تركيا تحشد والأسد يستعد.. سيناريوهات المواجهة المحتملة في شرق الفرات

14

بعد إعلان الولايات المتحدة الأمريكية سحب قواتها العسكرية من سوريا، برزت إلى الواجهة سيناريوهات عدة لمعارك عسكرية محتملة بين الأطراف الفاعلة، أحد أطرافها القوات التركية.

 

وبيد أن المعركة المقبلة متوقع أن تكون بين تركيا والميلشيات الكردية، إلا أن الحشد التركي في حلب قابله حشدًا سوريًا نظاميًا في مدينة منبج.

 

وتقع مدينة منبج، التي يشكّل العرب غالبية مطلقة من سكانها، على بعد 85 كيلومتراً إلى الشمال الشرقي من حلب، وتعد كبرى مدن الريف الحلبي، وانتزعت “قسد” السيطرة على منبج من تنظيم “داعش” منتصف عام 2016، بعد 56 يوما من الحصار والقصف المكثف من قوات التحالف الدولي

وأكدت مصادر في المعارضة السورية أن تعزيزات عسكرية “غير مسبوقة” للجيش التركي وصلت إلى الحدود مع سوريا، مشيرة إلى أن جزءاً من هذه التعزيزات دخل ريف حلب الشمالي، واتجه إلى محيط مدينة منبج.

 

وتهدد تركيا باجتياح الشمال السوري في منطقة شرقي الفرات، وليس منبج فقط، للحيلولة دون إنشاء إقليم ذي صبغة كردية في سورريا، من قبل “وحدات حماية الشعب” الكردية، الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي، الذي تتهمه أنقرة بأنه النسخة السورية من حزب العمال الكردستاني.

من جانبه، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، دخول رتل عسكري تركي إلى الأراضي السورية، مؤلف من عشرات الجنود وأكثر من 50 آلية عسكرية، بعضها شاحنات وحاملات جنود وبعضها الآخر آليات تحمل على متنها عربات مدرعة، إضافة إلى الذخيرة.

 

وأشار في بيان له إلى أن الرتل اتجه نحو ريف منطقة منبج، على خطوط التماس مع مناطق سيطرة “قسد” وقوات التحالف الدولي، مشيراً إلى تصاعد وتيرة الاستعدادات العسكرية من جهة “قسد”، تحسباً لأي عملية عسكرية أو هجوم قد تنفّذه القوات التركية في المنطقة، الواقعة في غرب نهر الفرات.

في مقابلة ذلك بدأ النظام السوري يحشد عسكريا بشكل كبير في شرقي سوريا، في محاولة لانتزاع ريف دير الزور الشرقي شمال نهر الفرات من “قوات سورية الديمقراطية” في حال الانسحاب الأمريكي.

 

وذكرت وسائل إعلام تابعة للنظام السوري أن قوات وحشودا عسكرية بدأت بالتحرك من المنطقة الوسطى في البلاد باتجاه الضفاف الجنوبية لنهر الفرات، وتحديدا إلى منطقة الصالحية قرب البوكمال على الحدود السورية العراقية.

 

ونقلت وكالة أنباء روسية عن مصدر عسكري في قوات النظام قوله إن “هذا التحرك يمهد لإطلاق عملية عسكرية ضد جيوب وبقايا تنظيم داعش في المنطقة”، مشيراً إلى أن هذه القوات ستنتهي من تمركزها على الجبهات خلال الأيام القليلة المقبلة، قبل أن ينطلق العمل العسكري الذي قد يكون باتجاه منطقة هجين في ريف دير الزور شرق نهر الفرات.

 

ولا تزال “قسد” تخوض اشتباكات مع تنظيم “داعش” شمال نهر الفرات منذ العاشر من سبتمبر الماضي، سيطرت خلالها على بلدة هجين معقل التنظيم في ريف دير الزور الشرقي.

طلب وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو دخول قوات عراقية لمسافة 70 كيلومترا داخل سوريا لسد الفراغ بعد انسحاب القوات الأمريكي.

 

ونقلت”سكاي نيوز عربية” عن مصادر سياسية القول، إن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، طلب خلال محادثات هاتفية مع الرئيس العراقي برهم صالح ورئيس الوزراء عادل عبد المهدي، دخول قوات عراقية لمسافة 70 كيلومترا داخل سوريا لسد الفراغ بعد انسحاب القوات الأمريكية.

 

وكشفت المصادر أن بومبيو طلب، خلال اتصال هاتفي، مع كل من رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي ورئيس الجمهورية برهم صالح، أن تسند مهمة جديدة إلى الجيش العراقي أو قوة خاصة للتوغل بمسافة 70 كيلومترا داخل الأراضي السورية لسد الفراغ الذي سيخلفه انسحاب الجيش الأمريكي من هناك.

 

وتوقعت المصادر أيضا أن يعمل الجيش الأمريكي، المنسحب إلى أربيل عاصمة إقليم كردستان (شمالي العراق)، على إنشاء غرفة عمليات مشتركة مع قوات البيشمركة وجزء من قوات سوريا الديمقراطيةللتنسيق استخباريا فيما يتعلق باحتمالية المواجهة مع إيران.

الكاتب الكردي إدريس سالم قال، إن الجميع مهتم بالشمال السوري، خاصة تركيا التي تعتبر هذا الشمال مهم جداً لأمنها القومي، وتحديداً فيما يتعلق بملف الإرهاب، والمنظمات المصنَّفة على قوائم الإرهاب التركية، فوجود (قوات عربية) في الشمال السوري أمامه تحديات عسكرية ولوجيستية وسياسية كبيرة، ربما الأقرب للفهم أن تكون هناك مشاركة عربية من نوع ما، أو مشاركة في التمويل أكثر منها في الوجود العسكري.

 

وأوضح الكاتب الكردي في تصريحات سابقة لـ”مصر العربية” أن تركيا دولة لا تعتمد على العواطف في شن حروبها ومعاركها، فالحرب القادمة ليست كبيرة أمام القوات والدول المتحاربة في المستنقع السوري، ولكنها كارثية أمام كوردستان وشعبها، خاصة وأن الهدف الأساسي من المعركة القريبة في شرقي الفرات بعد الموافقة الأمريكية والمباركة الروسية هو فصل المدن الرئيسية عن بعضها، بوضع قوات غير كوردية مكانها.

 

في حين جاءت تصريحات أخرى للكاتب الكردي في آخر مقالاته بـ”مصر العربية” قال فيها: إن الجيش التركي سيدخل إلى شرق الفرات بجغرافية محددة من قبل واشنطن، فالأخيرة ليست في وارد التضحية بعلاقاتها التاريخية مع أنقرة كُرمي علاقة ناشئة من مبدأ (شراكة تكتيكية مؤقتة)، ولا الأخيرة تستطيع الاستغناء عن حلف الناتو.

 

إذاً فالتجاذبات الراهنة بين الطرفين ليست سوى تعبير عن الخلاف بينهما على مدى نفوذ كل منهما على الأرض السورية، تمهيداً لفرض شروطه خلال المفاوضات السياسية مع موسكو ودمشق في مؤتمر يعقد في جنيف لاحقاً، وفي يد كل من المفاوضين أوراق قوة، أو فلنقل جماعة سورية يتكلم باسمها ويطالب بحقوقها.

 

وتابع: “هذا فإن أنقرة قد تحدثت بشكل غير مباشر عن خيار عمليتها العسكرية بشرق الفرات في كل المحافل الدولية والأمم المتحدة وقمة مجموعة العشرين ومسار أستانة وفي اللقاءات الثنائية والاتصالات الهاتفية السرّية والعلنية، هذا يعني أن تهديدات أنقرة ستترجمها واشنطن إلى واقع «موسكو لا تخطّط لأيّ تصدّي عسكري لأدوات شريكتها واشنطن في سوريا، إذ تركت أنقرة لتولّي تلك المهمة».

 

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أعلن قرب عملية عسكرية تركية في شرق الفرات، تزامنا مع انسحاب القوات الأمريكية من سوريا.

 

جدير بالذكر أن قوات سوريا الديمقراطية تسيطر في الوقت الحالي على مساحة من الأراضي في شمال سوريا وشرقها، وهي أكبر جزء من البلاد خارج سيطرة الحكومة السورية

المصدر: مصر العربية