خلال الشهر الأول من معركة إنهاء جيب التنظيم الأخير بشرق الفرات…عمليات تقدم متفرقة تصدها شراسة دفاع التنظيم عن وجوده وأكثر من 410 مدنيين ومقاتلين قضوا وقتلوا

42

استكملت العمليات العسكرية لقوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي اليوم الأربعاء الـ 10 من تشرين الأول / أكتوبر من العام الجاري 2018، شهرها الأول، منذ انطلاقتها في الـ 10 من أيلول / سبتمبر الفائت من العام ذاته. هذه العمليات التي تسعى خلالها القوات المهاجمة لإنهاء وجود تنظيم “الدولة الإسلامية” في شرق الفرات كقوة مسيطرة، حيث لا يزال هذا التنظيم ينشط في بقية المناطق خارج الجيب هذا، على شكل خلايا نائمة تعمد لتنفيذ التفجيرات والاغتيالات وإحداث فوضى وفلتان أمني في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، فيما جاءت العملية العسكرية هذه بعد أسابيع من عمليات تحضير تمثلت باستقدام آلاف المقاتلين من قبل قوات سوريا الديمقراطية والتحالف إلى محيط الجيب الخاضع لسيطرة التنظيم، والذي كان يتألف من بلدات هجين والسوسة والشعفة والباغوز وقرى المراشدة وأم حسن والشجلة والبوبدران، والمناطق التي تصل بين هذه البلدات والقرى الواقعة عند الضفاف الشرقية لنهر الفرات، في القطاع الشرقي من ريف دير الزور، بالإضافة لاستقدام تعزيزات عسكرية ضخمة من عربات مدرعة ودبابات وآليات ثقيلة وجرافات ورشاشات ثقيلة وصواريخ وذخيرة ومعدات لوجستية، دخلت على متن شاحنات إلى الأراضي السورية وجرى نقلها إلى محيط الجيب هذا.

العملية العسكرية انطلقت في الـ 10 من أيلول / سبتمبر من العام 2018، واستهدفت بادئ الأمر، بشكل رئيسي في محورين رئيسيين أولهما محور بلدة هجين التي تصدى التنظيم فيها بشراسة لتقدم قوات سوريا الديمقراطية، ورغم عمليات القصف العنيف إلا أن قوات سوريا الديمقراطية لم تتمكن من التقدم سوى في أجزاء من البلدة، لتقلص ضغطها في هذا المحور، وتركز على محور الباغوز الذي استطاعت فيه تحقيق تقدم أكبر، حيث رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان تمكن قوات سوريا الديمقراطية خلال العملية العسكرية كاملة من السيطرة على أجزاء واسعة من الباغوز فوقاني، والسيطرة على قرية الشجلة، ومنطقة موزان، وتقدمت كذلك إلى أطراف بلدة السوسة، وفي أطراف قرية المراشدة، والتقدم في أجزاء من بلدة هجين، مضيقة الخناق على تنظيم “الدولة الإسلامية” الذي يسعى لمنع حصره في نطاق أضيق، إلا أن الكثافة النارية المستخدمة من قبل قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي من عمليات قصف مدفعي وصاروخي والضربات الجوية التي تنفذها طائرات التحالف الدولي على المنطقة، حالت دون قدرة التنظيم على تحقيق هدفه، على الرغم من قيام التنظيم عشرات المرات بتنفيذ هجمات معاكسة مع كل تقدم لقوات سوريا الديمقراطية، لاستعادة النقاط التي خسرها خلال تقدم قسد والتحالف، حيث يعمد التنظيم للاعتماد على الهجمات المعاكسة وتفجير عناصره لأنفسهم بأحزمة ناسفة وعربات مفخخة، والاعتماد على الألغام المزروعة بكثافة في الجيب الأخير له بشرق الفرات، بالإضافة لاستخدام الأنفاق التي تؤمن له سهولة الحركة في مناطق سيطرته، كما تؤمن له في بعض الأحيان عمليات هجوم مباغتة ضد تقدمات قوات سوريا الديمقراطية، التي باتت حذرة في التقدم نتيجة كل هذه التفاصيل التي تعترض تقدمها المخطط له سابقاً.

المرصد السوري لحقوق الإنسان رصد تفاصيل العملية العسكرية، التي شهدت ساعاتها الـ 24 الأخيرة، أعنف قصف مدفعي وجوي على جيب التنظيم، فإلى جانب رصده للمعارك اليومية التي زادت شراستها في آخر 72 ساعة متمثلة بعمليات قصف مدفعي وصاروخي وعمليات استهداف بري وجوي، رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان سقوط خسائر بشرية كبيرة، في صفوف مقاتلي الطرفين، بالإضافة لخسائر بشرية في صفوف المدنيين، عدا عن الجرحى والأضرار المادية والدمار في البنى التحتية ضمن مناطق سيطرة الجيب، التي شهدت قبيل بدء العملية العسكرية ضدها، عملية فتح معابر وإيصال مساعدات غذائية وفتح مخيم والسماح للمدنيين وعوائل عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية” بالخروج من الجيب، كما شهد الجيب نفسه عمليات إزالة لجهاز “الحسبة” والتركيز من قبل تنظيم “الدولة الإسلامية” على الجانب الأمني، وضبط المنطقة الخاضعة للتنظيم، وتمكن المرصد السوري لحقوق الإنسان منذ الـ 10 من سبتمبر وحتى الـ 10من أكتوبر الجاري من العام 2018، من توثيق مقتل ومصرع وإصابة المئات من عناصر التنظيم وقوات سوريا الديمقراطية ومن المدنيين كذلك، حيث وثق المرصد السوري مقتل 267 على الأقل من عناصر وقادة تنظيم “الدولة الإسلامية” من جنسيات سورية وعراقية وجنسيات أخرى مختلفة، الذين قتلوا في الاشتباكات وضربات التحالف الدولي وقسد، كما وثق المرصد السوري ما لا يقل عن 139 مقاتلاً من قوات سوريا الديمقراطية، بينهم قادة ميدانيون في الاشتباكات ذاتها، فيما وثق المرصد السوري استشهاد 7 مدنيين هم 5 استشهدوا في قصف من قبل طائرات التحالف الدولي، وطفلتان اثنتان استشهدتا جراء القصف من قبل قوات سوريا الديمقراطية على مناطق في الجيب الخاضع لسيطرة التنظيم، ولا تزال أعداد من قتلوا وقضوا مرشحة للارتفاع بسبب وجود معلومات عن مز من الخسائر البشرية، ووجود جرحى بحالات خطرة.

المصادر المتقاطعة أكدت للمرصد السوري أن قوات مجلس دير الزور العسكري، التابعة لقوات سوريا الديمقراطية، تتمركز في الخطوط الأولى في مواجهة تنظيم “الدولة الإسلامية”، بعد انسحاب وحدات حماية الشعب الكردي وتبديلها بالشعيطات ومن ثم انسحاب الأخير، وتمركز مجلس دير الزور العسكري على خطوط التماس مع الجيب الخاضع لسيطرة التنظيم الذي عمد لزرع هذا الجيب، بشكل مكثف بالألغام، ومنها الألغام الليزرية التي أنهكت القوات المهاجمة والمتقدمة، وتسببت بسقوط خسائر بشرية كبيرة، حيث أكدت المصادر أن الألغام وحساسيتها وكثافة زراعتها في الجيب الأخير للتنظيم، تسببت بإصابة عشرات المقاتلين بجراح متفاوتة الخطورة وحالات بتر أطراف، كما حصل المرصد السوري لحقوق الإنسان على معلومات من عدد من المصادر الموثوقة، عن قيام عشرات العناصر من تنظيم “الدولة الإسلامية” بالتسلل من الجيب الأخير للتنظيم في شرق الفرات، إلى الضفاف الغربية للنهر حيث تسيطر قوات النظام والقوات الإيرانية والمسلحين الموالين لهما، حيث تجري عمليات رصدهم والتغاضي عنهم من قبل قوات التحالف الدولي المهاجمة للجيب الأخير للتنظيم، في حين رصد المرصد السوري نقل قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي لعشرات الأشخاص والعوائل إلى مخيم البحرة المؤلف من عشرات الخيم، في ريف بلدة هجين، والذي أنشأته قسد والتحالف، بغرض إيواء العوائل النازحة وعوائل عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية”، حيث من المرتقب أن يجري استقبال النازحين في المخيم خلال الأيام القليلة المقبلة، كما كان حصل المرصد السوري لحقوق الإنسان على معلومات من مصادر موثوقة، أكدت أن ما يزيد عن 100 من عناصر قوات الأمن الداخلي الكردي “الآسايش”، توجهوا إلى بلدة هجين ومحيطها، بغرض تثبيت نقاط سيطرة بعد تقدم قوات سوريا الديمقراطية في المنطقة

ونشر المرصد السوري سابقاً أن سجون تنظيم “الدولة الإسلامية” في الجيب الأخير له عند الضفاف الشرقية لنهر الفرات، تحوي مئات السجناء متوزعة في هجين والشعفة، حيث يتواجد اثنين من السجون في الشعفة يحويان أكثر من 1350 سجين ومن ضمنهم عناصر من التنظيم غالبيتهم من جنسيات أجنبية بتهم مختلفة كالتهم الأمنية، فيما يتواجد في بلدة هجين نحو 800 سجين بتهم مختلفة، كما أن قوات التحالف الدولي عمدت لتكثيف عملية بحثها الاستخباراتي عن نفق كبير في منطقة هجين، حيث أكدت المصادر للمرصد السوري أن القوات الفرنسية على وجه الخصوص حصلت على معلومات غير متكاملة قبل بدء العملية، عن وجود نفق للتنظيم في منطقة هجين، بطول نحو 8 كلم، ويمكن للآليات والسيارات المرور فيه، حيث تحاول القوات الفرنسية الحصول على معلومات كاملة عن النفق ومكانه، لمباشرة التحالف الدولي بالعملية العسكرية، كما كان المرصد السوري حصل على معلومات من مصادر موثوقة، تفيد بوجود أكثر من 65 من قيادات الصف الأول في تنظيم “الدولة الإسلامية” في بلدة هجين بريف دير الزور الشرقي، غالبيتهم من الجنسية العراقية بالإضافة لجنسيات أجنبية.