقة، وقد عملت عليه مؤسسة “الموارد المائية” التابعة “لحكومة الإنقاذ” بالتعاون مع منظمات محلية وتم ضخ المياه بداية بشكل تجريبي لمدة خمس ساعات بعد تعزيل القنوات وإيصال التيار الكهربائي.
موضحاً بأنه في الوقت الراهن الضخ ضعيف نسبياً ولكن يجري العمل على استكمال المشروع وبحال كان هناك ضخ جيد لاسيما خلال فصل الشتاء وامتلاء السد بالمياه فسينعكس ذلك إيجاباً على القطاع الزراعي وستحقق المنطقة الاكتفاء الذاتي من عدة منتجات زراعية وصناعات.
وتشتهر منطقة سهل الروج في ريف إدلب الغربي بتنوع المحاصيل الزراعية فيها لخصوبة الأراضي فهي تعد السلة الغذائية للمنطقة لاسيما من الخضار كالباذنجان والبندورة والخيار والبصل إضافة للقمح والشعير والبازلاء، ويعتمد المزارعون في سهل الروج على قربه من الينابيع وحوض العاصي، أما “سد البالعة” فهو من بين أهم المشاريع المائية في المنطقة بسعة تبلغ 14 مليون متر مكعب، كما يعتمد المزارعون على الآبار الجوفية التي توجهوا لحفرها بعد سنوات الثورة السورية وإغلاق السدود والمشاريع المائية نتيجة القصف الذي تعرضت له المنطقة وعمليات التخريب والسرقة التي طالت المحطات مثل محطة “عين الزرقاء” التي تعرضت للتفكيك والسرقة من قبل فصائل المعارضة المسلحة خلال السنوات الأولى من عمر الثورة السورية.
وقد عانى المزارعون في منطقة سهل الروج في ريف إدلب الغربي منذ عدة سنوات من صعوبات عديدة تعيق عملهم وقد تسببت هذه الصعوبات بعزوف البعض منهم عن الزراعة والبحث عن مهنة أخرى، وفي حديثه مع المرصد السوري لحقوق الإنسان يقول المزارع (م.ع)، تقتصر حالياً الزراعة في منطقة سهل الروج بشكل أساسي على القمح وفي الدرجة الثانية تأتي الخضار والأشجار المثمرة، في السابق كانت وفرة الماء تمكن المزارعين من زراعة الخضار بجميع أنواعها إضافة للشمندر والقطن والبطيخ بكميات كبيرة.
ويضيف، أهم ما يواجه المزارعون هو تكلفة الزراعة من أسعار المحروقات والأسمدة والبذور والمبيدات الحشرية فالزراعة الآن لم تعد تدر أرباحاً ولم تعد مصدر دخل جيد للمزارعين ما جعل الكثير يتوقف عن الزراعة، وبالنسبة لأهمية وصول المياه فهذا سيخفف العبء قليلاً بالنسبة للري الذي يعتمد الآن على المحروقات، ثم سيعطي المجال لزيادة كمية المواسم، ويأمل المزارعون أيضاً أن لا يتم فرض رسوم مالية مقابل إيصال المياه فهذا سيكون عائقاً جديداً.
ويطالب بمزيد من الدعم للمزارعين والاهتمام بهم من توفير المواد الأولية وبأسعار مناسبة ثم توفير أسواق للتصريف بأسعار جيدة وتقديم المساعدة للمزارع من جميع النواحي حتى يستمر في مهنته التي تعد الأساسية والأكثر أهمية بالنسبة لحياة المنطقة وخصوصاً أن منطقة سهل الروج تعد المنطقة الأشهر زراعياً والتي تقدم جميع أنواع المحاصيل الزراعية رغم كل الصعوبات التي تواجه الزراعة.
ويبلغ عدد بلدات وقرى منطقة سهل الروج في ريف إدلب الغربي نحو 50 بلدة وقرية مثل، كنيسة بني عز، عدوان، البالعة، الغفر الجنوبي، محمبل، عقربات، المعزولة، حيلا،الشيخ يوسف، ملس،عرة الشمالية، الكريز،عين الحمرا،كفرميد،بفطامون،حلول، العراقية، الحمو، النحل،أبو زبير،بسليا، كفروحين، الشيخ علي، القنيطرة، الصحن،صراريف، جنة القرى، شاغوريت، كبته، ويعتمد سكانها بالدرجة الأولى على الزراعة كمصدر دخل أساسي لهم ثم على تربية المواشي وتجارتها.
ويجدر بالذكر بأن مناطق إدلب وريفها الخاضعة لسيطرة “هيئة تحرير الشام” تعاني من ارتفاع دائم في أسعار الخضار والفواكه رغم وجود مناطق زراعية شاسعة، ويعود السبب في هذا الارتفاع لتحكم السلطات المحلية بالأسواق وفرض الضرائب على الحركة التجارية والمزارعين والمحلات إضافة لغلاء أسعار المحروقات والمواد الأساسية للزراعة.