تهاوي الليرة التركية يرفع أسعار الأدوية في شمال سورية

24

تشهد مناطق شمال غربي سورية ارتفاعاً كبيراً في أسعار الأدوية نتيجة انخفاض سعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار، والذي بات يستنزف ميزانية العديد من الأسر التي تواجه ظروفاً معيشية صعبة مع قدوم فصل الشتاء وانتشار الأوبئة والأمراض، بالإضافة إلى تفاوت الأسعار بين منطقة وأخرى وصيدلية وأخرى.
يحاول الصيدلاني أنس الصطوف، مع مجموعة من الأطباء، التخفيف قدر الإمكان من معاناة المرضى في شمال سورية، من خلال تأمين أدوية بالمجان للمرضى الذين يعانون من ظروف مادية صعبة، وذلك بالتواصل مع ميسوري الحال وأصحاب الصيدليات أو مستودعات الأدوية لتأمين الدواء المطلوب. كما يعمل القائمون على منتدى “أسعى” الإنساني على تقديم الأدوية بالمجان من خلال جمع التبرعات من أعضاء المنتدى، الذي يضم أطباء ومهندسين ومسؤولين في المنظمات الإنسانية.

أسباب الغلاء
يقول نقيب الصيادلة في شمال حلب تيسير خياط، لـ”العربي الجديد”، إنّ أهم سبب لارتفاع أسعار الأدوية هو استيرادها، سواء من تركيا أو من طرف النظام السوري، فبعد خسارة معامل الأدوية في منطقة المنصورة، غربي حلب، في مطلع 2020، اضطررنا لجلب الأدوية من مناطق النظام، الذي يحملها ضرائب أكبر، مشيراً إلى أنّ الكمية الأكبر يتم استيرادها من طرف النظام.وحسب نقيب الصيادلة في شمال حلب، فإنّ الدواء في إدلب يتم جلبه عن طريق المعامل السورية داخل مناطق سيطرة النظام، إضافة لنسبة بسيطة من الدواء المستورد من الهند والصين عن طريق المعابر الرسمية، وغالباً تكون أسعار الأدوية الأجنبية مستقرة لأنها تستورد بالدولار، في حين يشهد سوق الأدوية السورية تقلباً مستمراً في الأسعار نتيجة تغير سعر صرف الليرة السورية. وأضاف أنّ من أسباب ارتفاع أسعار الأدوية ضريبة شحن الأدوية من مناطق النظام لتصل إلى أعزاز، شمال حلب، التي ارتفعت من 25 إلى 30%، وإذا كانت في الشحنة أدوية سائلة كثيرة تصل إلى 50%. وتضاف للقطعة الدوائية 20% أجور شحن و7% للمستودع المركزي و10% نسبة ربح للمستودع، ثم يقسم ناتج مجموع هذه الأرقام على 350 (وهي نسبة معيارية تمثل سعر صرف الليرة السورية مقابل الليرة التركية حين تم وضع المعادلة)، بحسب خياط.
ويضاعف النظام أسعار الأدوية المهمة، ناهيك عن المخاطرة الكبيرة في جلبها من مناطق النظام، وفق محمد بادي، وهو مدير مستودع أدوية في منطقة الدانا، شمال إدلب، الذي تحدث لـ”العربي الجديد”. وتعتمد مستودعات الأدوية في تحديد أسعارها على معادلة تسمى “نت الأدوية” وقد اعتمدتها لجنة الأمن الدوائي في مدينة إدلب لضبط تقلبات السعر، حسب بادي.

تفاوت الأسعار
ويشكل الفارق السعري في الأدوية بين صيدلية وأخرى مشكلة إضافية تضاف لما يثقل كاهل المواطنين في شمال سورية، إذ يُرجع بادي السبب في ذلك إلى الفشل الإداري للمكاتب الطبية، من دون متابعة القرارات الصادرة عنها، خصوصاً في شمال حلب، حيث توجد آليات متابعة طبية أفضل لا تطبق، وهناك جهة واحدة تراقب الأسعار وتنزل نشرة موحدة، ومن يخالف السعر الموحد يتعرض للعقوبة، كما توجد آلية مشتركة بين المستودعات ووزارة الصحة بإدلب حتى وصلوا لهذه النتيجة.

ويحقق معمل “ريفا فارما” متطلبات السوق في الجودة التي تضاهي أدوية النظام بحكم وجود نظام رقابي ذاتي داخلي ونظام رقابي خارجي متمثل بالرقابة الدوائية وكذلك من حيث الكم قادرين على تلبية حاجة السوق. أما لناحية النوع، فهناك نقص ببعض الأصناف لعدم توفر خطوط إنتاج جديدة حالياً، لكنّها موضوعة بالخطة، مثل قسم الهرمونات وخط القطرات وغيرها.

ازدياد الطلب
يقول فراس الأحمد، وهو مدير مركز طبي في ريف حلب الغربي، إنّ ضعف الجوانب الاقتصادية وتراجع الأوضاع الصحية لدى شريحة واسعة من المجتمع في شمال سورية، دفع الناس لزيادة الطلب على الأدوية المجانية. وأضاف: “نستقبل بشكل يومي مراجعين في المركز بحاجة لأدوية، ونحن نحصل على كميات قليلة لا تسد الحاجة الموجودة لدى المرضى، ما يضطرهم لشرائها من الصيدليات الخاصة بأسعار مرتفعة في ظل انخفاض سعر الليرة التركية أخيراً”. وقال: “يتفاقم الوضع الصحي في مناطق شمال غربي سورية سوءاً يوماً بعد يوم، والتي يتجاوز عدد سكانها 4 ملايين نسمة، وتوجد فيها مستشفيات عدة، بالإضافة إلى نقاط طبية ومراكز إسعافية، يعمل معظمها من خلال الدعم المقدم من قبل منظمات أوروبية (مانحين)، وذلك بموجب عقود، جزء منها لستة أشهر وآخر لمدة عام كامل، تتجدد سنوياً. وتابع: “يعاني ما يقرب من 60 في المائة من السكان من انعدام الأمن الغذائي، بحسب برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة”.

المصدر:العربي الجديد