تعليق محادثات جنيف والمعارضة تربط العودة بتحقيق شروطها

25

في أعقاب إعلان الأمم المتحدة تعليق المفاوضات بين الحكومة والمعارضة السوريتين حتى 25 شباط، أعلن رئيس “الهيئة العليا للتفاوض” المنبثقة من المعارضة، رياض حجاب، في وقت متأخر من مساء الاربعاء، أن المعارضة لن تعود إلى جنيف إلا بعد تلبية مطالبها الإنسانية.
وقال حجاب للصحافيين إن وفد المعارضة “سيغادر جنيف غداً (الخميس) ولن يعود حتى تلبية المطالب الإنسانية أو (ان نرى) شيئاً (ملموساً) على الأرض”.
وأضاف حجاب أن ” الهيئة العليا أتت (إلى جنيف) بسبب هذه الضمانات. لكن ما حصل هو العكس”، مشيراً إلى أن “شيئاً لم يحصل على الصعيد الإنساني، والنظام تسبب بفشل المسار السياسي”.
وتابع: “للأسف كلما بدأ مسار سياسي يشعر النظام بالتهديد ويستعمل هذا النوع من الأساليب”، معتبراً أن “العالم أجمع يرى من يعرقل هذه المفاوضات. من يقصف المدنيين ويميت الناس جوعاً”.
وفي مؤتمر صحافي منفصل، اعتبر رئيس الوفد الحكومي السفير بشار الجعفري، أن “الشروط المسبقة” للمعارضة هي التي أفشلت المفاوضات.
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية “سانا” عن الجعفري قوله إن وفد المعارضة “رفض منذ وصوله إلى جنيف الانخراط في أي محادثات جدية مع المبعوث الخاص”.
وفيما أعلنت واشنطن أن الغارات الروسية ضد المدنيين في سوريا تضر بعملية السلام، اتهم وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الحكومة السورية وحلفاءها “بنسف” مباحثات السلام في جنيف بشن هجوم على مدينة حلب بدعم روسي.
 وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية جون كيربي، في مؤتمر صحافي، إن الغارات الروسية في محيط مدينة حلب السورية تركزت بشكل أساسي على الفصائل المعارضة للحكومة. وحث موسكو على استهداف تنظيم “داعش”.
أما فابيوس فدان، في بيان، “الهجوم الوحشي للنظام السوري بدعم من روسيا لتطويق حلب وخنقها”، مشيراً الى أن “سوريا تدعم بشكل كامل قرار المبعوث الخاص (للأمم المتحدة) بتعليق المفاوضات التي بدا واضحاً خلالها أنه لا نظام (الرئيس السوري) بشار الأسد ولا حلفاؤه يريدون المشاركة فيها بنية صادقة ما تسبب في نسف جهود السلام”.
وكان موفد الامم المتحدة ستيفان دي ميستورا أعلن تعليق المفاوضات السورية في جنيف حتى 25 شباط الحالي.
وقال “لا يزال هناك عمل يتعين القيام به”، مشيراً الى “توقف موقت” لمحادثات السلام التي لم تبدأ فعلياً منذ وصول وفدي دمشق والمعارضة يومي الجمعة والسبت.
ورأى دي ميستورا أن “هذه ليست نهاية أو فشل للمحادثات”. وأوضح أن المحادثات لم تفشل لكنها تحتاج إلى مساعدة عاجلة من داعميها الدوليين، لا سيما الولايات المتحدة وروسيا.
وقال دي ميستورا للصحافيين، بعد اجتماع مع وفد المعارضة السورية في الفندق الذي يقيم فيه الوفد: “بصراحة خلصت بعد الأسبوع الأول من المحادثات التحضيرية إلى أن هناك المزيد من العمل يتعين القيام به ليس فقط من جانبنا بل أيضاً من جانب الأطراف المعنية”، مضيفاً “قلت من اليوم الأول إنني لن أجري محادثات من أجل المحادثات”.
وكانت الأمم المتحدة، منذ الاثنين الماضي، تعمل على انقاذ محادثات السلام السورية المتعثرة في جنيف، على وقع تقدم ميداني نوعي للجيش السوري تجلى في كسر الحصار عن بلدتي نبل والزهراء وقطع طريق الامداد الرئيسية على مقاتلي المعارضة في حلب.
فقد أكد مراسل “السفير” في خبر عاجل، ظهراً، أن قوات الجيش السوري تفك الحصار عن بلدتي نبّل والزهراء في ريف حلب الشمالي.
وقطعت قوات الجيش السوري طريق الإمداد الرئيسية على مقاتلي المعارضة الذين يسيطرون على الأجزاء الشرقية من مدينة حلب، شمال سوريا، بعد كسر حصار نبل والزهراء، بحسب ما أفاد مصدر عسكري وكالة “فرانس برس”، الاربعاء.
وقال المصدر الموجود في منطقة المعارك “كسر الجيش السوري الحصار عن بلدتي نبل والزهراء بعدما تمت السيطرة على قرية معرسة الخان” في ريف حلب الشمالي، وتمكن بذلك من “قطع طريق الامداد الرئيسي للمسلحين بين حلب وتركيا”.
واعتبر مدير “المرصد السوري لحقوق الانسان” رامي عبد الرحمن أن هذا التقدم “هو الأبرز لقوات النظام في محافظة حلب”.
وقالت الأمم المتحدة إن الحملة العسكرية التي تشنها الحكومة السورية والقوات المتحالفة معها حول مدينة حلب دفعت مئات الأسر في بلدات بيانون وحريتان وعندان وحيان وريتان، في الشمال الشرقي للنزوح، مشيرة الى ان الغارات الجوية أدت إلى مقتل ثلاثة من عاملي الإغاثة الانسانية.
وقالت متحدثة باسم الأمم المتحدة في بيان لرويترز “تلقت الأمم المتحدة تقارير عن نزوح مئات الأسر

في هذا الوقت، يسعى موفد الأمم المتحدة الخاص الى سوريا، ستيفان دي ميستورا، إلى اقناع وفدي الحكومة والمعارضة باستئناف الاجتماعات في مقر الأمم المتحدة في جنيف التي وصل اليها رئيس “الهيئة العليا للتفاوض” المنبثقة من المعارضة السورية، رياض حجاب، غداة يوم شهد فوضى تامة سادت عملية التفاوض غير المباشرة.
ووصل حجاب، بعد ظهر الأربعاء، إلى جنيف وسيلتقي أعضاء وفد المعارضة المجتمعة في أحد فنادق المدينة.
ويتوقع ان يشكل مجيء حجاب دفعاً ديبلوماسيا للمحادثات المتعثرة الهادفة الى وقف نزاع مستمر منذ أكثر من خمس سنوات في سوريا.
وقال ديبلوماسي غربي: “مع مجيء حجاب، ستتعزز قدرة الهيئة العليا للتفاوض على التعبير عن موقف موحد للمعارضة”.
وأضاف: “إنها عملية معقدة جداً تتطلب أن تواصل الأطراف الحوار باستمرار”.
لكن كبير المفاوضين في وفد المعارضة السورية الى محادثات جنيف محمد علوش، قال في وقت سابق إنه ليس متفائلا بجهود إنهاء الحرب السورية المستمرة منذ خمس سنوات.
وقال علوش إن “المشكلة ليست مع دي ميستورا ولكن مع النظام المجرم الذي يفتك بالاطفال وروسيا التي تحاول دائما ان تقف في صف المجرمين”.
وترفض المعارضة الممثلة بـ”الهيئة العليا للتفاوض” الدخول في مفاوضات غير مباشرة مع وفد الحكومة السورية في جنيف، طالما لم تتوقف عمليات القصف الروسية ولم يتحسن الوضع الانساني على الارض.
والى جانب وقف القصف، تطالب المعارضة بالافراج عن معتقلين ورفع الحصار عن نحو 15 مدينة محاصرة. وتقدر الأمم المتحدة بأن نحو 500 الف شخص يقيمون في مناطق محاصرة في سوريا.
والاربعاء، دخلت قافلة مساعدات تضم 12 شاحنة مدينة معضمية الشام التي تحاصرها قوات الجيش السوري جنوب غربي دمشق، بحسب ما اعلن المتحدث باسم “اللجنة الدولية للصليب الأحمر” بافل كشيشيك لوكالة “فرانس برس”.
ومحادثات جنيف التي تقررت بضغط دولي كثيف لم تنطلق بشكل فعلي بعد منذ ستة أيام. وهذه المحادثات غير المباشرة تهدف لاطلاق عملية سياسية تنهي حرباً أوقعت اكثر من 260 الف قتيل وتسببت بتشريد الملايين منذ اذار 2011.
وكان دي ميستورا أقر، مساء الثلاثاء، في حديث مع هيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية “ار تي اس”، بان “الفشل لا يزال ممكناً وخصوصاً بعد خمسة اعوام من الحرب الرهيبة”. وأضاف “لكن اذا حصل فشل هذه المرة فلن يعود هناك امل”.
وفي مقابلة لاحقا مع هيئة الاذاعة البريطانية “بي بي سي”، قال دي ميستورا ان “مستوى الثقة بين الطرفين شبه معدوم”.
فمن جهة، يؤكد وفد الحكومة عدم وجود محاور “جدي” للدخول في محادثات غير مباشرة.
ومن جهة أخرى، تجد المعارضة نفسها في موقف دقيق للغاية، إذ انها عالقة بين رغبتها في عدم الظهور كأنها هي الطرف الذي يتسبب بافشال المحادثات ورفضها الدخول في مفاوضات، فيما الحرب تتواصل بل تشهد تصعيدا.

 

المصدر:السفير