دولة كردية في سورية قريبا؟

19

3836476221qpt999

أعلن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري عن مسودة ‘دستور ادارة ذاتية’ تتضمن تشكيل حكومة بـ21 وزارة مع علم وشعار ونشيد وعاصمة ووزارة دفاع لـ’حماية الحدود الدولية لسورية ومحاربة الارهاب’ وبرلمان من مهامه ‘اعلان حالة الحرب والطوارئ’.

حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، هو الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني التركي، وجزء من ‘هيئة التنسيق الوطني للتغيير الديمقراطي’ وهي ائتلاف لقوى معارضة سورية في الداخل.

انتظام حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في هيئة سورية معارضة لم يمنعه من الاشتباك مرات عديدة مع الجيش السوري الحر في ريف حلب وعفرين والحسكة والقامشلي، وكان ذلك سببا مستمرا في توجّس وخلل مستمرين في العلاقة بين هذا الحزب والمعارضة السورية بجناحيها السياسي والمسلح.

يأتي هذا الاعلان بعد تطورات سياسية وعسكرية ملحوظة في سورية منها سيطرة الحزب على منطقة رأس العين وطرد التنظيمات الجهادية مثل جبهة النصرة منها بعد مرور شهور عديدة على هدنة معلنة بين الطرفين، وتصديه لتظاهرات كردية مناهضة له، مما أدى الى مقتل 3 من المواطنين الاكراد السوريين.

كما يأتي بعد تطورات سياسية أخرى تخص المنظمة الأم لحزب الاتحاد والمسؤولة المباشرة عن قراراته، ونعني حزب العمال الكردستاني في تركيا، الذي شارك بفعالية في التظاهرات المعارضة لحزب العدالة والتنمية التي اندلعت في ميدان تقسيم باسطنبول، وسط أنباء عن ظهور لمسلحي الحزب في الاقاليم الكردية في تركيا، وتصعيد قيادات وكوادر جديدة في الحزب معادية للتسوية معتركيا، وهو ما انعكس قبل ايام بتهديد الحزب الحكومة التركية بتجميد عملية السلام.

يستبق هذا الاعلان اتجاه الائتلاف الوطني السوري لاعلان حكومة مؤقتة تعكس التوازنات الجديدة في المنطقة والمعارضة السورية، وكذلك أخبارا عن اتجاه التنظيمات الجهادية لاعلان امارة اسلامية، كما يعكس توجها جديدا قديما لدى حزب العمال الكردستاني بفرعيه في سورية وتركيا لاستنساخ سوري للتجربة العراقية لاقليم كردستان.

حصول هذه الخطوات السياسية والعسكرية الخطيرة على كيان سورية السياسي هو استمرار لمسلسل من موافقات النظام السوري الضمنية على دور هذا الحزب، نتيجة مصلحته الواضحة في زج الاكراد في صراعات مع التنظيمات السلفية المسلحة وكذلك كتائب الجيش السوري الحر، ولذلك لم نسمع أي تنديد من الحكومة السورية بخطوات حزب الاتحاد الديمقراطي العسكرية والسياسية.

كذلك ما كان ممكنا لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي اتخاذ هذا القرار دون حماية ظهره من جهة العراق ممثلا بحكومة اقليم كردستان، اضافة الى دول أخرى في الاقليم تقاطعت مصالحها وعداءاتها حاليا مع مصالح وعداءات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي.

لكن هذه الأحلاف المؤقتة، التي تغذي الخلافات بين الاكراد وجهات سياسية واقليمية عديدة، والتي شهدنا أمثالها على مدى عقود طويلة لا تهدد الكيان السوري ووحدة اراضي سورية فحسب بل تهدد وجود الأكراد انفسهم حين تتغيّر ظروف المعادلة.

الحكومة التركية المشغولة بمشاكلها السياسية العديدة داخليا وخارجيا، خصوصا بعد سقوط نموذجها الاسلامي للحكم في مصر، لم تخف قلقاً شديداً من هذه التطورات عكستها الاجتماعات العديدة التي عقدها اردوغان مع وزير داخليته ومدير مخابراته.

لا يمكن لمن أيد الثورات العربية ان يكون ضد نزوع الاكراد للحصول على حقوق سياسية لهم في كل بلد يتواجدون فيه، مثلهم مثل المواطنين الآخرين، لكن فرض قرار عسكري وسياسي بهذا الحجم الكبير من قبل حزب كردي واحد، ولو كان بحجم حزب العمال الكردستاني، يمكن ان يزيد المنطقة اشتعالا ويفتح الباب امام تقسيم سورية وهو أمر ستكون له نتائج خطيرة على ثورة الشعب السوري بعربه وكرده، وعلى دولته الديمقراطية المدنية المنشودة.

القدس العربي