تسلط أمـ ـنـ ـي دون خدمات بعكس مايروج له النظام.. أحياء حمص القديمة بعد تسعة سنوات من السيطرة والتهجير

71

على الرغم من سعي وسائل إعلام موالية للنظام السوري لإظهار عودة الحياة لطبيعتها ضمن أحياء مدينة حمص التي دمرتها قواته إبان سيطرة فصائل المعارضة عليها، لاسميا أحياء حمص القديمة التي تشكل مركز الثقل وسط المدينة كما هو واقع الحال بما يخص كل من حي الخالدية وحي وادي السايح وجورة الشياح، إلا أن ما تخفيه عدسات إعلام الأسد من جهة، وتكميم أفواه الراغبين بالاعتراض على واقع الحياة من جهة أخرى يفضح زيف ادعاءات الأسد وإعلامه بشكل كامل.
يتحدث الحاج حسام (اسم مستعار) من سكان حي الخالدية الذي ذاع سيطه باعتصام أبناءه الرافضين لنظام الأسد الحاكم مع بداية الثورة السورية عن حزنه الشديد الذي لا يزال يرافقه بشكل يومي عند التأمل بالحال التي وصل إليها أحد أعرق أحياء المدينة بفعل تهجير قاطنيه وتدمير بنيته السكنية على يد قوات النظام والمليشيات الداعمة له.
مشيراً إلى أنه من بين مجموعة الأشخاص الذين حالفهم الحظ بالحصول على موافقة أمنية (إذن عودة) قبل أن يرمم جراحه قبل منزله تمهيداً للعودة إليه بعدما فرض نظام الأسد سيطرته الكاملة على مدينة حمص منتصف العام 2014 الماضي.
وحول الأوضاع المعيشية والخدمية لأهالي حي الخالدية تحدث الحاج حسام بأن مجلس مدينة حمص الذي يترأسه المهندس عبد الله البواب عجز لغاية الآن عن تأمين الخدمات الضرورية لمن تمكنوا من العودة للحي والذين لا تتجاوز نسبتهم 25 في المئة من عدد أهالي الحي  وفقاً لتقديره.
نشطاء المرصد السوري في حمص أكدوا بدورهم غياب خدمات النظافة عن الحارات السكنية داخل حي الخالدية بحجة عدم توفر المحروقات، الأمر الذي دفع المقتدرين ماديا تشكيل لجنة عمل شعبية لجمع التبرعات بهدف نقل القمامة وترحيلها إلى خارج الحي.
وبما يخص الواقع الكهربائي فإن أعطال المحولات الكهربائية المتكررة لا سيما في فصل الشتاء تسببت بحرمان قاطني الحي من الحصول على مخصصاتهم المحددة من قبل مديرية كهرباء حمص والمقدرة بساعة وصل مقابل خمسة ساعات قطع، الأمر الذي أجبرهم على تركيب ألواح شمسية “منظومات خلايا شمسية”
لم يكن الحال في حي جورة الشياح ووادي السايح الذي يقابله من الجهة الشرقية لمسجد خالد بن الوليد أفضل حالا مما هو عليه الوضع الراهن لحي الخالدية، بل إن الأوضاع المعيشية والخدمية رغم مرارتها فإنها أفضل حالا مما هو عليه داخل الحيين الأكثر تضرراً بفعل القصف من جهة والحرق الذي طال المنازل من جهة أخرى.
أبنية متصدعة وأخرى آيلة للسقوط وركام المنازل ما يزال يغلق الطرقات بوجه من يرغب بالتنقل بين الحي والآخر، غياب الخدمات عن أجزاء واسعة منهما لا سيما الأجزاء الجنوبية من حي جورة الشياح والأجزاء الشرقية والشرقية الجنوبية لحي وادي السايح الذي شكل خط تماس مباشر مع قوات النظام والمليشيات الداعمة له خلال أعوام الثورة التي شهدتها المدينة.
لا ماء ولا كهرباء ونسبة ضئيلة من السكان الذين لا يتجاوز نسبتهم 15 في المئة من أهالي تلك الأحياء هم من تمكنوا من العودة لمنازلهم، في حين أن الغالبية العظمى من أبناءهم باتوا إما خارج البلاد باحثين عن مستقبل أفضل أو هم ضمن سجون النظام أو قتلوا خلال القصف الذي لحق بمنازلهم.
على الجانب الآخر طبل وزمر الإعلام الموالي أيضاً للتأكيد على عودة عجلت الاقتصاد والتجارة لمدينة حمص التي تربط المحافظات السورية ببعضها البعض نظراً لموقعها الجغرافي الذي يتوسط سوريا، غير أن حملة ترميم السوق الأثري (المسقوف) أو كما يحلو لأبناء حمص الوليد بتسميته (سوق المقبي) ما يزال عشرات المحال التجارية مدمرة وقسم كبير منها آيلة للسقوط.
مصادر خاصة للمرصد أكدت أن حملة الترميم التي كرست لها حكومة النظام الجهد والمال بالتعاون مع منظمات دولية لم تطال سوى نحو 240 محلا تجاريا من أصل ما يقارب 1100 محلا موزعة على أسواق (البازرباشي والصاغة وسوق الفرو وسوق النحاسين القيصرية المنسوجات والعطارين وغيرها من الأسواق المتلاصقة والتي تشكل مجتمعة السوق المقبي)
التاجر أحمد (اسم مستعار) أكد خلال حديثه للمرصد السوري أن المشكلة الأبرز التي تعترض تجار السوق الذين توارثوا مهنتهم عن آبائهم وأجدادهم تتمثل بالحصول على موافقة من أفرع الأمن التي تصر على تقييد نشاطهم وعودة الحياة للسوق مجدداً.
وأضاف على الرغم من جميع المنغصات التي تحول دون تقديم مؤسسات الدولة لخدمات السوق وعلى رأسها التيار الكهربائي إلا أن تجار السوق الذين آثروا افتتاح محلاتهم قاموا بتوفير ما يلزم من معدات للطاقة البديلة، مشيراً إلى أن معظم المصالح تعتمد داخل السوق على آلات كهربائية لا سيما مهنة الدباغة التي يعمل بها داخل دكانه المتواضع.
بدوره أكد (ع.ن) أحد تجار الألبسة ضمن سوق المنسوجات تسلط دوريات الأمن التابعة لفروع المخابرات على جميع التجار من مالكي المحلات وحتى المستاجرين منهم، وذلك من خلال اتهامهم بالتعامل بغير الليرة السورية وعدم مطابقة أسعار المبيع مع النشرات التموينية المحددة من قبل مديرية التموين، الأمر الذي لم ينكره التاجر (ع.ن) موضحاً أن تغير أسعار البيع والشراء يتم تحديدها وفقاً لسعر صرف الدولار الأمريكي حتى وإن لم يكن بشكل علني،لا سيما بعد التدهور الكبير الذي حل بالليرة السورية الأمر الذي يهدد معظم التجار بالإفلاس في حال قرروا اعتماد الليرة لتجارتهم.
وبين التاجر أن دوريات الأمن التي أرهقت تجار السوق ليس من الممكن التقدم بشكوى ضدهم نظراً لتنسيقهم المسبق مع رؤساء الأفرع الأمنية الذين يوفرون لهم الحماية اللازمة، ويغضون الطرف عن تجاوزاتهم مقابل حصولهم على نسبة من الإتاوات التي يتم جمعها من التجار بشكل متواصل.