رهان غير مفيد للمعارضة السورية ستعود عنه قريباً

19

syria1

إحتجاجاً على ما أسماه “الصمت الدولي على الجرائم المرتكبة…” قرّر “الإئتلاف السوري المعارض تعليق مشاركته في مؤتمر مجموعة “أصدقاء الشعب السوري” المرتقب عقده في إيطاليا في الأيام القليلة المقبلة، ورفض تلبية أيّ دعوة لزيارة واشنطن أو موسكو. فما هي خلفيّات هذه المقاطعة، وما هي نتائجها؟

في الأسباب الموجبة لقرار المقاطعة بحسب المعارضة السورية:

أولاً: إنّ مؤتمر مجموعة “أصدقاء الشعب السوري” الذي سيُعقد في إيطاليا، والذي يضمّ ممثّلين عن أكثر من مئة دولة عربية وأجنبيّة إضافة إلى الهيئات والمنظمّات غير الحكومية، ليس الأوّل من نوعه، وقد سبقته أربعة إجتماعات للمجموعة على المستوى الوزاري، في كل من تونس وتركيا وفرنسا والمغرب في العام الماضي. وهي كلّها لم تخرج بأي تدابير ملموسة من شأنها إحداث تغيير في مجرى الأحداث في سوريا، أقلّه لجهة وقف سقوط آلاف الضحايا إضافة إلى الخسائر المادية الهائلة.

ثانياً: إنّ المجتمع الدولي لا يزال يفرض حظر تصدير الأسلحة على المعارضة، والوعود والكلام السياسي الداعم “لا يطعم جائعاً”، و”لا يحمي بلدة”. وبالتالي، من غير المقبول مقايضة المعارضة بشروط سياسية من دون مبادلتها بالحد الأدنى من الدعم العسكري واللوجستي، في الوقت الذي يحظى فيه النظام السوري بدعم كامل وغير مشروط من الدول الحليفة.

ثالثاً: إنّ المجتمع الدولي الذي يقف كلامياً بجانب المعارضة في المؤتمرات الدولية يوحي وكأنّ هذه الأخيرة تحظى بنفس الدعم الذي يحظى به النظام السوري من حلفائه، وهذا أمر غير صحيح. كما أنّ المواقف الإعلامية الداعمة تعطي مبرّرات للنظام بشنّ الحملات الإعلامية على المعارضة، لا سيّما لجهة إتهامها بالعمالة للخارج، من دون أن يكون لهذا الدعم الإعلامي أيّ إفادة ملموسة للمعارضة.

لكن وبحسب محلّلين غربيّين، إنّ موقف “المقاطعة” للإجتماعات الدولية الذي إتخذته “المعارضة السورية” لن يؤدّي إلى أي نتائج إيجابية، بل إلى نتائج سلبيّة، أبرزها:

أولاً: يقوم وزير الخارجية السوري، وليد المعلّم، بزيارة إلى روسيا حالياً للقاء كبار المسؤولين السوريين. ورأت المصادر الغربيّة أنّه كان على رئيس “الإئتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية”، أحمد معاذ الخطيب، تلبية الدعوة إلى زيارة موسكو، لتقديم “الرأي الآخر”، ولمحاولة تخفيف إنجراف الإدارة الروسية إلى جانب النظام السوري.

ثانياً: تفوّت “المعارضة السورية” بقرار المقاطعة، فرصة لقاء مسؤولين أميركيّين وأوروبيّين مؤثّرين في السياسة الغربيّة في الشرق الأوسط، وكان يجب مثلاً عدم تفويت فرصة الإجتماع بوزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي خلف هيلاري كلينتون في هذا المنصب، والذي يأتي بزخم كبير وبآمال بتحقيق دور أكثر فعاليّة للخارجية الأميركية في منطقة الشرق الأوسط ككل.

ثالثاً: على المعارضة السورية إثبات حضورها في المحافل الدولية، ومحاولة إقناع القوى الفاعلة عالمياً بقدرتها على تقديم سلطة بديلة موحّدة وقويّة، وإظهار سيطرتها و”مَونتها” على القوى المعارضة في الداخل السوري، بدلاً من الظهور بموقف الضعيف وغير المؤثّر، في الوقت الذي تزداد فيه النقمة الغربيّة على القوى المتطرّفة في الداخل السوري.

في الخلاصة، إنّ قرار المقاطعة الذي إتخذته المعارضة السورية لا يتعدّى تسجيل الموقف المُعترض، وهو لن يؤثّر بأيّ شكل من الأشكال على السياسة الغربيّة تجاه الأزمة السورية. وبالتالي، لا تغيير مرتقب في المدى المنظور إزاء الملفّ السوري، ما سيدفع المعارضة السورية إلى العودة عاجلاً أم آجلاً إلى المحافل الدولية، بمجرّد أن تكتشف أنّ قرار المقاطعة يضرّ أكثر مما يفيد!

النشرة