“تحليل المحرمات بالمال”.. أسلوب لفرض الإتاوات على المدنيين في مناطق نفوذ هيئة تحرير الشام 

46

 

تفرض هيئة “تحرير الشام” الإتاوات والضرائب على المدنيين بذرائع متنوعة ومختلفة في سبيل جمع الأموال على حساب قوت يومهم، حتى وصل بها الحال في الآونة الأخيرة لفرض أتاوات على أفعال كانت في السابق تحرمها على المدنيين، انطلاقًا من إقامة الأفراح والحفلات الموسيقية، وشرب “الأركيلة” وغيرها من الأفعال الأخرى التي كانت تحرمها فيما سبق، حيث باتت تشرعها، ورصد “المرصد السوري” توجه أصحاب المقاهي والمطاعم والمسابح  إلى “ترخيص الأركيلة” لتقديمها للزبائن، وتنتشر العديد منها التي باتت حالياً مرخصة بشكل فعلي في عدد من المدن والبلدات الرئيسية وبلغ عددها نحو  24 موقعًا، تتوزع على النحو التالي، في مدينة إدلب 5 مطاعم ومقاهي ومسابح، في منطقة دير حسان نحو 8، و6 في بلدتي كفر تخاريم وأرمناز، وفي بلدة سلقين استراحة واحدة، وفي بلدتي الدانا وسرمدا 4 مطاعم ومقاهي ومسابح، بينما لا تزال تستمر حركة “ترخيص الأركيلة” جارية.
وتتراوح تكلفة الترخيص ما بين 200 إلى 500 دولار أمريكي، يتم دفعها لما يعرف بـ”وزارة الاقتصاد والموارد” التابعة “لحكومة الإنقاذ” بواسطة بعض القياديين في “هيئة تحرير الشام” أو بواسطة مسؤولين في “حكومة الإنقاذ” وبالرغم من سريان عملية الترخيص إلا أن “تحرير الشام” تحاول التكتم وعدم الإعلان بشكل رسمي على غرار القرارات التي تصدر، وهذا ما يفسر عدم وجود أعداد كبيرة مرخصة “للأركيلة” من المطاعم والمقاهي والمسابح، بسبب القيام بعملية الترخيص بشكل سري ولأشخاص معينين لديهم “واسطة”، وبات يعرف بين من المدنيين ما يسمى “بتصريح الأعراس” التي يتخللها الآلات الموسيقية والغناء وغيرها، وبدأ أيضاً عمليات ترخيصها من قبل بعض ممن يرغبون بإقامتها بشكل علني، ويقدر تكلفة ترخيصها والسماح بها بما يقرب 50 دولار أمريكي.
وكانت تعتبر “تحرير الشام” هذه السلوكيات ( محرمة شرعًا ) وتعاقب فاعليها بعقوبة قد تصل للسجن ومصادرة المعدات، فبحسب ما أكدت مصادر محلية لـ”المرصد السوري” فإن فعلها كان يترتب عليه رد صارم من قبل “تحرير الشام” كما حدث في حفل زفاف الشاب ( أ.ر ) في الشهر تموز/ يوليو العام الفائت 2020، حيث تمت مداهمة الحفل في بلدة سلقين في ريف إدلب الشمالي، واعتقال “العريس” وعدد من أقاربه، ومصادرة معدات موسيقية، بذريعة تحريمها شرعاً، وتم الإفراج عنهم بعد ساعات وإيقاف الحفل بعد تدخل وساطات، كما كانت تصل عقوبة صاحب أي مطعم أو مقهى يقدم “الأركيلة” للزبائن للاعتقال ومصادرة معدات المطعم، وقد تصل لحد إغلاقه بشكل كامل.
الشاب ( ع.م) نزح من بلدته “قلعة المضيق” في ريف حماة الغربي، واستقر به الحال في منطقة”دير حسان في ريف إدلب الشمالي، فقام مؤخراً بافتتاح مشروع “مسبح ومنتزه” ويحاول “ترخيص الأركيلة” لزيادة أرباحه، متوجهاً لأحد القياديين في “تحرير الشام، وفي حديثه”للمرصد السوري” يقول: أنه وبعد انهاء مشروعه وبعد الإقبال على المسبح من قبل المدنيين مع ارتفاع درجات الحرارة، بدأ الطلب على الأركيلة من قبل زبائنه.
مضيفاً، أنه بدأ يحاول الترخيص عن طريق قيادي على معرفة به، والذي طلب منه مبلغ 600 دولار أمريكي لإخراج ترخيص رسمي لمسبحه والسماح له بتقديم “الأركيلة” للزبائن، وبسبب عدم توفر المبلغ لديه قام بتأجيل الترخيص في الوقت الحالي.
بدوره تحدث( خ.م) وهو صاحب أحد المقاهي في مدينة “كفرتخاريم” في ريف إدلب الشمالي عن طريقة الترخيص قائلاً: أنه دفع مبلغًا يقدر بـ 300 دولار أمريكي، لأحد موظفي “حكومة الإنقاذ”، والذي قام بدوره بعد عدة أيام بمنحه ترخيصًا موقعًا من قبل مديرية التموين، يعطيه الحرية في تقديم “الأركيلة” للزبائن على أن يكون في قسم مخصص من المقهى، وعدم وجود اختلاط بين الرجال والنساء.
ويؤكد ( خ.م) أن أرباحه بدأت تتزايد بسبب الإقبال على المقهى من فئة الشباب، ومؤكدًا أن هناك عناصر تابعين “لتحرير الشام” يقبلون على شربها ويعرف العديد منهم.
وبحسب ما أكد ( ر.م ) وهو نازح من ريف إدلب الجنوبي ويقطن في منطقة دير حسان في ريف إدلب الشمالي فإنه تجري بشكل يومي أعراس وحفلات في المنطقة مرخصة وبشكل علني وعلى مسمع من “تحرير الشام” وقد نشط أيضًا عدد من الفنانين الشعبيين يحيون الحفلات والأعراس.
ومؤكدًا بأنها كانت تقام بشكل غير علني وفي المنازل أو صالات الأفراح، أما الآن فيستمر الحفل لعدة أيام دون توقف، وتكون فيه الموسيقى والغناء وإطلاق النار دون أي مضايقات بسبب دفع الإتاوات من قبل صاحب الحفل وترخيصه.
يذكر أن هيئة “تحرير الشام”  عرفت منذ بداية ظهورها في سورية تحت اسم “جبهة النصرة” بالتشدد وتضييقها على المدنيين ضمن مناطق سيطرتها، وراح ضحية ذلك الكثير من الشهداء والمعتقلين من المدنيين.