تفاقم أزمتي الوقود والخبز ضمن مناطق نفوذ النظام السوري وإخفاق متواصل لمشروع “البطاقة الذكية” في حلها وسط معاناة متصاعدة للمواطنين

34

مع بداية شهر سبتمبر/أيلول 2020 بدأت مجموعة من الأزمات تطفو على السطح لتعصف بمناطق نفوذ النظام السوري، وتضاف إلى الأزمات الموجودة بالفعل والتي يتجرع مرارتها الشعب السوري، وترتبط هذه الأزمات بعدم قدرة النظام على توفير السلع الأساسية في مناطق نفوذه، وتعد أبرزها أزمتي الخبز والوقود، وقد رصدت مصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان مدى تفاقم هاتين الأزمتين في الوقت الراهن.

أزمة الوقود:

سجل المرصد السوري لحقوق الإنسان 6/9/2020 عودة أزمة الوقود من جديد لمناطق نفوذ النظام، حيث تزاحم عدد كبير من المواطنين عند محطات الوقود في المحافظات السورية، ليصل طول طابور السيارات والآليات إلى مئات الأمتار، بحيث يضطر صاحب الآلية للوقوف أيام متواصلة على الطابور للحصول على بعض اللترات من “البنزين”، وبعضهم الآخر لا يتمكن من الحصول عليه رغم انتظاره لأيام.

ويمكن إيعاز أسباب الأزمة إلى عدة عوامل، أبرزها: قرارات الحكومة المتعلقة بتوزيع مادة البنزين عبر ما يعرف بـ”البطاقة الذكية”، وتخفيض الكميات المقدمة للمحطات من قِبل سلطات النظام في ظل العجز الاقتصادي، حيث خفضت وزارة النفط في حكومة النظام كمية تعبئة البنزين للسيارات الخاصة من 40 إلى 30 لترًا بشكل مؤقت، وكذلك تساهم عقوبات قانون ” قيصر” المفروضة على مناطق النظام السوري واقتصاده في تفاقم الأزمة، لاسيما مع اعتماد النظام بشكل كبير على واردات النفط الإيراني، والتي تغطي نحو 80 %من احتياجاته والتي تراجعت مؤخرًا بسبب العقوبات الأميركية، هذا في مقابل انخفاض كميات النفط المحلي في خزانات مصفاتي بانياس وحمص، إضافة إلى الحوادث التي تتعرض لها ناقلات النفط ومنشآته التابعة للنظام بين الحين والآخر.

وفي خضام ذلك، رصد المرصد السوري في السادس من الشهر الجاري اعتصام في مدينة جرمانا بضواحي العاصمة دمشق، بسبب استمرار أزمة الوقود، وعدم تقديم سلطات النظام حل لها، حيث طالب المعتصمون بتحسين أوضاعهم المعيشية، ونددوا بسوء الخدمات من انقطاع الكهرباء المتكرر في المدينة، وانتشار القمامة مطالبين الجهات المسئولة بتحسين الواقع الخدمي، وفي السياق ذاته، رصد المرصد السوري إصابة 3 مواطنين بجروح متفاوتة نتيجة إطلاق النار إثر خلاف وقع في محطة محروقات جنوب السويداء، أثناء اصطفاف المدنيين للحصول على دور لتعبئة البنزين، كما كشف المرصد السوري في الـ 14 من أيلول الجاري عن نشوب خلاف بين بعض المواطنين أثناء انتظارهم في محطة وقود بمدينة حماة، وتطور الأمر لإشهار السلاح وهو ما أدى بدوره لقيام أحد الأشخاص بإطلاق النار على شخص آخر بشكل مباشر وقتله.

أزمة الخبز:

تعد أزمة الخبز أزمة جديدة تضاف إلى الأزمات التي يعاني منها قاطنو المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري، فقد بات هناك صعوبة تكمن في تأمين الخبز بالسعر الحكومي المدعوم (50 ليرة للربطة الواحدة المؤلفة من 8 أرغفة)، حيث أقرت حكومة النظام قراراً جديداً يقضي بتوزيع سلعة الخبز على المواطنين عن طريق”البطاقة الذكية”، وبموجب هذا القرار يتم توزيع الخبز بحسب عدد أفراد كل أُسرة، وذلك للحد من الأزمة التي تعيشها البلاد، حيث تشهد أفران الخبز بمختلف المحافظات السورية ضمن نفوذ نظام الأسد أزمة خانقة بسبب قلة الطحين المقدم لها من قِبل سلطات النظام، خاصة مع انخفاض إنتاج سوريا من القمح، مما أدى لظهور طوابير الانتظار على أفران الخبز واستمرارها لفترات طويلة، حيث يضطر المواطن للوقوف في طابور الخبز ساعات طويلة لتحصيل مخصصاته من الخبز، ويحق للفرد الواحد الحصول على رغيفي خبز كل يومين، وسط حالة من استياء المواطنين حيال هذه الأزمة.

وأدى احتدام أزمة الخبز إلى إغلاق عدد كبير من أفران الخبز في المدن السورية التابعة للنظام لعدم حصولها على مخصصاتها من مادة الدقيق التي توزعها الحكومة، وظهور مسالك فساد جديدة كظهور سوق سوداء لبيع الخبز، حيث يبيع الموزع ربطة الخبز بـ 100 ليرة وتسعيرتها 50 ليرة وربحه 10 ليرات أي يجب أن تصل للمواطن بـ 60 ليرة، إلى جانب بيع القائمين على منافذ “بيع الخبز” كميات كبيرة من الخبز لباعة الأرصفة، كونهم يتقاضون منهم مبالغ كبيرة في صورة رشوة.

ومن هنا يتضح جليًا إخفاق النظام في حل كثير من المشكلات التي تتحول بمرور الوقت إلى أزمات معقدة تهدد حياة المواطن وأمنه وذلك من خلال المسكنات والحلول المؤقتة وليست الجذرية، إضافة إلى تفننه في خلق الأزمات واستثمارها لصالحه والتكسب منها على حساب مصالح المواطنين.