ترهّل المعارضة أحد أسباب انعطاف أنقرة نحو دمشق

31

عبّر الآلاف من السوريين في مناطق سيطرة المعارضة عن رفضهم للتقارب بين النظام التركي والسوري بعد الاجتماع الأخير في موسكو بين وزراء الخارجية في موسكو برعاية روسية.

وانتقدت المعارضة بدورها الاجتماع معبرة عن رفضها لأي تقارب ينسف القرارات الدولية المتفق عليها.

وقال الدكتور أحمد طعمة، القيادي بالائتلاف في تصريح مقتضب للمرصد السوري لحقوق الإنسان، إن التقارب لن يحصل لأن النظام السوري ليس جادا في الوصول إلى حلّ سياسي في سورية.

وعلّق الحقوقي والمحامي أحمد مشول، في حديث مع المرصد السوري عن التقارب، معتبرا أنّ السياسة التركية تحاول الاستفادة من القواعد التي وضعها أحمد داود أوغلو وزير الخارجية التركي السابق في الوصول لسياسة صفر مشاكل في السياسة التركية مع دول العالم، حيث سارعت حكومة العدالة والتنمية لإجراء مصالحات سريعة مع المملكة العربية السعودية ومصر ، وتجاوز كل الخلافات من أجل تجاوز استحقاقات الانتخابات القادمة بنجاح .

ولفت الحقوقي السوري إلى دور التجاذب والصراع الدولي وأثر الغزو الروسي لأوكرانيا ودور تركيا للوساطة مستفيدة من علاقتها مع بوتين /روسيا وحلف شمال الاطلسي باعتبارها عضو فيه ، فضلا عن النجاح الذي حققته في قضية تصدير الحبوب .

وتطرّق إلى الصراع مابين أنقرة وحزب العمال الكردستاني في تركيا وامتداد أثره على الصراع مابين الطرفين بعد انتقال قيادات الحزب إلى سورية لتشكيل الذراع العسكري والسياسي لقسد والتحكم في القيادة والسيطرة وتنفيذ الخطط والمتمثلة في عمليات التطهير العرقي والتغيير الديمغرافي ، وجرائم الخطف والقتل والاغتصاب وتجنيد الأطفال  ومطاردة وملاحقة جميع القوى السياسية المتناقضة مع أهدافهم وسياساتهم والتي طالت قيادات بالمجلس الوطني الكردي وحرق مقراتهم وإعتقال وملاحقة وتصفية الناشطين ، حيث أكدت  التقارير الصادرة عن  المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان هذه الجرائم .

ولفت مشول إلى صناعة داعش والتصدي لها وهذه اللعبة الدولية التي تشترك فيها أجهزة مخابرات دولية بما فيها النظام السوري ،تلك الصناعة التي يستفيد منها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بالاشتراك مع حزب العمال الكردستاني وقسد لإحداث تغييرات ديمغرافية في شمال شرق الفرات ونهب بترول الشعب السوري وخيرات المنطقة الأخرى ، وفق قوله.

وذكّر بالاجتماع الثلاثي في طهران بين رئيسي وبوتين وأردوغان والذي كانت أهم مقرراته ضرورة إخراج القوات الأمريكية من شمال شرق سورية .

وتابع: في ظل هذه المعطيات الدولية يأتي التقارب بين السلطة التركية والنظام السوري لعدة أسباب أهمها الانتخابات التركية القادمة والتخلص من عقدة اللاجئين السوريين في تركيا والتي استطاعت السلطة التركية ومعارضتها تحويل هذه القضية الانسانية إلى الأولوية الاولى في الانتخابات القادمة  متناسين جميع القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الأخرى، وخاصة قضية التضخم الاقتصادي وانخفاض قيمة الليرة التركية إرتفاع الأسعار، وتصريحات المسؤولين الأتراك المتناقضة  وغير المسؤولة حول المبالغ التي أنفقتها تركيا على اللاجئين السوريين متناسين حجم المساعدات الدولية التي حصلت عليها تركيا لدعم اللاجئين وحجم النمو والتطور الاقتصادي وفق  المؤشرات الاحصائية التركية حول تأثير اللاجئين السوريين في زيادة معدل الناتج القومي التركي .

وأفاد بأن السلطات التركية ومعارضتها قد حوّلت قضية اللاجئين السوريين من قضية إنسانية تحكمها إتفاقيات دولية إلى قضية بازار من  الكراهية والحقد في سباق الانتخابات التركية القادمة، حيث باتت كرة اللاجئين السوريين  واللعب فيها بأقدام السلطات التركية ومعارضتها القضية المركزية الأولى للفوز بالانتخابات وكسب أصوات الناخبين الأتراك.

وأكد محدثنا أنّ التحولات في الموقف التركي ودرجة الانعطافات الخطيرة في السياسة التركية تأتي من خلال درجة التناقض بين  التصريحات التركية التي كانت ترفض العلاقة مع نظام الأسد ورفض أردوغان لمصافحة هذا الديكتاتور الدموي إلى الارتماء في أحضانه والسعي لتطبيع العلاقات معه قبل الانتخابات التركية.

وعن دوافع  إجراء هذه المصالحة ، قال: لقد وجدت الحكومة التركية نفسها أمام طريق مسدود لشن عملية عسكرية برية مدعومة جويا ضد حزب العمال الكردستاني وقسد وخاصة مع الرفض الأمريكي والروسي والإيراني نظرا لشبكة المصالح التي تربط ما بين حزب العمال، ومع انسداد الأفق أمام تركيا للقيام بالعملية وجدت المصالحة مع النظام السوري الفرصة لتسليمة الشمال السوري وعقد إتفاقية جديدة معه تتضمن تعديل اتفاقية أضنة وتمكين تركيا بموجبها من التوغل في الأراضي السورية حتى عمق 32كم ، وبهذه المصالحة تستطيع وضع حد لوجود حزب العمال الكردستاني وقسد وفق رؤيتها ،لكن حسابات أردوغان وحكومته الخاطئة تأكدت برد الفعل الثوري وحركة المظاهرات التي اجتاحت مناطق الشمال السوري رافضة المصالحة مع نظام الأسد.

من جانبه أفاد العميد أحمد رحال، في حديث مع المرصد السوري بأنّ الدعوة التركية للمصالحة مع الأسد جاءت على إثر إعادة تموضع سياسي لأنقرة بين الشرق والغرب، بعد الابتعاد التركي عن واشنطن والاقتراب من خصومها في موسكو وطهران، وعبر استراتيجية جديدة للدبلوماسية التركية ظهرت في السنوات الثلاث الأخيرة، والتي تحاول العودة لمبدأ “صفر مشاكل مع الجوار”، والتي أثمرت عن مصالحة تركية سعودية، وتركية إماراتية، ونصف طريق لمصالحة تركية مصرية.

وأكد رحال أن نظام الأسد المحاصر سياسيا واقتصاديا بعد قطع أغلب دول العالم علاقاتها معه كان متوقعا من أن تشكل المساعي التركي بالنسبة له فرصة تاريخية للتوسع أكثر، خاصة وأن الدعوة تأتي من الرئيس أردوغان الذي طالما هدّد الأسد بمحاسبته.

وأشار العميد إلى أنّ  السلطات التركية قد أكدت أنّ  أي لقاء مع نظام دمشق لن يكون على حساب المعارضة السورية، وأنه على القيادة السورية أن تتصرّف بمسؤولية، وأن تبدد كلّ المخاوف التركية، وأن تتعامل وفود نظام دمشق مع مفاوضات المسار السياسي بإيجابية، مع شرط تحقيق نتائج إيجابية ملموسة بأقرب وقت ممكن، وأن يضمن نظام الأسد حماية اللاجئين المدنيين العائدين إلى مناطقه، وأن يعمل الأسد على ضمان السلامة والاستقرار الإقليميين، وفرض الأمن والانضباط والاستقرار على كامل الحدود السورية التركية من الجانب السوري.

 وكشف عن تضايق تركيا من الائتلاف المقيم فوق أراضيها ما أدى إلى قطع رواتب قياداته منذ ثلاثة أشهر قصدا بسبب قضايا تتعلق بالفساد المالي  واختلاس الأموال، وبالتالي لم تعد المعارضة بشقيها السياسي والعسكري مصدر اطمئنان لراعيها التركي بل باتت مصدراً للمشاكل، وقد يكون هذا الواقع المترهل للمعارضة أحد أسباب انعطاف أنقرة نحو دمشق.