خلال 3 أشهر من “وقف إطلاق النار”: تخوف شعبي من عملية عسكرية جديدة في ظل عودة 270 آلف مدني.. والقوات التركية تستقدم آلاف الآليات والجنود وتسير مع الروس 15 دورية مشتركة.. ونحو 100 قتيل من قوات النظام والفصائل

70

أمضى وقف إطلاق النار ضمن منطقة “خفض التصعيد” التي تمتد من جبال اللاذقية الشمالية الشرقية، وصولاً إلى الضواحي الشمالية الغربية لمدينة حلب مروراً بريفي حماة وإدلب، شهره الثالث على التوالي، حيث دخل الاتفاق المنبثق عن اجتماع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان حيز التنفيذ في الخامس من شهر آذار/مارس الفائت من العام 2020، المرصد السوري لحقوق الإنسان بدوره واكب ورصد جميع الأحداث التي شهدتها المنطقة خلال الفترة تلك، ولا سيما مع التبدلات والتغيرات الكثيرة خلال الأيام والأسابيع القليلة الفائتة والتي تنذر بعملية عسكرية جديدة قد تشهدها المنطقة

عشرات الآلاف يعودون ومصير مجهول لأهالي المناطق التي باتت تحت سيطرة النظام

أحصى المرصد السوري منذ دخول “وقف إطلاق النار” حيز التنفيذ، عودة نحو 270 ألف مواطن إلى مدنهم وبلداتهم وقراهم في محافظة إدلب وريف حلب الغربي، حيث كانت عمليات قوات النظام وروسيا العسكرية قد هجرتهم من منازلهم ومناطقهم، وكان قسم من العائدين يفترشون العراء قرب الحدود مع لواء اسكندرون وقسم آخر ضمن مخيمات بدائية بريفي إدلب الشمالي وحلب الغربي، ومنهم من كان ضمن مناطق نفوذ القوات التركية والفصائل الموالية لها شمال وشمال غرب حلب.

فيما تأتي عملية عودة المهجرين في ظل الأوضاع المعيشية الكارثية التي تشهدها مناطق سيطرة الفصائل وتحرير الشام، حالها كحال جميع المناطق السورية الأخرى، من ارتفاع جنوبي بأسعار السلع، وشح كبير في فرص العمل، وسط مساعدات خجولة من قبل المنظمات الإنسانية المعنية بأوضاع النازحين والمهجرين، والتي تذهب غالباً للمسؤولين عن توزيعها.

يذكر أن هناك قسم كبير من المهجرين قسراً لم يعد لديه مكان للعودة عقب سيطرة قوات النظام السوري على نحو 300 مدينة وبلدة وقرية ضمن منطقة “بوتين – أردوغان” خلال العمليات العسكرية الأخيرة.

الدوريات المشتركة بين الرفض الشعبي والاستهدافات المتكررة

سيرت القوات الروسية ونظيرتها التركية منذ الخامس من شهر آذار/مارس الفائت وحتى يوم أمس الأول، 15 دورية مشتركة على اتستراد اللاذقية – حلب الدولي، تطبيقاً لأحد بنود الاتفاق بين بوتين وأردوغان، وفي بداية تسيير الدوريات كانت جميعها مقتضبة تنطلق من قرية ترنبة شرق إدلب حتى مسافة 2 إلى 3 كلم وتعود مجدداً وذلك نظراً للاحتجاجات الشعبية واعتصام “الكرامة” الرافض للاتفاق الروسي – التركي، لكن الأتراك عمدوا إلى فض الاعتصام وباتت الدوريات تسير على اتستراد “M4” مسافات طويلة من شرق إدلب إلى غربها.

كما أن الرفض الشعبي للدوريات، رافقه رفض من مجموعات جهادية، وهذا ما تجلى بظهور مجموعة في شريط مصور وإعلانهم عن نيتهم باستهداف الدوريات، كذلك ظهر عناصر من هيئة تحرير الشام في شريط مصور إلى جانب القوات التركية وهم يستهزئون بهم متوعدين بـ “قطاف رؤوسهم”، بالإضافة إلى ذلك، تزامنت الكثير من الدوريات الروسية – التركية مع انفجارات تمثلت بألغام وعبوات ناسفة وقنابل صوتية كتهديد صريح.

ووثق المرصد السوري يوم أمس مقتل جندي تركي وإصابة آخر بظروف مجهولة، عقب إطلاق نار استهدف الأتراك على الطريق الواصل بين مدينتي إدلب سرمين، بالقرب من إحدى النقاط التركية في المنطقة، كما كان عسكري تركي قتل قبل أسبوع جراء انفجار عبوة ناسفة، على طريق حلب-اللاذقية، غرب مدينة جسر الشغور.

تصعيد كبير وترقب لعملية عسكرية تلوح في الأفق

شهدت عموم منطقة “بوتين – أردوغان” منذ بداية دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ هدوءًا حذراً، تخلله خروقات متقطعة بشكل شبه يومي، عبر قصف صاروخي تنفذه قوات النظام على مناطق متفرقة ولا سيما جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، وسهل الغاب بريف حماة الشمالي الغربي، بالإضافة لجبل الأكراد وقرى بريف حلب الغربي، إلا أن الأيام والأسابيع القليلة الفائتة شهدت تصعيداً غير مسبوق، سواء من حيث القصف البري والهجمات المتكررة والاشتباكات، أو بالقصف الجوي حيث عادت الطائرات الحربية الروسية لتقصف منطقة “خفض التصعيد” لأول مرة منذ الخامس من آذار، وذلك بقصفها جبل الأكراد وسهل الغاب مساء الثلاثاء الثاني من شهر يونيو الجاري

كما أشار المرصد السوري قبل أيام، إلى أن فصيل “صقور الشام”، المسؤول عن القاطع الشرقي من جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي، عمد إلى إصدار بيان يعلن خلاله عدة قرى بالمنطقة هناك منطقة عسكرية يمنع على المدنيين التواجد فيها أو الذهاب إليها، والقرى هي: “كدورة ومعرزاف ومنطف وبينين وسرجة ورويحة”، بدورها قوات النظام تواصل التحشد وإرسال تعزيزات كبيرة إلى مواقعها في إدلب وحماة، وخاصة محاور جبل الزاوية وريف إدلب الشرقي وسهل الغاب

كذلك عمدت الفصائل وهيئة تحرير الشام إلى تحصين وتعزيز مواقعها في القطاع الجنوبي من الريف الإدلبي ومحاور التماس في سهل الغاب، كما قامت القوات التركية بتعزيز وتحصين مواقعها في جبل الزاوية جنوب إدلب ريف إدلب الجنوبي، كذلك وردت معلومات حول نشر القوات التركية منظومة “دفاع جوي” على قمة تل “النبي أيوب” الاستراتيجية في جبل الزاوية.

وتأتي التعزيزات المستمرة من قبل الطرفين، مع ترقب لعملية عسكرية جديدة قد تشهدها المنطقة من جديد، في حال فشل المفاوضات الروسية – التركية، حول ملفات عدة أبرزها طريق حلب – اللاذقية الدولي المعروف بـ “M4” وعودة المدنيين إلى مناطقهم بعد أن هجرتهم العملية العسكرية الأخيرة.

تدفق كبير للأرتال التركية عبر آلاف الآليات والجنود

بدوره “الضامن” التركي عمد إلى إرسال الأرتال العسكرية بشكل كبير جداً نحو مواقعه ضمن منطقة “خفض التصعيد”، معززاً بذلك من تواجده هناك، ووفقاً لإحصائيات المرصد السوري، فقد بلغت عدد الآليات التركية التي دخلت الأراضي السورية منذ قبيل دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ وحتى اللحظة، 3895 آلية، بالإضافة لآلاف الجنود.

وانتشرت القوات التركية بعدة نقاط ومواقع جديدة في الريف الإدلبي ولاسيما في جبل الزاوية، وبذلك، يرتفع عدد النقاط التركية في منطقة “خفض التصعيد” إلى 62، وهي: (صلوة وقلعة سمعان والشيخ عقيل وتلة العيس وتلة الطوقان والصرمان وجبل عندان والزيتونة ومورك والراشدين الجنوبية وشير مغار واشتبرق”، بالإضافة إلى نقاط مستحدثة وهي: (عندان والراشدين ومعرحطاط) ونقاط في سراقب والترنبة والنيرب والمغير وقميناس وسرمين ومطار تفتناز ومعارة النعسان ومعرة مصرين والجينة وكفركرمين والتوامة والفوج 111 ومعسكر المسطومة وترمانين والأتارب ودارة عزة والبردقلي ونحليا ومعترم وبسنقول والنبي أيوب وبزابور وباتبو وكفرنوران والأبزمو ورام حمدان والجينة وبسنقول والمشيرفة وتل خطاب وبداما والناجية والزعينية والغسانية والكفير والبرناص وبداما وأريحا وجنة القرى وبسامس وقمة تل النبي أيوب والقياسات وقرب بسنقول ومعراتة ومرعيان

 

نحو 100 قتيل من قوات النظام والفصائل والجهاديين خلال 3 أشهر

وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان خسائر بشرية فادحة خلال الأشهر الثلاثة الفائتة على الرغم من “وقف إطلاق النار”، حيث قتل ما لا يقل عن 54 عنصر في قوات النظام والمسلحين الموالين لها جراء استهداف مواقع وقصف واشتباكات مع الفصائل والجهاديين ضمن منطقة “بوتين – أردوغان، كما قتل 43 مقاتل بينهم 30 من المجموعات الجهادية، وذلك جراء قصف واشتباكات بالإضافة لاستهداف طائرات مسيرة لمواقعهم وآلياتهم في حماة وإدلب، أما المدنيين فقد استشهد 3 على الأقل في قصف واستهدافات.

ولعل أكبر حصيلة خسائر بشرية خلال الفترة تلك، كانت في الهجوم الذي نفذته مجموعات جهادية على مواقع قوات النظام في قرية المنارة بسهل الغاب في العاشر من مايو الفائت، حيث أسفرت المعارك والقصف حينها عن مقتل 33 من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، بالإضافة لمقتل 19 من الجهاديين

ومع جميع تلك الأحداث والتغيرات التي شهدتها منطقة “بوتين – أردوغان” يجدد المرصد السوري لحقوق الإنسان، مناشدته ومطالبته للمجتمع الدولي بالتدخل الفوري والضغط على كافة الأطراف على الأرض لعودة المهجرين إلى مناطقهم، وتقديم يد العون للنازحين والمتضررين من العمليات العسكرية، ولا سيما في ظل الأوضاع الكارثية التي تشهدها المنطقة منذ انهيار كبير ومتسارع بالعملة السورية وما يقابلها من ارتفاع كبير في أسعار السلع كافة، وسط انعدام فرص العمل