رامي عبد الرحمن.. خصم روسيا الجديد

51

الحملات على “المرصد السوري لحقوق الانسان” الآيلة للتشكيك فيه، لا تقتصر على طرف واحد من أطراف النزاع السوري. النظام السوري وحلفاؤه، يقودون حملاتهم من جهة، و”داعش” الذي قرصن موقعه من جهة اخرى، وفصائل سورية معارضة، تقود حملات أيضاً. ودخلت روسيا أخيراً على الخط، من خلال التشكيك بدور مديره رامي عبد الرحمن، بوصفه لا يقول الحقيقة، ويتبنى أخبار المعارضة.

غير أن اللافت في تلك الحملات، أنها متزامنة. ويفسر عبد الرحمن تلك الهجمات، بالقول في تصريح لقناة “روسيا اليوم”: “ببساطة، نحن نتعرض للهجوم لأننا نقول حقيقة ما يحدث في سوريا، لكن يبدو أن أحداً لا يريد أن يسمع الحقيقة”.

الغريب في التعاطي مع أخبار المرصد، وهو أوسع شبكة حقوقية تغطي أخبار الازمة السورية، أنه انتقائيّ. حين يبث المرصد خبراً عن خسائر النظام، تتبناه منصات معارضة، بوصفه خبراً موثوقاً. وحين يتحدث عن تقدم ميداني للنظام وحلفائه، تتبنى وسائل الاعلام الحليفة للنظام الخبر، مشيرة الى انه صادر عن “المرصد المعارض”، وانه “اقرار من داخل بنية المعارضة بالتراجع”. وإذا كان عبد الرحمن، مصدراً اساسياً لأخبار الطرفين، فإنه في الواقع، خصم لهما على حد سواء.

أخيراً، جسّد دخول العامل الروسي على خط الأزمة الروسية، التنافر المزدوج والمتقابل، من “المرصد”. شُنّت حملات متزامنة على عبد الرحمن. كان أقصاها، ما فسّره بأنه معرّض لخطر التهديد الجسدي. فقد لحظ شخصين روسيين يتنقلان حول منزله في مدينة كوفنتري البريطانية، ويصوران المنزل، ويستصرحان جيرانه. استنجد عبد الرحمن بالشرطة، بعدما حادث احد الشخصين هاتفياً، وأخبره بأنه يعمل من منزله، كونه ليس منظمة اعلامية، ولا يمتلك مكتباً مستقلاً. تبين في وقت لاحق أن الشخصين، هما صحافيان روسيان، أنجزا تحقيقاً استقصائياً عن عبد الرحمن. وأفرجت قناة “روسيا اليوم” عن المادة.

اقتطع خبر مقتضب من مقابلة تلفزيونية مع “روسيا اليوم” بلغت مدتها 45 دقيقة، ونشرتها وسائل اعلام مؤيدة للنظام. تم التركيز فيها على أن عبد الرحمن، لم يزر سوريا منذ 15 عاماً. في الخبر، تشكيك في قدرته على احضار الخبر اليقين، كونه “لا يعرف مراسليه المنتشرين في أنحاء سوريا، بسبب الانقطاع”.

أضيفت توابل الى الخبر، بوصفه حيناً “عميلاً للمخابرات البريطانية”، وحيناً آخر بأنه يكوّن الرأي العام في الكرة الارضية كلها “وتكرر حكومات مختلف البلدان كالببغاوات اكاذيب يختلقها”. يستند هذا الرأي الى أن عبد الرحمن، بات مصدراً موثوقاً بالنسبة لوكالات انباء عالمية مثل “الفرنسية” و”رويترز”، فضلاً عن أنه ضيف شبه دائم في قنوات مثل “بي بي سي” و”فرانس 24″ وغيرها.

في المقلب الآخر، يتعرض عبد الرحمن لأعنف هجمات من المعارضة. كان آخرها البيان الذي نشر في شبكة “أخبار ادلب” قبل ان يتم حذفه، جاء فيه: “لوحظ في الآونة الأخيرة وبالتزامن مع الهجمة الشرسة لطيران العدوان الروسي، تعاون المرصد السوري في نقل تفاصيل إحداثيات المناطق التي يقصفها الطيران بشكل دقيق بالصوت والصورة، عن طريق بعض المتعاونين معه بشكل سري من إعلاميي المنطقة مقابل إمدادهم برواتب كبيرة للحصول على معلومات قد يكون نشرها مضراً بالثورة السورية”.

وطالب البيان “الفصائل العسكرية المسيطرة على الأرض بملاحقة المتعاملين مع المرصد السوري ومحاسبتهم قضائياً لما يقدموه للنظام من خدمات ومعلومات قد تعجز عملائه على إيصالها له”.

أمام هذا الواقع، يبدو “المرصد السوري” عاجزاً عن إرضاء الطرفين. ولعل “المصاعب” التي ينوي الحديث عنها أمام مجلس العموم البريطاني، الخميس، لن تستثني تفاصيل “الخصومة” مع طرفي النزاع، في حال أراد الحديث عن تطورات الحرب من موقعه كمراقب.

المصدر : صحيفة المدن