تركيا تشهر “درعها” في سوريا

20

تناولت صحيفة “كوميرسانت” عملية “درع الفرات”، التي بدأتها تركيا في سوريا؛ مشيرة إلى أنها لقيت تفهما في واشنطن وليس في موسكو.

جاء في مقال الصحيفة:

تتعرض العلاقات الروسية–التركية لاختبار جديد بعد أن اجتازت القوات التركية الحدود السورية مدعومة بطيران التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، وبدأت بتنفيذ عملية “درع الفرات” ضد الإرهابيين، من دون الاتفاق بشأنها مع دمشق. وقد تمكنت القوات التركية من فرض سيطرتها على مدينة جرابلس السورية الواقعة بالقرب من الحدود التركية بحلول مساء ذلك اليوم.

وقد أعلن نائب رئيس الولايات المتحدة جو بايدن الذي يزور تركيا عن موافقته على هذه العملية، في حين أعربت الخارجية الروسية  في بيان لها عن “قلقها العميق” من هذه العملية، وخاصة أنه لم يتم التنسيق مع موسكو بشأنها، ما قد يعقد مسار تطبيع التعاون المتبادل بين البلدين، والذي تم الاتفاق عليه في سان بطرسبورغ بين الرئيسين بوتين وأردوغان.

أما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فأعلن أن عملية “درع الفرات” موجهة ضد “داعش” وأيضا ضد “وحدات حماية الشعب” الكردية، التي تعدُّها أنقرة إرهابية. كما أشار أردوغان إلى أن هذه العملية ليست تهديدا لوحدة الأراضي السورية، وقال: “ليس لدينا أي أهداف أخرى، باستثناء مساعدة الشعب السوري”.

وجرى التحضير لهذه العملية خلال عدة أيام. وخلال الفترة التي كانت فيها وحدات القوات الخاصة التركية تستكشف المنطقة، كانت الدبابات التركية والمدفعية الثقيلة تتقدم نحو الحدود مع سوريا. وبدأت العملية بقصف مكثف لمدينة جرابلس (خلال الساعات ألأولى رُصدت 224 ضربة على 63 هدفا في المدينة) بمشاركة طائرات التحالف الدولي، ما سمح لفصائل “الجيش السوري الحر” بالدخول إلى المدينة والسيطرة عليها، من دون أي مقاومة تذكر. لأن مسلحي “داعش” في المدينة بدأوا بمغادرتها قبل بداية العملية.

وأكدت البيانات التركية أن هذه العملية ليست عملية برية، وأن مهمتها هي فتح ممرات للمعارضة السورية المعتدلة للدخول إلى المدينة وتطهيرها من الإرهابيين. ويذكر أن الأراضي التركية كانت تتعرض لقصف دوري من هذه المدينة في الفترة الأخيرة.

وقال مصدر عسكري لـ “كوميرسانت” إن الأجهزة الروسية الخاصة كانت لديها معلومات عن نية أنقرة القيام بهذه العملية، ولكن حجمها فاق ما كان متوقعا؛ حيث كان “بالإمكان السيطرة على المدينة بقوى أقل بكثير من التي تستخدم. وهذا يعني أنها لن تنتهي في هذه المنطقة بل ستستمر”. لذلك فقد أعربت الخارجية الروسية في بيان لها عن “قلقها العميق” من العملية التركية في سوريا. وجاء في البيان: “قبل كل شيء يثير القلق احتمال استمرار تدهور الوضع في منطقة النزاع، بما في ذلك احتمال سقوط ضحايا بين المدنيين وتصعيد الخلافات العرقية بين الأكراد والعرب”. من جانبها، سمت السلطات السورية العملية التركية “غزوًا”، وطلبت الخارجية السورية من مجلس الأمن الدولي التدخل بسرعة و”وقف العدوان”؛ معلنة أن سوريا “تستنكر اجتياز الدبابات التركية الحدود باتجاه مدينة جرابلس، مدعومة من طيران التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، وتعدُّ هذه العملية انتهاكا صارخا لسيادتها”.

من جانبه، قال كبير الباحثين في معهد الشرق الأوسط ألكسندر فاسيلييف لـ “كوميرسانت” إن “تركيا بواسطة عملية “درع الفرات” تدعم المعارضة السورية المعتدلة بالدبابات والمدفعية والطائرات. وهذا المخطط مدروس من قبل تركيا”. وبحسب قوله، فقد نفذ الأتراك عمليات مماثلة بنجاح في شمال العراق بالتعاون مع مجموعات كردية محلية موالية لهم، و”أنشأوا شبكة كاملة من مراكز الإسناد والقواعد العسكرية. وبهذه الصورة حاولت أنقرة محاربة “حزب العمال الكردستاني” ونقل المعركة من جنوب-شرق تركيا إلى شمال العراق”. وأضاف فاسيلييف أن “هدف العملية الأساس هو منع توحيد الكانتونات الكردية في جيب واحد على الحدود التركية–السورية”.

أما الخبراء الذين استطلعت “كوميرسانت” رأيهم بالعملية التركية، فإنهم يتفقون على أن عملية “درع الفرات” موجهة أساسا ضد الأكراد تحت غطاء محاربة الإرهاب الدولي.

ووفقا لمدير مركز تحليل الاستراتيجيات والتقنيات روسلان بوخوف، فإن عملية “درع الفرات” تزامنت مع زيارة جو بايدن، و”أخذًا بالاعتبار توتر العلاقات التركية–الأمريكية، فإن العملية سمحت للجانبين بصرف الأنظار عن مشكلة فتح الله غولن، واستعراض أنهما حليفان استراتيجيان”.

غير أن العملية التركية في سوريا قد تؤثر في مسار تطبيع التعاون الثنائي بين روسيا وتركيا. ويقول مدير مركز “روسيا–الشرق–الغرب” فلاديمير سوتنيكوف إن “أردوغان يلعب لعبته كما في السابق وهو في الجهة الأخرى من المتراس”.

المصدر: روسيا اليوم