حالها كحال الكثير من السوريين، (ر.ح) مواطنة أفقدتها الحرب زوجها و3 من أطفالها، تروي للمرصد السوري شهادتها وتناشد المنظمات الإنسانية

39

في غرفة صغيرة غابت عنها معالم الحياة وانعدمت فيها سبل المعيشة، تعيش السيدة (ر.ح) التي تبلغ من العمر 38 عاماً، في بلدة “كفرتخاريم”، برفقة طفلها الوحيد بعد استشهاد زوجها وأطفالها الثلاثة الآخرين في غارات جوية استهدفت بلدة “كرسعة” في ريف إدلب الجنوبي التي تنحدر منها. وفي إطار متابعة المرصد السوري لحقوق الإنسان للأوضاع الإنسانية والخدمية للمدنيين الذين عانوا الويلات في سنوات الحرب السورية، حصل “المرصد” على شهادة السيدة (ر.ح)، التي تقول: “اسمي ر.ح من بلدة كرسعة في ريف إدلب الجنوبي.. أبلغ من العمر 38 عاما. قبل بداية الأحداث في سوريا، كان زوجي يعمل في مجال بيع وشراء العقارات، وكنا نعيش حياة جميلة، قبل أن نعاني كباقي السوريين من مرارة الأحداث الدامية. وخلال تواجدنا في بلدة كرسعة، كنا خلال السنوات السابقة ننزح بشكل مستمر إلى مخيمات (أطمة) في ريف إدلب الشمالي، مع كل حملة قصف كانت تطال البلدة، ثم نعود إلى المنزل، ولم نكن مستقرين فيها بشكل دائم. لم يشارك زوجي في الأحداث ولم يكن يعمل لصالح أي جهة كانت في سوريا، بل كان يقتصر عمله على بيع وشراء العقارات من أراضي ومنازل، وكان لاستشهاده أثر كبير في حياتي وتحول في وضعي باتجاه الأسوأ. كان ذلك في عام 2014، حيث كان في طريقه بسيارته إلى العمل، قبل أن تستهدفه طائرة حربية بغارة جوية استهدفته ليسقط شهيداً، وتبدأ معاناتي التي لا زلت أعيش تفاصيلها إلى الآن، فقد ترك لي 4 أطفال. كانت المهمة الملقاة على عاتقي كبيرة جداً، وهي مسؤولية تربيتهم والقيام على احتياجاتهم، في ظل ظروف معيشية صعبة كان يعاني منها أهله، فقررت البقاء في منزلي لإعالة أطفالي والاهتمام بهم، مع العلم أن كثيراً ما كانت تعرض علي فكرة الزواج، لكن كنت أرفض ذلك في سبيل عدم ترك أطفالي”.

وتابعت السيدة (ر.ح)، في شهادتها لـ”المرصد السوري”: “في عام 2018، كنت على موعد مع استشهاد 3 من أطفالي، وهم حسن وحسين ولمياء، الذين كانوا في سن الدراسة الابتدائية في الصف الأول والثاني والثالث، حيث قامت طائرة حربية باستهداف البلدة بعدة غارات جوية، وبينما كنت أنا أعمل في ورشة في أرض زراعية بالقرب من البلدة في قطاف البازلاء. سمعنا صوت الغارات الجوية، ونتيجة ذلك قام صاحب العمل بصرفنا جميعا إلى البلدة، لاحظت تجمع كبير من المدنيين بالقرب من أحد البقاليات، هرعت دون سبب لمكان القصف، لأتفاجئ باستشهادهم جميعا بينما كانوا في طريقهم للشراء، لم أجد منهم سوى القليل من شعر طفلتي لمياء وقميصها. كانت هذه الحادثة هي نهاية الحياة بالنسبة لي، فلم أكن أعيش سوى على أمل أن أراهم كبار وناجحين في حياتهم، ولم يبق معي الآن سوى معتصم البالغ من عمره 7 أعوام”.

وأضافت السيدة (ر.ح): “بعد عمليات القصف والتصعيد الأخيرة على المنطقة، أجبرت على النزوح من البلدة كباقي سكانها، الذين توزعوا في عدة مناطق في الشمال السوري، أما أنا فقد استقر بي الحال في بلدة كفرتخاريم، وذلك برفقة شقيقي وزوجته، حيث سكنت معه لأكثر من شهرين، ثم قرر السفر إلى تركيا مع زوجته بهدف العمل، أما أنا فقد حصلت على غرفة صغيرة من قبل أحد أهالي البلدة بشكل مجاني، ولا أزال إلى الآن أقطن فيها. أعاني ظروفا معيشية صعبة للغاية، وأعاني من عدم قدرتي على شراء المستلزمات في ظل غلاء كبير في الأسعار، فصل الشتاء شارف على الدخول ولم أستطع تأمين مواد تدفئة. كل ما تم تقديمه لي هنا هو سلة غذائية واحدة، ومبلغ 40 دولار من المجلس المحلي، كما أعاني من من تأمين مياه الشرب”.

واختتمت (ر.ح) شهادتها، لـ”المرصد السوري”، بمناشدة للمنظمات الإنسانية بتقديم يد المساعدة لها ولطفلها، مضيفة: “أحتاج بالدرجة الأولى مواد للتدفئة مع حلول فصل الشتاء، كما أحتاج للمواد الغذائية، وآمل في الختام أن تنتهي هذه المعاناة ونعود بالقريب العاجل لمنازلنا”.