دي ميستورا لـ «تخفيف» تحفظات أميركا وانقسام أوروبا على خطته

30

يسعى المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا خلال لقائه وزراء الخارجية الأوروبيين في بروكسيل مساء اليوم إلى ردم الفجوة بين كتلتين في الاتحاد الأوروبي إزاء التعامل مع خطته لـ «تجميد» القتال في سورية بدءاً من حلب شمالاً والتخفيف من حدة التحفظات الأميركية على الخطة المدعومة من دول أوروبية كبرى.

وقالت مصادر أوروبية لـ «الحياة» امس، إن وزراء الخارجية سيستمعون إلى إيجاز من دي ميستورا حول خطته على عشاء عمل مساء اليوم قبل أن يبحثوا غداً إقرار «استراتيجية سورية» تتضمن عدداً من العناصر بينها دعم خطة المبعوث الدولي مع المطالبة بتوفير «مراقبين دوليين» و «آليات ملزمة للنظام بتجميد العمليات العسكرية» والحصول لاحقاً على دعم مجلس الأمن لها، إضافة إلى ضرورة ألا تكون خطة التجميد استمراراً لسياسة «الجوع أو الركوع» التي طبقتها القوات النظامية في مناطق أخرى في وسط البلاد وقرب دمشق. وأشارت إلى أن مسودة البيان الختامي الذي سيصدر غداً تتضمن أيضاً عناصر أخرى تطالب النظام بـ «التزام» قرارات مجلس الأمن المتعلقة بـ «الملف الكيماوي» وإدخال المساعدات الإنسانية، في السوريين المحتاجين، إضافة إلى استمرار الجانب الأوروبي في تقديم الدعم للمعارضة السياسية في إشارة إلى «الائتلاف الوطني السوري» المعارض.

وتابعت المصادر أن بعض الدول الأوروبية يدفع باتجاه تعيين مبعوث أوروبي خاص إلى سورية لـ «الانخراط الأوروبي المستمر وتضييق الفجوة بين المواقف الأوروبية والتعبير عن موقف موحد» إزاء هذا الملف، وكان آخر تجليات الانقسام الأوروبي دعم السويد وإيطاليا الواضح لخطة دي ميستورا الذي يحمل جنسية هذين البلدين من جهة مقابل «تشكيك» من قبل دول كبرى مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا من جهة أخرى، مشيرة إلى أن دولاً كبرى بينها بريطانيا دفعت بقوة لمناقشة الملف السوري في شكل منفصل والوصول إلى «استراتيجية موحدة» بدلاً من مناقشته ضمن «استراتيجية العراق» ومحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش).

وكانت واشنطن قادت تحركا مع دول أوروبية كبرى للوصول إلى موقف موحد من خطة دي ميستورا، حيث توصلت إلى ورقة مشتركة اطلعت «الحياة» على أهم النقاط فيها، تتضمن «ترحيباً» بـ «مبادرته الهادفة إلى إيقاف سفك الدماء ودعم عملية سياسية شاملة هدفها الوصول الى مرحلة انتقاليّة سياسيّة بالاستناد إلى تنفيذ كامل لبيان جنيف» الذي تضمن تشكيل «هيئة حكم انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة بقبول متبادل بين الحكومة السورية والمعارضة».

وكان دي ميستورا قال لـ «الحياة» في لندن اول امس ان صدور قرار دولي بسيط يدعم خطته سيكون مفيداً، تاركاً مناقشة الامر الى الدول الاعضاء في مجلس الامن. واشار الى ان «بيان جنيف اساس عملي» مع الاخذ في الاعتبار ظهور تنظيم «الدولة الاسلامية» (داعش) والى ان تفسير هذا البيان يعود الى الفرقاء السوريين في اطار «العملية السياسية». ولفت الى ان التحرك الروسي اذا جرى تبنيه دولياً يمكن ان «يكمل» خطة التجميد في حلب ومناطق اخرى.

واكدت واشنطن وحلفاؤها في الورقة المشتركة على ضرورة تقديم توضيحات لـ «تسلسل» عملية التجميد مع المسار السياسي و»تحديد المراحل التدريجيّة للمبادرة بين المستوى المحلي ومواصلة عملية سياسية على المستوى الوطني» وان يكون الهدف النهائي لتحرك دي ميستورا انجاز «عملية وطنيّة هدفها تطوير تركيبة حكم شاملة»، اضافة الى تأكيد هذه الورقة على ضرورة التزام القانون الدولي الانساني وان «يكون أيّ اتّفاق محلي مستقلاً عن المفاوضات حول تجديد قرار مجلس الأمن في الأمم المتحدة رقم 2165» الذي يتضمن ادخال المساعدات الانسانية ووقف القصف وبحث المسار السياسي.

وركزت واشنطن وحلفاؤها على «اجراءات بناء الثقة»، التي تعتبر احد العناصر الرئيسية في خطة دي ميستورا التي يعرضها السفير رمزي رمزي نائب المبعوث الدولي على الخارجية السورية في دمشق اليوم، بحيث تتضمن بوضوح «انهاء قصف الجيش النظامي لمدينة حلب» والافراج عن معتقلين، وأن تتضمن «آلية مراقبة» التجميد دوراً للنشطاء المحليين مع النظر في «احتمال الإدخال التدريجي لمراقبين دوليين مدعومين من الأمم المتحدة» ومناقشة احتمال اصدار قرار صادر من مجلس الأمن.

واذ اشارت الورقة الى «مخاطر كبيرة» يمكن ان تواجه «تجميد» القتال في حلب، اكدت واشنطن وحلفاؤها على ضرورة مواصلة الحوار بهدف «تقليص المخاطر» ومعالجتها بحيث لا توفر الخطة «عن غير قصد أيّ غطاء لمواصلة (النظام) فرض الاستسلام القسري» على المواطنين بعد حصار عليهم كما حصل في وسط حمص واطراف دمشق و»ألا يستغل النظام السوري عمليّة تجميد لتصعيد حملته ضد المعارضة المعتدلة في أماكن أخرى في سورية او مناطق أخرى في محافظة حلب أو في ضواحي دمشق» وضمان «آلية ترغم الجنود (السوريين) على العودة إلى ثكناتهم بدلاً من اعادة الانتشار»

كما حذرت الورقة من احتمال محاولة النظام السوري «استعادة بعض من مشروعيّته الدوليّة» عبر الدخول في حوار حول التجميد من دون نية للتنفيذ ومن احتمال ان تعطي الخطة «ميزة» لتنظيم «داعش» لتحقيق تقدم ميداني، لكنها جددت «الترحيب بالالتزام الناشط الذي يُظهره المبعوث الخاص، إزاء مجموعة من الفاعلين داخل سورية، والمنطقة وعلى نطاق أوسع، بما يشمل مجموعة من المعارف المفيدة على الساحة المحلية السورية، وأطرافاً سورية على المستوى الوطني، بينها «الائتلاف» مع ابداء الاستعداد لـ «توفير ما يلزم من دعم واستشارات، ونرحّب بإجراء حوار متواصل». واشارت المصادر الى ان المبعوث الدولي الذي التقى مسؤولين بريطانيين في اليومين الماضيين نجح في اتصالاته في ازالة العديد من الشكوك وقدم اجابات عن تساؤلات عدة، ضمن حواراته المستمرة مع الاطراف الكبرى المعنية.

 

المصدر: جريدة الحياة اللندنية