رئيس تيار الغد السوري أحمد الجربا:: صور عبد الله أوجلان في مدينة أشباح لا تبشر باستقرار قادم ونقول للحلفاء في ((قسد)) تعالوا إلى كلمة سواء بيننا كسوريين

16

يتحدث رئيس تيار الغد السوري -أحمد الجربا عن تجربة مدينة الرقة منذ انطلاقة الثورة السورية، ووصولاً إلى الإعلان الأخير والرسمي عن السيطرة عليها من قبل قوات عملية “غضب الفرات”، التي كانت قواته “قوات النخبة السورية”، من ضمن العاملين فيها، حيث يسهب الجربا في حديثه ضمن نسخة تساؤلات يطرحها وإجابات يقدمها، وصلت إلى المرصد السوري لحقوق الإنسان وجاء في نصها::

تحرير الرقة أم تجربة أخرى؟
إنها جرح نازف في تاريخ النزيف السوري، إنها الرقة مرة أخرى ومرات، الرقة التي شهدت أولى المظاهرات في بداية الانتفاضة السورية، في آذار/ مارس 2011 وشهدت مقاومة مسلحة منذ أواخر العام 2011 لتخرج المدينة عن سيطرة قوات النظام في أوائل نيسان/ ابريل 2013 وكان ذلك بعد سيطرة بعض الفصائل العسكرية على ريف المحافظة ومدنها وعلى رأسها مدينة تل أبيض ومعبرها الحدودي مع تركيا ليسهل تدفق المقاتلين الأجانب والأسلحة دون عوائق.

كانت السيطرة على المدينة وريفها واضحة لجبهة النصرة الإرهابية وبالتحالف مع حركة أحرار الشام وعدد من الألوية المقاتلة مثل لواء ثوار الرقة ولواء أحفاد الرسول ليتم تسليمها وبشكل مريب لتنظيم داعش الدموي ويعلن هذا الأحير وفي أواخر ابريل نيسان 2013 إقامة دولة الخلافة الإسلامية أو ما بات يعرف بالدولة الإسلامية في العراق والشام بزعامة أبو بكر البغدادي ويكون بداية التفارق بين الفصيليين الدمويين النصرة وداعش وهو نزاع قائم على المصالح الصغيرة فيما التطابق في الفكرة الإرهابية يستمر كما هو الحال مع شركاءهم الآخرين.

شهدت المدينة أكبر حملة اغتيالات استهدفت أوجه الحراك المدني والنشطاء الثوريين مثل المحامي الشهيد عبد الله خليل الذي ترأس المجلس المحلي للمدينة ليستكمل التنظيم الدموي سيطرته على المعابر الحدودية في المحافظة في كانون الثاني يناير 2014 وتعلن الرقة عاصمة ” الخلافة” لدولتهم المارقة ويصبح اسمها مقترنا بعمليات الذبح والصلب والحرق التي مارسها التنظيم بحق المئات من معارضيه السوريين والمختطفين الأجانب من عمال اغاثة وصحفيين.

في أيار مايو 2016 أعلن التحالف الدولي بدء معركة تحرير الرقة وكنا في قوات النخبة الطرف العربي المشارك في عمليات التحرير منذ البداية وحتى تحرير أحياء محورية في المدينة.

استمرت المعركة أكثر من عام وثلاثة أشهر لتتوج أخيرا ومنذ أيام بتحرير المدينة كاملا وسط أسئلة تطرح من كل صوب ولا بد من التوقف عندها في مواجهة أيامنا العصيبة هذه؟

هل سيطرة قوات سوريا الديمقراطية هو تحول آخر في مسيرة الثورة السورية كما درجت منذ بدايتها أن تكون الرقة هي مختبر هذه التحولات أم إنها محطة الاستقرار الأخيرة كما يحلو القول لأصحاب القرار الحالي؟

إذا كانت محطة استقرار أخيرة للمدينة وأهلها وللمحافظة كلها فلما يتم استبعاد أهلها ، ضحايا الاختبارات السابقة ، لماذا يغيب أهلها من الحضور على طاولة تحديد مصير المدينة وإدارتها؟

إن الكلام عن مشاركة أهلها عبر مجلس محلي كلام مكرر تحفظه ذاكرة المدينة المكلومة، وتكثف هذا الكلام بعد تحريرها من قوات النظام وعقب الإدارات الفاشلة التي تعاقبت عليها حتى إن دولة الارهاب الداعشية كانت تدّعي نفس الشيء، ومن واجب المسؤولية علينا كسوريين أولا وأبناء المنطقة ثانيا، أن نتوجه للقوى الدولية والقوى السورية وخاصة أخوتنا في قوات سوريا الديمقراطية وقيادات حزب الاتحاد الديمقراطي pyd أن تحرير المدينة عمل مبارك ويبعث بالسرور في نفس كل الوطنيين السوريين، وكي تكون الفرحة كاملة والنموذج قابلا للحياة لا بد لنا من وقفة عند عدة نقاط في غاية الأهمية:

إن الخراب الذي أصاب المدينة والمحافظة عموما، الخراب العمراني والاجتماعي، الثاني في المرتبة الأولى، الخراب الاجتماعي، لا يمكن ترميمه بشعارات وكلمات مستوردة من قواميس وصور تعني ايديولوجية واحدة في المنطقة وتوجه واحد، فصور القائد الكردي ، المعتقل في جزيرة ايمرالي، عبد الله أوجلان، فرج الله عنه وأعاده إلى مسيرته النضالية، وسط الخراب وفي مدينة أشباح، مدينة تحول أهلها إلى ” لاجئين” في وطنهم السوري وبقرار من المحررين، لا تبشر باستقرار قادم، وإن اتفقنا أن أنصاره كان لهم دورا مهما في تحرير المدينة من غرباء داعش وإرهابييها إلى جانب التحالف الدولي، إلا إن ذلك ليس مبررا لفرض صوره ـ مع كل الاحترام والتقدير لشخصه ـ على مدينة عربية سورية عانت كل ويلات الحرب والإرهاب، فتهدئة النفوس لا يمر عبر فرض رموز تعني طيفا ايديولوجيا واحدا، الأحرار لا يفرضون الاملاءات والخضوع على المُحرَّرَين، والمقدمات الخاطئة تؤدي بالضرورة إلى نتائج كارثية وكل المؤشرات تؤدي إلى أن المقدمات تتخللها أخطاء جسيمة، ولا يمكن لأهل الرقة شرب الظلم من النهر نفسه كل الدهر، نهر الظلم والاستبداد وفرض الاملاءات، نقولها للأخوة الحلفاء في قوات سوريا الديمقراطية وبصوت عالي ونكررها دائما: تعالوا إلى كلمة سواء بيننا كسوريين أولا وأخيرا بأختلاف انتماءاتنا وتوجهاتنا.

لا يجوز القبول بأي اتفاق مع الارهابيين تحت أي بند كان، وهنا لاحظنا معاودة سيناريو اتفاقيات ميليشيات حزب الله مع جبهة النصرة في اتفاقية المدن الاربعة ومن ثم اتفاق الحزب نفسه في نقل الدواعش من القلمون ، أخوتنا الكرد في قيادة قوات سوريا الديمقراطية على دراية كاملة بإجرام هؤلاء الإرهابيين ودمويتهم، وقد اختبروها بأنفسهم في عين العرب ” كوباني” وتل أبيض في معارك تحرير هذه المدن، وفي الوقت الذي يفتحون فيه ممرات لهؤلاء الإرهابيين للهروب إلى مناطق سورية أخرى، يتم تحويل المدنيين السوريين، ضحايا الإرهاب الأسود، إلى مخيمات في الأراضي السورية أشبه بالسجون، وتحت مسمى لاجئين في بلادهم، إنها صورة مقلوبة ومرعبة للأيام القادمة، لم نسمع طوال الصراعات في العالم أن يكون الإنسان لاجئا في بلاده، فيما الإرهابيين ينتقلون وبحماية دولية لممارسة شذوذهم في مناطق سورية أخرى، ويجدر بالذكر أنه لو تم نقل الدواعش في بداية عمليات تحرير الرقة قبل عام لكانت الصورة أكثر قبولا، ولكن المثير للريبة هو نقل الارهابيين بعد خراب المدينة ومقتل المئات من المدنيين وقبل إعلان التحرير بيومين.

إن الحرص على استكمال خطوات الانتصار في معركة التحرير، يفترض بناء خطوات لتعزيز ثقة أهالي الرقة بالأطراف التي شاركت بالتحرير وهي قوات سوريا الديمقراطية وقوات التحالف الدولي وفي مقدمتها القوات الأمريكية، وحيث أن الاجراءات المتبعة حتى الآن لا تبعث بالاطمئنان فإن قرع جرس الانذار واجب وطني يشاركنا فيه كل أبناء سوريا على اختلاف منابتهم وانتماءاتهم، لذا ندعو للقاء وطني تحت مظلة دولية وعربية للاتفاق على شكل إدارة المناطق المحررة ولن يكون فرض الوصاية بالقوة إلا فصلا آخرا من الفصول الدامية في المنطقة والحرية والكرامة والعدالة من وراء القصد.

أحمد الجربا
رئيس تيار الغد السوري

المصدر: المرصد السوري لحقوق الإنسان