تصف من يعارضها بالمغفّل وتصر على  استمرار احتلال الشمال.. تركيا وتناقضات التطبيع مع دمشق

57

تصر أنقرة على استمرار  تمركز قواتها في الشمال السوري بتعلّة مجابهة الإرهاب، حيث أكّد  وزير الدفاع التركي خلوصي أكار على استمرار هجمات الجيش التركي على شمال سورية والعراق، واصفا من يعارض ذلك الوجود بالمغفّل.

وتدّعي تركيا أنه لو لم تكن تركيا قد منعت إنشاء ممر إرهابي في شمال سورية ، لكانت الآن مشكلة كبيرة لا يمكن السيطرة عليها ومواجهتها، متناسية  أنها بلد محتل إضافة إلى الجرائم التي ارتكبتها بحق مختلف المكونات في تلك المنطقة والتصرفات العدوانية والتهجير القسري والاستيلاء على الأراضي والعقارات في ضرب لكل الأعراف الدولية والقوانين الإنسانية.

ومع هذه الدعوات والإصرار العلني  على استمرار تمركز القوات التركية في المنطقة الشمالية، ظل الأكراد على موقفهم منددين بذلك ومتمسكين بضرورة مغادرة هذه القوات وفصائلها المسلحة.
ويتنافى إصرار أنقرة على استمرار الوجود العسكري في الشمال مع مغزى محادثات خفض التصعيد مع دمشق سابقا.

وقال رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، صالح مسلم، في حديث خاص مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، إنّ تركيا لم تدخل لتخرج بسهولة، ولن تخرج دون ضغوط دولية كبيرة، معتبرا أنّ تذرعها بالإرهاب باطل لأنها تحتضن كل الإرهابيين في مناطق احتلالها وداخل تركيا. 
وتابع: لن يكون هناك استقرار مع وجود الاحتلال التركي ومرتزقته، ونحن بقولنا هذا ندافع عن سيادة الوطن السوري ونضحي من أجل ذلك، ونتمنى أن يفعل النظام السوري ذلك أيضا.
من جهته، أكّد المتحدث باسم لواء الشمال الديمقراطي التابع لقوات سوريا الديمقراطية، محمود حبيب، في حديث خاص مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن الإدارة الذاتية أوضحت كثيرا عبر وسائل الإعلام أن لتركيا أطماعا احتلالية واضحة حيث سعت إلى تتريك المنطقة من رفع العلم وتداول العملة إلى تعيين ولاة على مدن سورية وصولا إلى التعليم والخدمات وانتهاء بنشر آلاف الجنود وإنشاء منظومات تعمل لصالح الاحتلال مثل “هيئة تحرير الشام”  و”الجيش الوطني”.. لذلك يبدو  من المستحيل أن تخرج قوات الاحتلال التركي من خلال المفاوضات حيث تبرر تركيا هذا الاحتلال من خلال بعض الذرائع لتحقيق أهدافها ومنها محاربة الإرهاب أو الحفاظ على أمنها القومي، وبذلك تعرقل أي حل يفضي إلى إخراج قواتها.
وفي ما يتعلق بالمخاطر على وحدة الأراضي السورية، يدرك الجميع أن الاحتلال قسم شمال غربي سورية إلى منطقتي نفوذ بينها معابر وجمارك وحرس حدود .. فهل يصب هذا في الحفاظ على وحدة الأراضي السورية؟!

لكن برغم تداخل الأوضاع الحالية سيبقى الانسحاب التركي مطلبا أساسيا سوريا ولن يستطيع أي طرف أن يتنازل عنه وخصوصا نظام الأسد وإلا سيكون صفقة جديدة لبيع الوطن كما حدث في لواء إسكندرون، وعلى هذا فإن عودة العلاقات بين أنقرة ودمشق محكومة بعامل الفشل.
وأردف محدثنا: لا يمكن الحديث عن استقرار في المنطقة وهي تعاني من مشاكل كبيرة أخطرها الإحتلال التركي  الذي ولد المزيد من المشاكل كالتغيير الديمغرافي وسيطرة المتطرفين والتحكم بمصير الملايين من خلال الهيمنة التركية وعبث المرتزقة.. وعلاوة على ذلك فإن الاستقرار المستدام لا يمكن أن يتم فقط بين تركيا ونظام الأسد لأنه لا يشمل الجغرافية السورية، فنحن نرى أن الحل الأمثل يكمن في تطبيق القرار الدولي 2254 ومقررات مؤتمر جنيف، وبهذا يكون الانسحاب التركي من بديهيات الحل في سورية.. وإذا كنا نتلاقى مع كل طرف سوري يرفض الاحتلال يطالب تركيا بالإنسحاب إلا أننا لا نضع القضايا الوطنية العليا في بازرات وصفقات التسوية السياسية.
بدوره رجّح المعارض السوري، نشار سمير، في حديث مع المرصد السوري، فوز أردوغان في انتخابات يوم الأحد القادم، إلا إذا حصلت مفاجأة . 
واعتبر أنّ التطبيع بين تركيا ونظام الأسد سوف يستمر بدفع وجهود من روسيا التي تدعم أردوغان في انتخاباته الحالية  نظرا لتشابك مصلحة بوتين مع أردوغان الذي رفض تطبيق العقوبات الغربية على روسيا نتيجة الحرب في أوكرانيا والتي عززت مصالح روسيا مع تركيا من خلال تأمين نافذة مهمة لروسيا على العالم بعد إغلاق الحدود والأجواء الأوروبية أمام الطيران الروسي ، عدا عن صفقات اقتصادية وعسكرية..
ويبدو أن مسار عملية التطبيع بين تركيا ونظام الأسد المدعوم روسيًّا تمت إعاقته من قبل إيران لأن مصلحتها تقضي ببدء التطبيع العربي أولا وخاصة السعودية مع نظام الأسد لكسر حصار العزلة المفروضة على الأسد من قبل أغلب الدول العربية وإعادة الشرعية العربية إليه من خلال الجامعة العربية، وربما تقديم مساعدات مالية له ، تساعد نظام الأسد في التخفيف من أزمته الاقتصادية الخانقة . ليكون لاحقا في موقف أكثر قوة في التفاوض مع الأتراك.
وأضاف أن دوافع إيران في إعاقة التطبيع التركي مع الأسد هو الخشية من نفوذ تركي في سورية خاصة من خلال الأدوات الناعمة التي تملكها تركيا ، ولا تملكها إيران ، وأهمها الحدود المشتركة التي تبلغ حوالي 900 كم ، والأدوات الاقتصادية التي يمكنها التأثير في الداخل السوري. 
ووفق تقديره أفاد محدثنا  بأن عملية التطبيع بين تركيا ونظام الأسد ستواجه المزيد من رفع سقف المطالب من قبل نظام الأسد مدعومة من قبل إيران، لذلك سوف يشهد الوضع مسارين متنافسين وليس متناقضين للتطبيع مع نظام الأسد حتى الآن ، أوّلهما عربي مع الأسد مدعوم من إيران وهذا أيضا الأهم لنظام الأسد ، وآخر تركي مع الأسد مدعوم من روسيا التي سوف الضغوط على الأسد لتسريع عملية التطبيع مع تركيا .
وخلص إلى القول:  تركيا هدفها الأساسي من التطبيع مع الأسد هو التنسيق معه ومع روسيا وإيران لمحاصرة “قسد”من جميع الجهات وإخراج القوات الأمريكية من شمال شرقي سورية الداعمة لـ”قسد” من خلال مواجهة محتملة مع محور دول أستانا.
تركيا ترى أن “قسد”هي جزء من حزب العمال الكردستاني الذي يشكل تهديدا للأمن القومي التركي
لكن  في المقابل يطالب نظام الأسد بمحاربة وتصفية المنظمات الارهابية بالشمال المدعومة من تركيا وأهمها “هيئة تحرير الشام” في إدلب .
صفقة التطبيع بين تركيا ونظام الأسد المدعومة أولا من روسيا وثانيا من إيران هدفها إعادة سلطة نظام الأسد على كامل الأراضي السورية وصولا إلى الحدود المشتركة مع تركيا . لكن هذا المسار يواجه تحديات عديدة أهمها رفض أكثرية السوريين الموجودين في إدلب وشمال غربي وشمال شرقي سوريا، إلى جانب السوريين المقيمين في تركيا، ولا أحد يستطيع معرفة ردود أفعالهم إزاء عملية التطبيع بين تركيا ونظام الأسد برغم بروز مؤشرات تحدي من قبلهم ضد السياسة التركية بالتطبيع مع الأسد.
مسار التطبيع بين تركيا ونظام الأسد سيواجه تحديدات كثيرة من القوى الغربية وخصوصا الولايات المتحدة الأمريكية ، لذلك سوف يتطلب الأمر وقتا طويلا ليُكتب له النجاح .