تعنيف اللاجئين… اعتداء على سوريين بمراكز ترحيل تركية

58

تكررت شهادات لاجئين سوريين حول تعرضهم لإساءات لفظية وجسدية خلال وجودهم بمراكز الترحيل، خصوصاً في ولاية غازي عينتاب على الحدود التركية السورية، قبل إلزامهم بالتوقيع قسراً على طلب “العودة الطوعية”، وانتقد ناشطون ومنظمات حقوقية وإنسانية تركية تلك الانتهاكات المتكررة لحقوق الإنسان، وللقوانين الدولية ذات الصلة.

قبل أيام، أقامت هيئة حقوق الإنسان والمساواة التركية “تيهيك TİHEK” دعوى أمام المدعي العام في ولاية غازي عينتاب، ضد مركز أوغوزيلي “Oğuzeli” التابع لإدارة الهجرة، بعد زيارة إلى المركز، ولقاء مع العاملين فيه، واستعراض كاميرات المراقبة التي أكدت وقوع انتهاكات من بعض الموظفين ضد لاجئين سوريين.
يؤكد الناشط في قضايا حقوق اللاجئين، طه الغازي، لـ”العربي الجديد”، أنّ “زيارة وفد هيئة تيهيك إلى مركز الترحيل جاء بعد لقاءات ومتابعات عدة، كان آخرها في يونيو/حزيران الماضي، حين التقينا رئيس الهيئة، وقدمنا له أدلة حول التغييب القسري لبعض المقبوض عليهم بهدف الترحيل، والذين يُحرمون من التواصل مع أهلهم، أو المحامي، للتقدم باعتراض خلال الفترة القانونية، وهي سبعة أيام، الأمر الذي يفقد المرحّل حقه القانوني في الطعن، وزاروا المركز، والتأكد من صحة شكوانا عبر استعراض كاميرات المرقبة”.
ويضيف الغازي أنّه “منذ بداية العام الحالي، وتزامناً مع إقرار الحكومة التركية برنامج العودة الطوعية، ومع تنامي خطاب الكراهية والتمييز العنصري ضد اللاجئين السوريين من قِبل شخصيات وتيارات في المعارضة التركية، زادت عمليات توقيف السوريين، وسوقهم إلى مراكز الترحيل التي يتعرضون فيها للتعنيف والإساءة، وتواصلنا مع العديد من اللاجئين الذين رُحّلوا، ووثقنا وقائع التعنيف، والإجبار على توقيع أوراق العودة الطوعية، وأكد أحدهم تعرضه للتعرية أثناء وجوده بمركز أوغوزيلي”.
ويلفت الغازي إلى أنه “على مر السنوات الماضية، لم تقم أي جهة أو مؤسسة بمتابعة أو مراقبة واقع اللاجئين السوريين الموقوفين في مراكز الترحيل التابعة لمديريات الهجرة، رغم تكرار وقائع انتهاك حقوق الإنسان في تلك المراكز، لذا طلبنا من رئيس هيئة تيهيك متابعة البيئة الإدارية وسلوك الموظفين في تلك المراكز، وإجراء لقاءات مع اللاجئين السوريين للاستفسار عن أوضاعهم، وخصصنا بالذكر مركز أوغوزيلي، وبعد الزيارة، تقدمت الهيئة بشكوى، وننتظر المجريات القانونية للشكوى”.
وهيئة تيهيك هي مؤسسة مستقلة مختصة بمتابعة أجهزة الدولة التركية، والسلوكيات العنصرية فيها، وتضم 76 منظمة وهيئة حقوقية، فضلاً عن أكاديميين، وممثلين لنقابات المحامين بجميع الولايات التركية، وممثلين عن الأحزاب السياسية.
ويكشف الغازي أن قضية متابعة حقوق اللاجئين لن تقتصر على مراكز الترحيل في غازي عينتاب، وإسطنبول “سنتابع جميع المراكز، بما فيها المخيمات المؤقتة التي أقيمت أخيراً في ولايتي مرعش وأضنة”.
ويحذر الناشط الحقوقي السوري من ارتفاع نبرة العنصرية وخطاب الكراهية في الشارع التركي تجاه اللاجئين مع اقتراب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في العام المقبل، موضحاً لـ”العربي الجديد” زيادة الضغوط التي يتعرض لها اللاجئون السوريون، سواء من خلال قرارات إدارة الهجرة، أو من مواقف الأحزاب التي تتعمد تصعيد خطاب الكراهية ضمن برامجها الانتخابية، معتبراً أن “معظم من يغادرون تركيا بزعم العودة الطوعية، إنما يتعرضون لضغوط وتضييق لإجبارهم على العودة إلى مناخ غير آمن في شمال غربي سورية”.

وكشفت بلدية اسنيورت في إسطنبول، قبل أيام، عن عودة 54 لاجئاً سورياً، من بينهم 26 طفلاً، إلى الشمال السوري، ضمن برنامج “العودة الطوعية”.
ويرى رئيس تجمع المحامين الأحرار بتركيا، غزوان قرنفل، أنه يجب الوقوف على كل حالة لمعرفة إن كانوا قد عادوا طوعاً أم قسراً، موضحاً لـ”العربي الجديد” أنّ “نحو 49 ألف سوري رحّلوا إلى شمال سورية خلال النصف الأول من هذا العام، رغم أنّ برنامج العودة الطوعية لم يبدأ تنفيذه رسمياً بعد، والواضح أن البرنامج لن يقتصر على مليون لاجئ كما سبق أعلن الرئيس التركي ووزير داخليته، بل سيشمل في تقديري نحو مليون ونصف مليون سوري قبل انتخابات 2023، على أن تلي ذلك مراحل إضافية، حتى لا يبقى من السوريين في تركيا إلا ما يزيد قليلاً عن ربع مليون شخص، وهذا ما أشارت إليه وزيرة الشؤون الاجتماعية التركية قبل أيام”.

ومع التضارب القائم حول أعداد اللاجئين العائدين إلى سورية طوعاً، كشف مصدر خاص من دائرة الهجرة التركية، لـ”العربي الجديد”، أن عدد الأشخاص الذين عادوا حتى الشهر الماضي، بلغ 469.170 سورياً، وهؤلاء سلموا بطاقة الحماية المؤقتة (كملك)، ودخلوا الأراضي السورية من معبري باب الهوى والسلامة.

وأكد المصدر أن عدد السوريين في تركيا يبلغ وفق آخر إحصاء، 3 ملايين و701 ألف و584 شخصاً، سُجلوا تحت وضع “الحماية المؤقتة”، ومن بينهم 97 ألفاً و658 لديهم تصريح إقامة، سواء سياحية أو إنسانية، في حين لا يزيد عدد السوريين المقيمين في مخيمات داخل تركيا عن 52 ألف لاجئ.
وما زالت إسطنبول المدينة التي تضم أكبر عدد من اللاجئين السوريين بمعدل 530 ألفاً و234 شخصاً في وضع الحماية المؤقتة، تليها مدينة غازي عينتاب، ثم هاتاي، وولاية شانلي أورفة، وأضنة.
وكشف وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، في وقت سابق، عن عدد المنازل التي بنيت في محافظة إدلب، تمهيداً لتنفيذ خطة إعادة اللاجئين السوريين من تركيا إلى بلادهم، مشيراً إلى الانتهاء من بناء 62 ألفاً و145 منزل طوب من أجل “تأمين عودة طوعية وآمنة ومشرفة للسوريين الموجودين في تركيا، فضلاً عن خطة لبناء 100 ألف و603 منازل طوب بحلول نهاية العام الجاري”.

وأكد وزير الداخلية التركي أنّ تمويل بناء المساكن البديلة للسوريين يجري بدعم من المنظمات غير الحكومية، وبالتنسيق مع إدارة الكوارث والطوارئ الحكومية بناءً على تعليمات من الرئيس رجب طيب أردوغان.

المصدر: العربي الجديد