“دويلة” الهول في 2021: 89 قتيلاً على يد أذرع التنظيم.. والموت القادم من الصحراء يحصد أرواح 74 طفلاً.. وإخراج 780 عائلة سورية في إطار مبادرة مسد

المرصد السوري يطالب المجتمع الدولي بإيجاد حل فوري لأزمة الهول ويوصي بوضع آلية جادة لإعادة تأهيل الأطفال والنساء

147

تعد الأحداث المتوالية ضمن مخيم الهول الواقع أقصى جنوب شرقي الحسكة، إرثا شاهدا على الفوضى التي أطلقها تنظيم “الدولة الإسلامية” في سورية، حيث بات مخيم الهول للاجئين والنازحين أشبه بـ”دويلة” لعناصر وعائلات التنظيم، وهي أزمة تسعى معظم دول العالم إلى تجاهلها والتغاضي عنها تجنبا لاستعادة مواطنيها الذين انضموا إلى عناصر التنظيم. وتنتشر الفوضى والانفلات الأمني بصورة كبيرة داخل المخيم الذي يعد بمثابة قنبلة موقوتة.
ويضم مخيم الهول ما لا يقل عن 57544 شخص، هم: 7972 عائلة عراقية تشمل 30182 شخصا من الجنسية العراقية، و5275 عائلة سورية تشمل 19070 شخصا من الجنسية السورية، فيما البقية –أي 8292 شخص- من جنسيات أوربية وآسيوية وأفريقية وغيرها ضمن 2427 عائلة.
ومن ضمن العدد الإجمالي لقاطني المخيم، 36743 طفل لم يلغ سن الثامنة عشر، هم: 12540 من حملة الجنسية السورية، و18377 من الجنسية العراقية، و5826 من جنسيات أجنبية متفرقة.
المرصد السوري لحقوق الإنسان، واكب بدوره التطورات ضمن المخيم على مدار العام 2021، ويستعرضها جميعها في سياق التقرير التالي.

نقص الغذاء والدواء يودي بحياة عشرات الأطفال

في ظل الأوضاع الكارثية التي تلقي بظلالها على الجانب الطبي ضمن مخيم الهول، وتقاعس جميع الجهات الدولية عن تقديم الدعم لإيجاد حل للكارثة الإنسانية هناك، يواصل الموت حصد أرواح المزيد من الأشخاص ضمن “دويلة” الهول ، حيث وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مفارقة 74 طفل وطفلة للحياة داخل المخيم خلال العام 2021، نتيجة سوء الأحوال الصحية والمعيشية، ونقص الأدوية والأغذية، والنقص الحاد في الرعاية الطبية، بفعل تقاعس المنظمات الدولية.
ووفقاً لمتابعات المرصد السوري فإن الوفيات توزعوا على الشكل التالي:
– 41 من الجنسية العراقية
– 23 من الجنسية السورية
– 10 من جنسيات أوربية

وكان المرصد السوري وثق خلال العام 2020، مفارقة 209 شخص للحياة، بينهم 95 طفل دون سن الـ 18، وذلك نتيجة سوء الأحوال الصحية والمعيشية، ونقص الأدوية والأغذية، والنقص الحاد في الرعاية الطبية، بفعل تقاعس المنظمات الدولية.

تصاعد كبير في جرائم القتل وحملات أمنية مضادة لا تحقق المطلوب

تصاعدت عمليات القتل داخل “دويلة” الهول خلال العام 2021، بشكل كبير جداً، في ظل الفلتان الأمني المسيطر على المخيم، وتقف أذرع تنظيم “الدولة الإسلامية” خلف هذه الجرائم التي تطال لاجئين عراقيين بالدرجة الأولى ونازحين سوريين بدرجة أقل.
وقد وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان 84 جريمة قتل شهدها مخيم الهول خلال العام 2021، أسفرت عن مقتل 89 شخص، هم: عنصران من الأسايش، و67 من اللاجئين العراقيين بينهم 3 أطفال و19 امرأة، و20 من حملة الجنسية السورية بينهم طفل وطفلة و6 نساء و”رئيس المجلس السوري” في المخيم.
ولا تدعو هذه الإحصائية للتفاؤل أبداً، حيث أنها تعد أكثر من ضعف حصيلة العام 2020 الفائت والذي كان قد شهد 33 جريمة قتل.

وجاء التوزع الشهري لجرائم القتل وما خلفته من خسائر بشرية على النحو التالي:

– 13 جريمة في كانون الثاني، قتل على إثرها 9 عراقيين و5 سوريين

– 10 جرائم في شباط، قتل على إثرها 6 عراقيين و4 سوريين

– 17 جريمة في آذار، قتل على إثرها 15 من الجنسية العراقية و3 من الجنسية السورية

– جريمة واحدة في نيسان، قتل على إثرها لاجئ عراقي

– 6 جرائم في أيار، قتل على إثرها 5 عراقيين و2 سوريين

– 6 جرائم في حزيران، قتل على إثرها 4 عراقيين و3 سوريين

– 6 جرائم في تموز، قتل على إثرها 6 من اللاجئين العراقيين

– 8 جرائم قتل في آب، قتل على إثرها 6 عراقيين و3 سوريين

– 3 جرائم قتل في أيلول، قتل على إثرها 3 من اللاجئين العراقيين

– 5 جرائم قتل في تشرين الثاني، قتل على إثرها 5 لاجئين عراقيين

– 9 جرائم قتل في كانون الأول، قتل على إثرها 7 عراقيين و2 سوريين

في حين شهد شهر آذار، حملة أمنية ضخمة جداً ضد أذرع تنظيم “الدولة الإسلامية” ضمن “دويلة” الهول، نفذتها قوات مشتركة قوامها أكثر من 5000 مقاتل من “قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب والمرأة وقوى الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب وHAT”، بدأت مع صباح 28 الشهر، بعد قطع الاتصالات عن المخيم وإيقاف بث الإذاعات، واستمرت الحملة 5 أيام متوالية، لتعلن القوات في اليوم السادس انتهاء المرحلة الأولى من الحملة.
ووفقاً لمعلومات المرصد السوري، فإن الحملة التي استمرت 5 أيام، أسفرت عن اعتقال نحو 100 شخص من عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية” والمتعاملين معه غالبيتهم من جنسيات غير سورية، بينهم “أبو كرار” أحد قيادات الصف الأول في التنظيم ومسؤول عراقي آخر، و”أمير الزكاة” وهو جزائري الجنسية، و11 امرأة من التنظيم لهن دور كبير في عمليات القتل وتأمين المعدات، وينوه المرصد السوري أنه جرى احتجاز عدد آخر من الأشخاص خلال الأيام الخمسة بينهم نساء لكن جرى الإفراج عنهم بعد التحقيق معهم، كما شهدت الحملة، عمليات تبصيم في المخيم لمن هم في عمر 15 عام وما فوق بغية التأكيد من الشخصية، كما جرى مصادر أسلحة وأجهزة ومعدات بالإضافة لاكتشاف أنفاق.
وآثار ما سبق تساؤلات كبيرة، حول كيفية وصول قيادات ومسؤولين من التنظيم إلى “دويلة” الهول بأريحية تامة وعدم اكتشاف أمرهم إلا الآن، فأين كانت حراسة المخيم وكيف استطاعوا هؤلاء الوصول والتواري وتنفيذ جرائم قتل كبيرة واستخدام الأسلحة وطريقة دخولها إلى المخيم، وسط فساد كبير من قبل حرس المخيم، وهو ما يتجلى بكيفية وصول الأسلحة لداخل المخيم ووجود أنفاق ضمنه أيضاً.
ولكن هذه الحملة الأمنية الضخمة لم تثمر عن أي جديد في المخيم بل على العكس من ذلك، شهدت “دويلة” الهول عقب الحملة وحتى يومنا هذا 44 جريمة، قتل على إثرها 47 شخص على الأقل.

إخراج مستمر للعوائل السورية والعراقية.. وتسليم مزيد من النساء والأطفال إلى دولهم الأوربية

استمرت عمليات إخراج العوائل السورية من مخيم الهول خلال العام 2021، وذلك وفقاً للمبادرة التي أطلقها مجلس سوريا الديمقراطية “مسد”، والتي تهدف لإفراغ المخيم من السوريين، حيث أحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان، إخراج أكثر من 780 عائلة سورية يقدر عدد أفرادها بأكثر من 2890 شخص، خرجوا على دفعات خلال العام.
وجاء التوزع الشهري لعمليات الخروج على النحو التالي:

– كانون الثاني/يناير، خرجت 98 عائلة يقدر عددهم بأكثر من 335 شخص.

– شباط/فبراير، خرجت 105 عائلات يقدر عددهم بأكثر من 400 شخص.

– آذار/مارس، خرجت 125 عائلة يقدر عددهم بأكثر من 525 شخص.

– أيار/مايو، خرجت 83 عائلة يقدر عددهم بأكثر من 271 شخص.

– حزيران/يونيو، خرجت 59 عائلة يقدر عددهم بنحو 202 شخص.

– تموز/يوليو، خرجت 82 عائلة يقدر عددهم بنحو 299 شخص.

– أيلول/سبتمبر، خرجت 92 عائلة يقدر عددهم بأكثر من 324 شخص.

– تشرين الأول/أكتوبر، خرجت 18 عائلة يقدر عددهم بأكثر من 75 شخص.

– تشرين الثاني/نوفمبر، خرجت 67 عائلة يقدر عددهم بأكثر من 259 شخص.

– كانون الأول/ديسمبر، خرجت 51 عائلة يقدر عددهم بنحو 200 شخص.

في حين تواصل إدارة المخيم العمل على إخراج العوائل العراقية من الهول بتنسيق مستمر مع الجانب العراقي، حيث جرى إخلاء 100 عائلة عراقية من المخيم في نهاية شهر أيلول، وفي شهر كانون الأول، تم إخلاء 123 عائلة عراقية تضم نحو 490 شخص بعد التنسيق مع وفد حكومي عراقي.
كذلك شهد العام 2021، تسليم عشرات الأطفال والنساء الأجانب من عوائل عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية” إلى وفود رسمية من حكومة بلادهم، ففي شهر كانون الثاني قامت دائرة العلاقات الخارجية في “الإدارة الذاتية” لمناطق شمال وشرق سوريا، بتسليم 7 أطفال أيتام فرنسيين من عوائل عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية”، لممثلين عن دولة فرنسا، وفق وثيقة تم التوقيع عليها بين الطرفين خلال زيارة الوفد الفرنسي لمقر دائرة العلاقات الخارجية في مدينة القامشلي.
وفي نيسان، زار وفد روسي رسمي من مفوضية حقوق الطفل لرئيس روسيا الاتحادية، إلى مقر دائرة العلاقات الخارجية في “الإدارة الذاتية” لمناطق شمال وشرق سوريا، بمدينة القامشلي، وتسلم الوفد الروسي 34 طفلًا روسيًا “يتامى” كانوا متواجدين ضمن “دويلة الهول” أبائهم وأمهاتهم قضوا في معارك سابقة أثناء قتالهم في صفوف تنظيم “الدولة الإسلامية”، أو بقصف سابق خلال تواجدهم في مناطق كانت خاضعة لسيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية”.
وفي ذات الشهر، سلمت دائرة العلاقات الخارجية في “الإدارة الذاتية” لمناطق شمال وشرق سوريا، 92 شخص من الأوزبك (24 امرأة و68 طفل) من عوائل عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية” من المتواجدين في “دويلة الهول” إلى ممثلين عن الحكومة الأوزبكية بموجب وثيقة عودة رسمية وقع عليها ممثلون عن الجانب الأوزبكي في مقر دائرة العلاقات الخارجية بمدينة القامشلي.
أما في شهر حزيران، فقد سلمت دائرة العلاقات الخارجية في “الإدارة الذاتية” لمناطق شمال وشرق سوريا، امرأة وطفليها وطفل يتيم من حملة الجنسية الهولندية، ممن كانوا متواجدين في “مخيم الهول” وهم من عوائل تنظيم “الدولة الإسلامية” لممثلين عن الحكومة الهولندية، بحضور المبعوث الهولندي إلى سوريا، وذلك بموجب وثيقة عودة رسمية وقع عليها ممثلون عن الجانب الهولندي في مقر “دائرة العلاقات الخارجية” بمدينة القامشلي.

المرصد السوري لحقوق الإنسان يجدد مناشدته للمجتمع الدولي بضرورة إيجاد حل لأزمة “دويلة الهول” التي تهدد بالانفجار بأي لحظة في وجه العالم أجمع، ويوصي المرصد السوري منظمات حقوق الإنسان الدولية بوضع آلية جادة وفورية لإعادة تأهيل النساء والأطفال داخل المخيم ممن تشربوا بأفكار تنظيم “الدولة الإسلامية” الإرهابي سابقاً، لا سيما مع العدد الهائل من الأطفال المتواجدين هناك والانتشار الكبير لأذرع التنظيم واستمرار تغذية عقول النسوة والأطفال بأفكار التنظيم.