سوريا: أربع سنوات من العار

16

2789699016588411_30300

يعرف السوريون جيدا العبارة الغبية التي كان يضعها نظام الأسد في صفحات جوازات سفرهم، والتي كانت تقول: «يُسمح لحامل هذا الجواز السفر إلى كافة دول العالم إلا العراق وبروناي»، ولم يكن أحد يعرف لماذا تم استثناء العراق وبروناي، وليس إسرائيل أو إنجلترا أو الولايات المتحدة، باعتبارها «دولا معادية وإمبريالية وصهيونية ومغتصبة وخبيثة» وبقية القائمة البعثية المعروفة في الشتائم والسباب.

ولكنها نموذج للفهم المغلوط الذي نشأ عليه نظام الأسد الذي يدخل عامه الرابع في مواجهة ثورة شريفة من شعبه الرافض لإجرامه ودمويته وطغيانه، شعب قام بعد أن وصلت الأكاذيب والإضلال والطغيان والفساد والجبروت لمراحل لم يعد من الممكن السكوت عنها ولا عليها.

أكذوبة الممانعة فضحت وعرفت بالأدلة والبراهين والإثباتات أن النظام الأسدي هو الحامي الأول لحدود إسرائيل، وشهد بذلك رامي مخلوف ابن خال بشار الأسد وبوابة النظام الاقتصادي، حينما قال بصريح العبارة: «أمن سوريا من أمن إسرائيل»، وهي مسألة اتفق معه فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي قال هو الآخر تصريحا بالمعنى نفسه، حينما قال: «إن بقاء الأسد في الحكم فيه ضمانة لأمن إسرائيل» وسقطت بذلك كل الأوهام بشعارات الممانعة التي كان يروج فيها النظام لنفسه، وسقطت أيضا شعارات العروبة والقومية، وكيف أن النظام تبنى نهجا وفكرا يغوص في القومية والعروبة وهو يستلقي بأكمله في أحضان إيران التي علاقتها بالقومية والعروبة كعلاقة كوريا الشمالية بذلك الأمر، وحديثها عن العلمانية وحماية الأقليات لم يكن سوى واجهة مضللة لإبراز وجه طائفي بامتياز، خرجت معه من الجحور أرتال من العصابات الطائفية أتت للقتال مع هذا النظام من كل صوب، متناسين هم أيضا شعارات المقاومة والقتال ضد العدو الإسرائيلي، وغير ذلك من الشعارات الجذابة.

إنه نظام الخوف والكذب، وها هو يستمر في إهانة شعبه، ويعلن عن إغلاق سفاراته في أكثر من دولة، وعندما سأل أحد الصحافيين مسؤولا دبلوماسيا سوريا عن الذي من المفترض عمله من قبل المراجعين السوريين في تلك الدول لقضاء حاجاتهم، فرد بكل وقاحة: «يسطفلوا».

إنه نظام يحتقر شعبه بامتياز، ولا يخجل من إظهار ذلك بكل الطرق والوسائل النظامية منها والدموية. لم يسلم هذا الشعب الشريف من أي وسيلة مدمرة إلا واستخدمت بحقه؛ من صواريخ وبراميل وقذائف وطائرات ودبابات وكيماوي. إنه النظام الأكثر دموية في العصر الحديث. دمر الحجر والبشر، ولم تسلم منه أي مدينة ولا قرية إلا ذاقت الدماء والمر والرصاص.

سقطت الأقنعة، وانكشفت الوجوه، وذابت الأكاذيب، ومزقت الشعارات، وها هو الرئيس الذي أتى إلى المنصب بـ«وراثة» غير مسبوقة ودستور مفصل على قياسه ومجلس شعب يصفق كـ«المساريع» لتأييده، يأتي اليوم على أنقاض بلاده، وعلى أرتال من الجثث التي قضت من أبناء بلاده يعلن عن نيته الترشح لمنصب الرئاسة، وهو يعلم أن شعبه قد تقلص عدده بين مشرد ومقتول ومسجون وضائع، وبالتالي لم يبق بالبلد سوى من يخشى ويخاف، أو مجبور على أن يؤيده.

ولذلك أقنعوه بأنه «سيفوز»، لأن الموضوع بات اليوم «أسهل» عدديا بكثير. من المضحك المبكي أن الرئيس بشار الأسد اليوم يُقارن بأنجلينا جولي الفنانة الأميركية المشهورة التي زارت مخيمات اللاجئين السوريين أكثر من مرة، وقدمت لهم الدعم الكثير بينما لم يجرؤ أحد من حكومته ولا هو بطبيعة الحال الاعتراف باللاجئين، وبالتالي زيارتهم. سوريا كحكم ونظام انتهت أخلاقيا قبل أن تنتهي سياسيا، ولا عزاء للشرفاء.

أربع سنوات من الدم والموت والقتل والصبر والهوان والمذلة، ويبقى رئيس يعاد انتخابه على أشلاء بلاده، هي صفعة ليست للسوريين الشرفاء وحدهم، ولكنها عار على كل من في جسمه دم أو بواقي ضمير. حقا قالها خالد بن الوليد رضي الله عنه دفين حمص الأبية: «فلا نامت أعين الجبناء».