سوريا: جَدل «الدُستورِية»..  وما أدراك؟

35

باقتراب موعد انعقاد ثلاثي استانا في الاول والثاني من آب الوشيك، عادت مسألة تشكيل اللجنة الدستورية الى صدارة الأحداث السورية بالتزامن مع هجمات واشتباكات عنيفة في أرياف اللاذقية وحماة وقذائف صاروخية تتساقط على احياء حلب، من قِبل الجماعات الإرهابية المدعومة ميدانيا (..) ما يشي بأن الحِراك مُتعدّد الجنسيات والتحالفات الدبلوماسية والعسكرية واللوجستية الميدانية، بعد موافقة لندن وباريس على زيادة عديد قواتِهما غير الشرعي على الاراضي السورية بطلب أميركي، بعد رفض الماني مُعلَن للطلب الاميركي، قد أخذ (الحِراك) طابَعاً هجومياً مُتعدّد الجبهات يصعب الجزم بالنهاية التي ستؤول اليها، بعد أن تقدّمَتها اللهجة المُتفائِلة التي ابداها المبعوث الدولي بيدرسون، في شأن تذليل عقبات تشكيل اللجنة الدستورية، دون الإعلان عن المواعيد الزمنية التي تسمح بالتئامها? بعد التوافُق على الاسماء «السِتّة» التي عِطّلت بدء عمل اللجنة، التي ما يزال الخلاف حول جدول أعمالها قائماً، ولم يُحسم بَعد إن كانت مُهمتها ستكون كتابة دستور جديد؟ أم تتولى تعديل بعض مواد دستور عام 2012.

وبصرف النظر عن التصريحات المُتطرّفة التي يدلي بها اطراف المعارضة السورية، وبخاصة ما يسمى هيئة التفاوض، التي تعيش اوضاعاً انقسامية غير مسبوقة، وما يُعلِنه ناطِقها يحيى العريضي، من مواقف مُتصَلِّبة وكأنه ما يزال يعيش الاوهام التي كان عليها، قبل الهزائم الموصوفة التي لحقت بتشكيلات المعارضة الإرهابية وزوال المظلّات السياسية التي وفرتها عواصم اقليمية ودولية. فإن تفاصيل عمل اللجنة وآليات اتخاذ القرارات فيها، وفي ما إذا كانت ستتم بالتوافق ام بالتصويت الذي سيكون – وِفق ما هو مُقترَح وليس على نحو نهائي – بنسبة 75% من الحضور. ناهيك عما سيطرحه المُعارِضون من اقتراحات تعجيزية، تُسانِدهم عواصم اقليمية وخصوصاً دولية، لا مصلحة لها في تهيئة الأجواء لحل سياسي سوري – سوري للازمة، وبما يضع حداً للتدخّل الغربي غير المشروع.. فان الشكوك الآخذة في التزايد حول النجاح الذي ستصيبه الجولة الجديدة لِثلاثي استانا والدول المُراقِبة ومنها الاردن ولبنان و العراق ومصر، ناهيك عما يُمكِن للجدل المُتجدِّد حول استخدام السلاح الكيماوي في دوما (الغوطة الشرقية لدمشق) ان يعكِس ضمن امور اخرى، رغبة?واشنطن في الزج بنفسها – والتحالف الذي أقامته على الاراضي السورية دعما لكرد سوريا، وتواطؤاً مع تركيا لِتشكيل ما يسمى «المنطقة الآمنة» في الشمال السوري، سيُضيف المزيد من التوتّر والمواجهات على الساحة السورية، وربما يدفع بمعارك اكثر اشتعالا في «جبب إدلب» اذا ما شعرَت انقرة انها قد تدفَع من رصيدها، ثمن التقارب الذي بدأ يَتبلّور ميدانيا بين القوات الاميركية الغازية وقوات «قسد» الكردية، التي تلتقي عضوياً في تحالف آخذ في التجذّر مع المُحتلّ الاميركي، وبمساعدة من فرنسا وبريطانيا وبعض دول الإقليم.

محمد خروب
المصدر: الرأي 

الآراء المنشورة في هذه المادة تعبر عن راي صاحبها ، و لاتعبر بالضرورة عن رأي المرصد.