سوء الأوضاع المعيشية يزيد من حالات الانتحار في الشمال السوري والمرصد السوري لحقوق الإنسان يسلط الضوء على الظاهرة

52

شهدت مناطق مختلفة من الشمال السوري في الآونة الأخيرة ازديادًا ملحوظًا في نسبة حالات الانتحار وخصوصًا بعد عمليات النزوح الجماعية التي بدأت مع بدء العمليات العسكرية لقوات النظام والميليشيات المساندة لها، على أرياف حماة وحلب وإدلب مطلع العام 2019، وما شهدته المنطقة من مآسي النزوح، وتتنوع أسباب الانتحار ما بين النفسية وسوء الأوضاع المادية وغيرها، وبدوره أكد أحد الناشطين الإعلاميين “م،ع” في إدلب للمرصد السوري لحقوق الإنسان، على ما سبق، مضيفًا أنها بدأت تحدث بعض من حالات الانتحار في مخيمات النزوح المنتشرة في الشمال السوري، وتحدث حالة واحدة على الأقل كل شهرين، أي ما يعادل من 10 إلى 15 حالة منذ بداية العام 2019، و غالبها يكون نتيجة تردي الأوضاع المعيشية التي يعانيها الشخص المنتحر، ويضيف الناشط الإعلامي “م،ع” أنه في بعض الأحيان تكون حالات الانتحار سببها اضطرابات وضغوطات نفسية، وقد توزعت هذه الحالات على مناطق متفرقة من الشمال السوري مثل المناطق الخاضعة لسيطرة فصائل “الجيش الوطني” المدعوم من تركيا، ومناطق إدلب وريفها الواقعة تحت سيطرة هيئة “تحرير الشام” وفصائل أخرى، وأشار الناشط في حديثه للمرصد السوري إلى عدم وجود إحصاءات رسمية دقيقة لأعداد حالات الانتحار، وعدم معرفة أسباب كل حالة بشكل دقيق ومفصل، ولكن بشكل عام يلاحظ أنها أخذت بالانتشار أكثر من اي وقت مضى من عمر الأحداث في سوريا

ويختم الناشط الإعلامي “م،ع” في شهادته للمرصد السوري لحقوق الإنسان قائلاً: من الممكن أن تشهد المنطقة ازدياد أكبر في حالات الانتحار بحال استمر الوضع على ما هو عليه من تفاقم الأوضاع المعيشية لسكان الشمال السوري وخصوصًا في مخيمات النزوح، نتيجة الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعاني منها قاطني تلك المخيمات.

بدوره قال الطبيب النفسي “م.ع” للمرصد للسوري لحقوق الإنسان، أن الانتحار يعتبر من أخطر تبعات الأمراض النفسية، فهو دليل على وصول حالة الشخص لمرحلة متقدمة من الاضطرابات النفسية وبالتالي يصل لدرجة الانتحار حتى دون أخذ أي اعتبار لنتائج فعلته او حتى تمسكه بالبقاء على قيد الحياة، ويضيف أنه يوجد علامات تظهر على الشخص قبل قدومه على الانتحار، من أبرزها العزلة والابتعاد عن الجلسات العائلية والأصدقاء، وقد يبدأ بطرح أسئلة معينة عن سبب البقاء على قيد الحياة والفائدة منها، أو حتى تصدر منه تهديدات لأفراد اسرته بأنه سيموت قريبًا، وقد يصل لدرجة الامتناع عن الأكل والنوم، وبنفس الوقت هناك جزء من المنتحرين لا تظهر عليهم هذه العلامات، كما يؤكد الطبيب “م.ع، “أن السبب الاكثر شيوعًا لحالات الانتحار في الشمال السوري هو شدة الفقر الذي وصل له غالب السكان، وأسباب أخرى مثل التفكك الأسري نتيجة موت بعض الأقارب أو النزوح أو الاعتقال، ونتيجة طول مدة الحرب في سوريا التي تجاوزت الـ 10 سنوات، ومن جهة النساء هناك أيضا أسباب أخرى مثل الاضطهاد والتعنيف التي يمارس عليها وغيرها، ويشيد الطبيب”م.ع” في ختام شهادته للمرصد السوري بضرورة العمل بجدية من قبل الجهات المعنية في سبيل تخفيف أو القضاء على هذه الظاهرة الخطيرة، مثل تحسين الواقع المعيشي وخصوصًا في مخيمات النزوح، وتكثيف الجهود للتوعية من قبل بعض المنظمات المختصة، أو تأمين فرص عمل للشبان والرجال العاطلين، وعن آخر حالة انتحار شهدتها مناطق إدلب وريفها، فكانت عندما أقدم شاب على قتل نفسه من خلال إطلاق الرصاص على نفسه، وهو نازح في مخيم”تل الكرامة” في ريف إدلب الشمالي بتاريخ 8 آذار/مارس الحالي، وينحدر الشاب المدعو” محمود الفطراوي” من بلدة كفرنبودة في ريف حماة الشمالي ، ويبلغ من العمر 38 عامًا، وهو متزوج ولديه أطفال، ويعمل في مجال صيانة الأجهزة الإلكترونية، ويعاني من أوضاع معيشية ونفسية صعبة بحسب مصادر أهلية مقربة منه، كما يعاني الرجل منذ عدة سنوات من نوبات صرع واضطرابات نفسية تجعله يفقد القدرة على التحكم بنفسه والغياب عن الوعي بشكل كامل، وخضع عدة مرات للعلاج دون فائدة، وأكدت المصادر منه أيضًا، أن المخيم بشكل عام يفقتر لأدنى مقومات الحياة، من نقص في المواد الأساسية والتدفئة وغياب شبه كامل للدعم من قبل المنظمات الإنسانية.