تحت غطاء قرار “الحجز الاحتياطي”.. النظام السوري يواصل معاقبة معارضيه باستملاك عقاراتهم في مناطق الحراك الثوري

47

 

من أقصى شمال سوريا حتى إلى جنوبها وشرقها وغربها، لا يزال النظام السوري يتبع  أبشع الأساليب من خلال قيامه بمعاقبة المعارضين والرافضين لحكمه وقبضته الأمنية، ممن لم تتمكن أجهزته الأمنية من اعتقالهم وزجهم في سجونها ومعتقالاتها أو قتلهم بالبراميل المتفجرة والصواريخ، وذلك من خلال مصادرة ممتلكات المدنيين المقيمين خارج مناطق سيطرته ومنهم مقيمين ضمن مناطق سيطرته، في محاولة  لشرعنة السرقة بطريقة قانونية من خلال قرار الرقم 10 المعروف “الحجز الاحتياطي” حيث شهدت الآونة الأخيرة تصاعد في حالات الحجز على أملاك المعارضين، في أحياء حلب الشرقية و في محافظة حماة وحمص ودمشق ومناطق من ريفها، فضلًا عن قيام أجهزة النظام الأمنية بمناطق عدة بمصادرة الممتلكات التي صدر بحق أصحابها القرار رقم 10 وقيامهم بطرد العوائل أو أصحابها منها ومن ثم إغلاقها أو توطين موالين لهم داخلها.
الشاب(م.ع) من منطقة جبل شحشبو في ريف حماة الغربي، اشترى قبل بداية الاحتجاجات في سوريا شقة سكنية في مدينة حماة، للسكن فيها والزواج بعد إكمال دراسته الجامعية هناك، ومع بداية الحراك الثوري في سوريا عاد إلى منطقته وشارك في المظاهرات، ولم يعد إلى مدينة حماة مرة أخرى، ويقطن حاليًا في أحد مخيمات منطقة دير حسان في ريف إدلب الشمالي، في حديثه”للمرصد السوري” يقول: أنه غادر مدينة حماة في العام 2013، وفي العام 2019، حاول للمرة الأولى بيع شقته هناك بهدف افتتاح مشروع في منطقته، لكنه تفاجئ بوجود حاجز عسكري بالقرب من مبنى شقته، وتواصل مع شخص هناك يعمل في مجال بيع وشراء العقارات، وأخبروه بأنه يمنع بيع الشقة إلا بحضوره شخصيًا ليقوم بنقل ملكيتها للمشتري، وعليه زيارة عدد من الدوائر الحكومية.
مضيفًا: أنه امتنع عن فكرة البيع بسبب عدم قدرته على الذهاب لمناطق سيطرة قوات النظام، خوفًا من الاعتقال بعد مشاركته في أحداث الثورة السورية والمظاهرات وتخلفة أيضًا عن الخدمة الإلزامية، في حين طرح الشاب قضية بيع الشقة السكنية على عدد من معارفه ضمن مدينة حماة، وقام بتوكيل أحدهم ليستفسر عن إمكانية بيع الشقة التي تبلغ قيمتها حالياً أكثر من 25 ألف دولار أمريكي.
 ويؤكد (م.ع) أخيرًا أن المعلومات التي وصلته حول إمكانية بيع الشقة، أنها أصبحت مستحيلة لأنها مصادرة بموجب قرار “الحجز الاحتياطي” وتعتبر من أملاك الدولة، بسبب غيابه عنها لوقت طويل وعدم تقديم أوراق تثبت ملكيته لها، إضافة إلى تخلفه عن تأدية الخدمة الإلزامية.
بدوره قال المحامي (ف.م) لـ”المرصد السوري” أن مصادر ممتلكات المعارضين للنظام غير قانونية وتعد انتهاكًا بحقهم، إذ لا توجد مادة في الدستور السوري تبيح مصادرة ممتلكات من تخلفوا عن تأدية الخدمة الإلزامية أو تمنعوا عن دفع البدل المالي، ومن جهة أخرى لا يوجد مبرر قانوني أيضاً لمصادرة ممتلكات معارضين للنظام في أي دولة بالعالم.
مشيرًا: أن هذا الإجراء يأتي فقط في إطار سعي النظام لمعاقبة معارضيه بعد أن عجز عن اقناعهم بالعودة لما يسميه “حضن الوطن” بهدف اعتقالهم أو سوقهم لجبهات القتال.
وكان النظام السوري قد أصدر بتاريخ 2 نيسان/ أبريل من العام 2018، القرار رقم 10، والذي تمت بموجبه مصادرة الكثير من الممتلكات تعود ملكيتها لمدنيين معارضين للنظام في عدد من المحافظات والمدن السورية، وشملت المصادرات منازل سكنية ومحلات تجارية وأراضي زراعية.
بدوره قال المواطن (د.أ) لـ”المرصد السوري”، وهو من سكان قرية بسيمة في وادي بردى، أن قرار الحجز الاحتياطي صدر بحق أملاكه المنقولة والغير منقولة منذُ نحو 4 أعوام، بتهمة “تمويل الإرهاب” رغم عدم مشاركته بأي من الحراك العسكري واقتصر الأمر على مشاركته ببعض المظاهرات التي خرجت في سنوات الثورة الأولى للمطالبة بالحرية وإسقاط النظام، إلا أن قرار الحجز شمله، وهو لايزال يتواجد في إحدى المناطق المجاورة لقرية بسيمة بريف دمشق، وحاول عدة مرات بيع بعض من أملاكه، إلا أن قرار “الحجز الاحتياطي” وقف عائقًا أمامه دون أن يتمكن من بيع أي شيء والتصرف بأملاكه، ويتخوف (د.أ) من أن تقوم أجهزة النظام الأمنية بوضع يدها على ممتلكاته وجلب أشخاص موالين أو ضباط وتوطينهم بها على غرار ما حصل بمناطق في الغوطة الشرقية، من خلال قيام أجهزة النظام الأمنية بتوطين ضباط وعناصر من الساحل السوري بمنازل مدنيين صدر بحق أملاكهم قرار الحجز الاحتياطي.
المواطن (خ.ر) من سكان حي الوعر في حمص، قال للمرصد السوري لحقوق الإنسان: لدي شقة وثلاثة محال تجارية، غير قادر على بيعهم ولا أحد يقبل على شرائهم، صدر بحق ممتلكاتي قرار حجز احتياطي منذ عام 2016 كوني شاركت في الحراك السلمي في بعض أحياء حمص القديمة في بدايات الثورة السورية، ويضيف: أنه متخوف من أن تقوم الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري باستملاك عقاراته بشكل كامل وبيعها في مزاد، واختتم بالقول أنه تحدث إلى محاميين وضباط في النظام في محاولة منه إلغاء الحجز على أملاكه، ولكن دون جدوى.
وفي أواخر العام المنصرم، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان، إلى أن قوات تابعة للفرع “277” المعروف بـ”الأمن العسكري” ضمن قوات النظام، عمدت إلى استملاك عدد كبير من المنازل في مناطق كل من “سقبا – كفربطنا – حمورية – بيت سوا – جسرين – عين ترما – زملكا” في غوطة دمشق الشرقية.
وفي التفاصيل التي حصل عليها المرصد السوري من مصادر أهلية داخل الغوطة الشرقية، فإن دوريات تابعة لفرع “الأمن العسكري” برفقة أشخاص موظفين في الدوائر الحكومية التابعة للنظام، ذهبوا إلى أكثر من “100” منزل في المناطق آنفة الذكر من الغوطة الشرقية، وقاموا بطلي أبواب المنازل بعبارات كُتب عليها “محجوز لصالح الفرع 277” وتحدثوا مع قاطني تلك المنازل بضرورة إخلائها خلال مدة أقصاها أسبوع واحد فقط، وبحسب مصادر المرصد السوري، فإن جميع المنازل التي جرى ويجري استملاكها، عائدة لأشخاص أُصدر بحقهم قرار “الحجز الاحتياطي” على كافة ممتلكاتهم، منهم من هُجر إلى الشمال السوري أو متواجد في دول اللجوء، ومنهم متواجد في سجون النظام.
يذكر أن رئيس فرع البدل والإعفاء في قوات النظام العميد” إلياس بيطار” قال مطلع شباط/ فبراير 2021 ، حول نية النظام مصادرة جميع ممتلكات كل من يبلغ سن 42 عاماً ولم يؤدي الخدمة الإلزامية، وتشمل الجميع سواء كان يقطن خارج سوريا أو داخلها، أو “الحجز الاحتياطي” على ممتلكات ذويه بحال لم يكن لديه ممتلكات، بموجب قرار يصدر عن “مديرية التجنيد” كما أشار إلى ضرورة خضوع جميع المكلفين لتأدية “خدمة العلم” أو دفع بدل يقدر بنحو ثمانية آلاف دولار أمريكي.