سوريا تواصل حملتها على الدولة الإسلامية بعد استعادة تدمر

18

قاتلت قوات الحكومة السورية مدعومة بغارات جوية روسية مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في محيط تدمر يوم الاثنين في محاولة لتعزيز مكاسبها بعد أن استعادت السيطرة على المدينة الأثرية التي نسف التنظيم المتشدد عددا من معابدها الأثرية.

وتمثل خسارة الدولة الإسلامية لتدمر إحدى أكبر الانتكاسات التي مني بها التنظيم المتشدد منذ أن أعلن الخلافة عام 2014 في مساحات واسعة من سوريا والعراق. وتمثل استعادة الحكومة السورية لتدمر أيضا انتصارا كبيرا للرئيس السوري بشار الأسد وحليفته روسيا.

وقال الجيش السوري إن المدينة التي تضم بعضا من أهم آثار الإمبراطورية الرومانية ستصبح “قاعدة ارتكاز لتوسيع العمليات العسكرية” ضد التنظيم في محافظتي الرقة ودير الزور باتجاه الشرق.

وقالت وسائل إعلام سورية يوم الاثنين إن مطار تدمر العسكري فُتح الآن أمام حركة الطيران بعد أن قام الجيش بتطهير المنطقة المحيطة من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية.

وقال فواز جرجس خبير شؤون الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد “الآن ثمة التقاء للمصالح عالميا بشأن حقيقة الحاجة الفعلية إلى مواجهة الدولة الإسلامية. هذه هزيمة استراتيجية للدولة الإسلامية وبالتالي هو نصر استراتيجي للأسد وبوتين… يصب ذلك في رواية الأسد القائلة بأن سوريا حصن ضد الدولة الإسلامية.”

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتابع الحرب ومقره بريطانيا إن اشتباكات وقعت شمال شرقي تدمر بين مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية وقوات متحالفة مع الحكومة بدعم من غارات جوية سورية وروسية.

وأضاف المرصد أن غارات جوية يعتقد أنها روسية استهدفت أيضا الطريق المتجه شرقا من تدمر باتجاه دير الزور وأن اشتباكات وقعت يوم الاثنين حول مدينة القريتين الخاضعة لسيطرة الدولة الإسلامية على بعد 100 كيلومتر إلى الغرب من تدمر. وتحاول الحكومة السورية استعادة القريتين منذ أن استولت الدولة الإسلامية عليها في أغسطس آب الماضي.

وقال بان جي مون الأمين العام للأمم المتحدة متحدثا من عمان “شعرت بالتفاؤل” إزاء قدرة قوات الحكومة السورية على طرد تنظيم الدولة الإسلامية من تدمر وبأنه أصبح من الممكن الآن حماية التراث الحضاري للمدينة.

لكن المعارضة السورية قالت إنها تخشى أن تكون القوات الموالية للرئيس بشار الأسد تستغل وقف العمليات القتالية في الصراع الأوسع لتحقيق مكاسب على الأرض.

وقال رياض نعسان أغا عضو الهيئة العليا للمفاوضات المعارضة في اتصال هاتفي مع رويترز “وأخشى من أمر واحد أن خرق الهدنة سيتيح لنظام الأسد أن يقضم ما تبقى من سوريا بعد تحريره المناطق التي تسيطر عليها داعش (الدولة الإسلامية) والنصرة.”

والهدنة التي قبلتها حكومة الأسد وغالبية أعدائه هي الأولى من نوعها منذ بدء الحرب قبل خمس سنوات ورافقتها أول محادثات سلام تحضرها الأطراف المتحاربة. ولا تنطبق الهدنة على المناطق التي يسيطر عليها مقاتلو تنظيم الدولة الإسلامية أو جبهة النصرة جناح تنظيم القاعدة في سوريا.

* الموقف التفاوضي

على الأرجح ستستغل الحكومة السورية انتصارها في تدمر لتعزيز موقفها التفاوضي في محادثات السلام في جنيف من خلال تأكيدها على أنها شريك ضروري في الحرب ضد الدولة الإسلامية.

وتقود الولايات المتحدة حملة ضربات جوية دولية ضد الدولة الإسلامية في سوريا والعراق. وتقول واشنطن إنها ترفض التعاون مع حكومة الأسد لكنها ذكرت أنها نفذت ضربات جوية حول تدمر مرة واحدة على الأقل الأسبوع الماضي بينما كانت دمشق تحرز تقدمها.

وقال بشار الجعفري مبعوث سوريا لمحادثات جنيف في مقابلة مع قناة الميادين التلفزيونية ومقرها لبنان إن الوقت قد حان لقوى من بينها واشنطن للانضمام إلى موسكو في التعاون مع دمشق.

وقال الجعفري “نحن مع إنشاء تحالف دولي لمكافحة الإرهاب لكن بالتنسيق مع الحكومة السورية… ليس لدينا مانع أن نتحالف مع أمريكا لكن يكون بالتنسيق مع سوريا.”

وقلب التدخل الروسي في مجريات الحرب السورية الموازين لصالح الأسد. وبرغم إعلان موسكو عن سحب معظم قواتها العسكرية قبل أسبوعين فإن المقاتلات وطائرات الهليكوبتر الروسية واصلت شن عشرات الغارات الجوية يوميا على تدمر مع بدء حملة الجيش.

وقالت روسيا إنها ستساعد في تأمين تدمر وإزالة الألغام بعد الحملة وقال الكرملين يوم الاثنين إن سلاح الجو الروسي سيواصل دعم قوات الحكومة السورية.

لكن القوات الروسية مازالت تظهر مؤشرات على انسحابها الجزئي من سوريا. وقالت قناة روسيا 24 التلفزيونية الحكومية يوم الاثنين إن ثلاث طائرات هليكوبتر هجومية ثقيلة غادرت قاعدة حميميم الجوية الروسية في سوريا عائدة إلى روسيا.

* هزائم الدولة الإسلامية

قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن أغلب مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية فروا من تدمر يوم الأحد لكن بقي عدد من المقاتلين في المدينة. وقال رامي عبد الرحمن مدير المرصد إن أغلب السكان فروا قبل هجوم الحكومة وإنه لم يسمع بسقوط قتلى من المدنيين.

وقال عبد الرحمن إن 417 من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية قتلوا وفقا للمعلومات المعروفة حتى الآن في حملة استعادة تدمر وإن نحو 194 قتلوا على جانب الحكومة السورية. ولم يتسن التحقق من الأرقام من مصدر مستقل.

ونسف متشددو الدولة الإسلامية عددا من المواقع الأثرية العام الماضي وبث التلفزيون السوري لقطات أمس الأحد من داخل متحف تدمر أظهرت تماثيل مهشمة وعددا من واجهات العرض المحطمة.

لكن مأمون عبد الكريم مدير عام الآثار والمتاحف في سوريا قال إن مواقع أثرية أخرى ما زالت قائمة وتعهد بإعادة الآثار المتضررة إلى سابق عهدها فضلا عن استعادة ما نهب منها.

وأضاف لرويترز يوم الأحد “تدمر أصبحت محررة. هذا نهاية التدمير في مدينة تدمر. كم مرة بكينا على تدمر وكم مرة شعرنا باليأس؟ ولكن لم نفقد الأمل.”

ويأتي إخراج الدولة الإسلامية من تدمر بعد ثلاثة أشهر من طرد مقاتلي التنظيم من مدينة الرمادي العراقية. وخسر التنظيم بعض الأراضي أيضا في أماكن أخرى منها مدينة تكريت العراقية العام الماضي ومدينة الشدادي السورية في فبراير شباط فيما يحاول خصومه قطع صلات التنظيم بمركزي القوة الرئيسيين له وهما مدينة الموصل العراقية ومدينة الرقة السورية.

وقالت الولايات المتحدة يوم الجمعة إنها تعتقد أنها قتلت عددا من كبار مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية منهم عبد الرحمن القادولي الذي يوصف بأنه أكبر مسؤول مالي في التنظيم ومساعد لقائده أبو بكر البغدادي.

 

المصدر:swissinfo