سرّ “الثقة المطلقة” في موسكو لدى الملك عبد الله: روسيا صاحبة الحظوة في سوريا وعمان مهتمة بـ “محظور المليشيات الطائفية”.. الأردن يراقب “عدم التصعيد” ودي مستورا يتحدث عن غرفة عسكرية جديدة.. ما علاقة ذلك بالدور الشرق الاوسطي الجديد؟..

16

تثق عمان تماما بالجانب الروسي حين يتحدث عن النظام السوري وعن ضماناته للتفاصيل في سوريا، وهذا ما يقوله عاهل البلاد الملك عبد الله الثاني للمقربين منه مؤخرا، ويتبعه بتوضيح ان الروس لم يراوغوا بتاتا في اي ضمانة قدموها للأردنيين، ولم يخذلوه في ذلك.

من هنا يمكن فهم تصريح الدكتور محمد المومني وزير الدولة لشؤون الاعلام والاتصال عن “مستويات” التواصل بين الاردن والنظام السوري والتي بدأها بالحديث عن التواصل عبر “القوة الفاعلة” في سوريا، والتي ذكر انها موسكو، باعتبارها الوسيلة التي يعتدّ بها الاردن عمليّا ويثق بها.

المومني ذكر ايضا ان العلاقات الدبلوماسية لا تزال فاعلة بين البلدين وان السفارة الاردنية في دمشق كما السورية في عمان تعملان وتوصلان الرسائل المراد ارسالها بكل الاحوال. طبعا ما ذكره المومني لا يتنافى ايضا مع كون العلاقات التنسيقية العسكرية ايضا لا تزال عاملة. الا ان عمان بكل الاحوال قد قدمت التواصل عبر الروس على اي وسيلة اخرى.

الرسائل الاردنية بالثقة في موسكو، تخدم طبعا الاتفاق الاخير لوقف التصعيد في الجنوب السوري ( المحاذي للحدود الاردنية) على المدى المنظور، وهنا الدبلوماسية الاردنية تعي تماما انها محصورة الخيارات وليس امامها الكثير من المنافذ غير الثقة في الوعود الروسية والروسية اكثر من سواها حين يتعلق الامر بالمحظورات التي تدافع عنها عمان عوضا عن نفسها عمليا وعن الاسرائيليين.

محظورات عمان ايضا صرّح بها الدكتور المومني وتحدثت عنها العاصمة الاردنية غير مرة والتي تتمثل بوجود ما تسميه “مليشيات طائفية” على حدودها، والتلميح هنا بالطبع لفصائل حزب الله والحشد الشعبي الايراني.

من محظورات عمان ايضا الاقتراب من الحدود الاردنية وهذا ما لا تركن فيه القوات الاردنية على الاتفاقات والتفاهمات فقط، بل وتعتمد على قدرتها على الرد تحت شعار حماية الحدود.

على المدى البعيد تعرف عمان جيدا ان روسيا اللاعب الابرز في شكل الشرق الاوسط الجديد وخصوصا في الجغرافيا والديمغرافيا السوريتين واللتين تهمّان بصورة واسعة كل الدوائر الاردنية لصناعة القرار، كما تهمّ الاخيرة كل ترتيبات اعادة  الاعمار واعادة اللاجئين التي يتحدث عنها وزير الخارجية الاردني في كل المحافل والتي لن تكون اخرها حلف شمال الاطلسي قبل ايام.

يحدث ذلك بينما تراقب عمان الهدنة السورية في الجنوب عن كثب، وفق ما اعلنه إلى جانب مصادر عمان المبعوث الاممي لسوريا ستيفان دي مستورا وهو يتحدث عن مفاوضات اردنية روسية امريكية في العاصمة الاردنية لبحث تفاصيل الهدنة “التي يفترض لها ان تؤسس لحالة من وقف التصعيد في مختلف المناطق وفي كل الاراضي السورية، دون تقسيم”.

روسيا بكل الاحوال اللاعب الاساسي في الجنوب وهي قبل الولايات المتحدة من تضمن امن الحدود الاردنية والمناطق المتاخمة لها، وتعالج بذلك التوجس الاردني من جهة والمخاوف الاسرائيلية من جهة ثانية  والتي تحدث الاخيرون عن كونهم لن يعالجوها بصورة مباشرة وان هناك من يقوم بذلك بالنيابة عنهم، وهنا الاحتمال مفتوح على اطراف المعادلة الثلاث.

المومني في تصريحاته قال ان عمان تراقب “وقف التصعيد” المعلن عنه، ولم يخفِ ان الاردن له الكثير من الشراكات العشائرية وفي المعارضة السورية في الجنوب، مضيفا “هناك قوى معتدلة ساهم الأردن وعدد من الدول بتدريبها وتقويتها من أجل محاربة الإرهاب في سورية والعراق، وهي قوى صاحبة حضور بسورية ومن الواجب أن يتعامل معها النظام السوري باعتبارها جزءاً من النسيج الوطني السوري.”

بكل الاحوال، دي مستورا تحدث عن غرفة عمليات “يتم انشاؤها في عمان” لمراقبة الهدنة/ وقف التصعيد في الجنوب، لتزيد اعداد غرف العمليات الاستخبارية والعسكرية في الاردن واحدة الى جانب الروسية والالمانية والسعودية والامريكية والبريطانية والفرنسية وغيرها، وهذا كله ما تحتاجه عمان تماما وبالتوافق مع جميع المذكورين لتبدأ بإمساك زمام دورها الجديد الذي اطلعت على بعض تفاصيله “رأي اليوم” من عدد من الدبلوماسيين المقربين من غرف العمليات في الاردن ووزارات الخارجية الغربية.

عمان ستصبح الجسر لكل الشرق الاوسط والمرور عبرها “واجب”، وهنا تعويض واضح عن بعض الادوار التي سينحسر نفوذ عمان فيها قريبا، وليراقب الجميع التفاصيل. 

المصدر: رأي اليوم