خاركيف بعد حلب.. عقيد “القنابل العنقودية” يمزق ثاني مدن أوكرانيا

93

كشف تحليل لصور الأقمار الصناعية، أجرته قناة “سي إن إن” بالتعاون مع مركز مرونة المعلومات (CIR)، أن العقيد الروسي، ألكسندر زورافليوف، المتهم بارتكاب جرائم في سوريا، شن هجوما بالقنابل العنقودية على المدنيين الأوكرانيين في مدينة خاركيف.

وتتبعت القناة الأميركية تفاصيل بشأن 11 صاروخًا من طراز “سميرتش”، سقطت في خاركيف في 27 فبراير و28 فبراير، ووجدت أنها أطلقت من لواء المدفعية الصاروخية رقم 79 المتمركز في منطقة بيلغورود الروسية، الذي يقوده زورافليوف.

وبالنسبة للناجين من الحرب الأهلية السورية المستمرة منذ سنوات، فإن المشاهد في خاركيف تشبه الجرائم التي ارتكبتها موسكو في بلادهم بعد تدخلها لمساعدة نظام الرئيس بشار الأسد في 2015.

وأشارت القناة إلى أن زورافليوف، 57 عامًا، تم إرساله إلى سوريا 3 مرات، وأصبح قائدا للقوات الروسية هناك في يوليو 2016.

وبعد أن تولى زمام الأمور، صعد الجيش الروسي بسرعة من هجماته على الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة، وحاصر مدينة حلب، مما تسبب في قتل وتجويع عدد كبير من المدنيين.

كما شهدت فترة قيادته زيادة كبيرة في الهجمات الموثقة بالذخائر العنقودية في حلب. وبحسب مركز توثيق الانتهاكات، الذي يوثق انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، فقد استخدمت الذخائر العنقودية 137 مرة في حلب بين 10 سبتمبر و10 أكتوبر 2016، بزيادة 791% عن متوسط عدد الهجمات بالذخائر العنقودية خلال الأشهر الـ8 السابقة.

وفي عام 2015، نفت وزارة الدفاع الروسية استخدام الذخائر العنقودية في سوريا. لكن مديرة منظمة إنقاذ الطفولة في سوريا آنذاك، سونيا كوش، قالت في بيان: “هناك أطفال صغار بترت أطرافهم حديثًا، أو لديهم كرات مثبتة في أنسجتهم العضلية بسبب استخدام هذه الأسلحة المروعة والعشوائية”. وفي خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا، تحدثت قناة “سي إن إن” إلى عشرات من شهود العيان في عدة أحياء استهدفتها الصواريخ الروسية من طراز “سميرتش” في 27 و28 فبراير. وأشاروا إلى الموت والدمار الذي أحدثته هذه الذخائر العنقودية على مدينتهم.

وبحسب الأوكرانيين فقد امتلأت شوارع المدينة بالجرحى والسيارات المحترقة والزجاج المكسور. وقال أحد شهود العيان إن ما يصل إلى عشرة أشخاص أصيبوا في مبنى شقته وحده في هجوم صاروخي واحد من سميرش.

وأضافت يوري بريكو، محلل برامج تكنولوجيا المعلومات ويعيش في خاركيف: “لا أعرف بالضبط ما كان هذا، لكنه كان منتشرًا في جميع أنحاء المنطقة. هذه الأجزاء الصغيرة التي تنفجر وتنشر شظايا خطيرة في كل مكان. وتصل إلى أماكن ونوافذ وأشخاص مختلفين”.

وكشفت بقايا الصواريخ، التي رصدت في خاركيف، وعلامات الحرق التي خلفتها المقذوفات، عن اتجاه الهجوم، الذي يعود إلى منطقة بيلغورود الروسية، بالقرب من الحدود مع أوكرانيا.

وقال مارك هيزناي، خبير الأسلحة ومدير الأسلحة المساعد لـ هيومن رايتس ووتش، إن الصور تشير إلى أن الهجمات بالذخائر العنقودية حدثت على نطاق لم نشهده منذ سنوات.

وأضاف هيزناي: “الأمر ليس مثل الأفلام التي تشاهد فيها الصاروخ قبل سقوط القنبلة. تنفجر الصواريخ فجأة إلى 72 جزءا صغيرا. لهذا السبب يتم تقطيع الناس حرفياً في الطرق بهذه الأشياء. ليس لديك الكثير من الحروق. ليس لديك إصابات ناتجة عن انفجار. إنها مجرد شظايا دموية (..)”.

الإصابات نفسها

والقنابل العنقودية محظورة بموجب معاهدة دولية عام 2010، تحظر استخدام الأسلحة ونقلها وإنتاجها وتخزينها.

وتشير المعاهدة إلى فشل العديد من الذخائر الصغيرة في الانفجار عند الاصطدام، لكنها تخلف ذخائر خطيرة في الحقول والمناطق الحضرية، يمكن أن تقتل أو تشوه الناس.

وأكد خبراء أن الهجمات التي تعرضت لها مدينة خاركيف يومي 27و28 فبراير ترقى إلى جرائم حرب.

وقال زميل معهد أبحاث السياسة الخارجية فيليب واسيليفسكي: “القتل خارج نطاق القضاء وقصف السكان المدنيين، ليس ضرورة عسكرية ولا يتناسب مع التهديد الذي يواجهونه، يتعارض مع اتفاقيات جنيف”.

وتواصلت قناة “سي إن إن” مع الكرملين للتعليق لكنه لم يرد.

بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا، سافر جراح العظام السوري الأميركي، الدكتور سامر عطار، الذي عمل في حلب أثناء محاصرة قوات الجنرال زورافليوف للمدينة، إلى أوكرانيا لمساعدة الأطباء في علاج الجرحى.

ووصف العطار الإصابات التي عالجها في خاركيف، وتلك التي رآها في حلب عام 2016 بأنها “نفسها”.

ومع انتهاء معركة حلب، ترك زورافليوف قيادة الجيش الروسي في سوريا وعاد إلى موسكو. وحصل على أعلى درجات التكريم الممنوحة لضابط روسي، كما تمت ترقيته مرتين في العام التالي وأصبح قائدا للمنطقة العسكرية الغربية، وهي نفس نفس الفرقة التي شنت الهجمات المدمرة على خاركيف، وأجزاء أخرى من أوكرانيا.

وقال الخبير العسكري الروسي واسيليفسكي: “النتائج التي حققها زورافليوف في سوريا كانت بالضبط ما أراده الروس، ومن هنا جاءت مكافأته بالميدالية الأعلى وأعلى المناصب التي يمكن للمرء الحصول عليها”.

وقال ماثيو إنغام، محامي حقوق الإنسان البارز في مكتب المحاماة باين هيكس بيتش: “كان يجب معاقبة العقيد ألكسندر زورافليوف بسبب أفعاله في سوريا. إنه لأمر مخز أنه لم يكن هناك رد أقوى على جرائم الحرب المزعومة في تلك المرحلة، لأنه ربما أثر على حسابات بوتين الاستراتيجية في أوكرانيا منذ البداية”.

المصدر: الحرة