سوريا: هجمات كيمائية قاتلة جديدة على مجلس الأمن التحرّك بحزم

31

(نيويورك)  القوات الحكومية السورية استخدمت على ما يبدو أسلحة كيميائية سامة في هجومين مؤخرا في حلب، ما تسبب في مقتل 5 مدنيين وإصابة العشرات بجروح. تبرز معلومات جديدة أيضا أن تنظيم “الدولة الإسلامية” – المعروف بـ “داعش” – استخدم مواد كيميائية كسلاح مؤخرا.

على “مجلس الأمن” التابع للأمم المتحدة التحرّك فورا حيال التقارير ذات المصداقية عن الهجمات، وفرض عقوبات فردية، وإحالة الملف السوري إلى “المحكمة الجنائية الدولية”.

قال أوليه سولفانغ، نائب مدير قسم الطوارئ: “حتى بعد تأكيد الأمم المتحدة مسؤولية الحكومة السورية عن هجمات كيمائية ضد المدنيين السوريين، لم توقف دمشق سلوكها الإجرامي. لكي يردع مجلس الأمن مثل هذه الأعمال الوحشية، عليه أن يحمّل الحكومة السورية عواقب تجاهلها لقراراته.”

أثبتت مقابلات هاتفية أجرتها هيومن رايتس ووتش مع سكان محليين وموظفين طبيين ومسعفين، بالإضافة إلى معاينتها لصور ولقطات فيديو، أن مروحيات الحكومة السورية أسقطت براميل متفجرة تحتوي مواد كيميائية سامة على حيين سكنيين في مناطق تسيطر عليها المعارضة بمدينة حلب، في 10 أغسطس/آب و6 سبتمبر/أيلول 2016.

بعد كل هجوم، وصل عشرات من الأشخاص الذين يعانون من صعوبة في التنفس والسعال واحمرار الجلد والعينين وسيلان غزير للدموع إلى المستشفيات للعلاج. قال أطباء ونشطاء محليون إن 5 أشخاص، بينهم 3 أطفال، لقوا حتفهم نتيجة لهذه الهجمات.

وصف أحد الأطباء وفاة طفلين وأمهما في هجوم 10 أغسطس/آب: “كان الطفلان فاقدين للوعي ولا يستجيبان. كانت أمهما ترتجف وتسعل وتصدر صفيرا أثناء تنفسها. كانت بالكاد تتنفس وسال اللعاب بشكل كبير من فمها”.

ستقدم لجنة عينتها الأمم المتحدة للتحقيق في الهجمات الكيمائية بسوريا تقريرها الرابع والأخير بشأن 9 هجمات في عامي 2014 و2015 إلى مجلس الأمن في 21 أكتوبر/تشرين الأول. أكد تقرير سابق لـ “آلية التحقيق المشتركة” التي شكلتها الأمم المتحدة و”منظمة حظر الأسلحة الكيميائية” أن الحكومة السورية نفّذت هجومين بالكلور عامي 2014 و2015، و”داعش” نفذ هجوما واحدا بغاز الخردل عام 2015، وهو مشمول بعقوبات الامم المتحدة. قالت هيومن رايتس ووتش إن على مجلس الأمن تمديد وتوسيع ولاية لجنة التحقيق التي عينتها الأمم المتحدة.

قالت هيومن رايتس ووتش إنه من الصعب تحديد المواد الكيميائية التي زُعم استخدامها في الهجمات الأخيرة على حلب بشكل مؤكد دون فحصها في مختبر، ولكن العلامات والأعراض التي ذكرها الضحايا وأفراد الخدمات الطبية تشير إلى أن القوات الحكومية ربما استخدمت الكلور. تظهر صور ولقطات فيديو بقايا براميل متفجرة، بما فيها عديد من أسطوانات الغاز. قال سكان محليون كانوا بالقرب من موقع الضربة وعاملين في المجال الطبي إنهم اشتمّوا رائحة كلور قوية تشبه رائحة منظفات التبييض المنزلية بالقرب من مواقع الضربة وفي ملابس المصابين.

قال طبيبان إن المرضى الذين عالجوهم بعد هجوم 6 سبتمبر/أيلول 2016 قالوا لهما إنهم رأوا دخانا أصفر أو أخضر بالقرب من موقع الضربة. يتسق هذا الوصف مع مادة الكلور بلونها الأخضر الباهت الذي يميل إلى الاصفرار. للكلور استخدامات مدنية عديدة ولكن “اتفاقية الأسلحة الكيمائية” لعام 1993، التي انضمت إليها سوريا في أكتوبر/تشرين الأول 2013، تحظر استخدام المواد الكيميائية كسلاح.

تظهر البقايا في الموقعين أن الأسلحة المستخدمة كانت براميل متفجرة، وهي سلاح بدائي غير موجه يُلقى عادة من المروحيات. قال شهود عيان إنهم سمعوا صوت مروحية، ثم صوت برميل متفجر يسقط قبل أن يشتمّوا رائحة الكلور. ليس هناك أي تقارير على استخدام جماعات المعارضة المسلحة للمروحيات.

ألقت مروحيات الحكومة السورية براميل متفجرة تحتوي مواد كيميائية سامة على الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة منذ أبريل/نيسان 2014 على الأقل. نشرت هيومن رايتس ووتش تقارير عن استخدام المواد الكيميائية كأسلحة في سوريا في مايو/أيار 2014 وأبريل/نيسان 2015 ويونيو/حزيران 2015.

جمع “الأرشيف السوري“، وهو قاعدة بيانات تجمع وتنظم وتتحقق من الأدلة البصرية لانتهاكات حقوق الإنسان، 14 مقطع فيديو ذا صلة بالهجومين، وقام بتحليلها.

اعتمد مجلس الأمن في 7 أغسطس/آب 2015 بالإجماع القرار رقم 2235، لإنشاء آلية تحقيق “تتولى إلى أقصى حد ممكن تحديد الأشخاص والكيانات أو الجماعات أو الحكومات التي قامت باستخدام المواد الكيميائية”. قالت روسيا حينها إن التحقيق قد يسدّ الفجوة الحاصلة في تحديد المسؤولين عن استخدام الكلور كسلاح في سوريا. أكدت الولايات المتحدة أن “تحديد المسؤولية أمر هام”.

قالت هيومن رايتس ووتش إن على مجلس الأمن تجديد ولاية آلية التحقيق المشتركة للسماح لها بمواصلة التحقيق في هذه الادعاءات وغيرها من الهجمات بالأسلحة الكيميائية في سوريا. تمديد الولاية سيجعل جميع الأطراف على علم بأن قادتهم قد يُدانون بهجمات كيمائية ترتكبها قوات تحت إمرتهم.

تحظر اتفاقية الأسلحة الكيميائية استخدام الخصائص السامة للمواد الكيميائية الشائعة مثل الكلور لقتل الأشخاص أو إصابتهم بجروح. توافق كل دولة عضو على الامتناع التام عن “مساعدة أو تشجيع أو حث، بأي شكل من الأشكال، أي شخص على المشاركة في أي نشاط محظور على أي دولة طرف بموجب هذه الاتفاقية”. تحظر قوانين الحرب المعمول بها في سوريا استخدام الأسلحة الكيميائية. يعتبر الاستخدام العمدي أو المستهتر للأسلحة المحرمة بقصد جنائي جريمة حرب.

قالت هيومن رايتس ووتش إن على مجلس الأمن الدولي فرض حظر على الأسلحة بهدف وقف جميع المبيعات والمساعدات العسكرية، بما فيها التدريب والخدمات التقنية، لجميع القوى المتورطة في انتهاكات خطيرة في سوريا، بما فيها الحكومة السورية. على المجلس أيضا فرض عقوبات ضد المسؤولين من كل الأطراف التي يتضح أنها متورطة في الانتهاكات الأكثر خطورة، والالتزام بمسار موثوق يُفضي إلى المساءلة الجنائية عن ارتكاب انتهاكات جسيمة من قبل جميع الأطراف. دعت هيومن رايتس ووتش مرارا مجلس الأمن إلى إحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية.

قال سولفانغ: “من المشين أن تستمر الحكومات في استخدام الأسلحة الكيميائية بعد 100 عام من الحرب العالمية الأولى، بل الأفظع هو أن سوريا أفلتت من العقاب على ذلك. على مجلس الأمن فرض الحظر الذي تنص عليه اتفاقية الأسلحة الكيميائية، الذي أنقذ عددا لا يحصى من المدنيين من الموت والألم الشديد.”

هجوم 6 سبتمبر/أيلول على حلب

قال سكان محليون لـ هيومن رايتس ووتش إنه بعد الساعة 1 ظهرا بقليل في 6 سبتمبر/أيلول أسقطت مروحية برميلا متفجرا على حي السكري في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة بحلب.

قال 3 أشخاص كانوا بالقرب من موقع الضربة إنه لم يكن هناك أي انفجار، ولكن بعد وقت قصير ظهرت رائحة كلور قوية. قال سكان محليون إنه لم يكن هناك أي وجود عسكري للمعارضة في المنطقة وقت الهجوم.

قال طبيب كان في منزله، قرب العيادة التي يعمل فيها، وكان ينسق عمليات الإسعاف بعد الهجوم:

كنت أسمع بوضوح مروحية أثناء تحليقها فوق بيتي. ثم سمعت صوت برميل يسقط. له صوت متميز. يصدر البرميل المتفجر صوتا مرتفعا جدا جدا حين اصطدامه بالأرض عادة. لكن هذه المرة لم يكن هناك مثل هذا الصوت. افترضنا أنه لم ينفجر. بعد لحظات، جاء أحد موظفينا، وكانت رائحة الكلور تُشتم من ملابسه.

قال أحد السكان:

لم ينفجر البرميل المتفجر، ولكن بعد بضع دقائق، شممت رائحة كلور قوية. ركض الناس في الشوارع. كانت عيونهم حمراء وكانوا يسعلون بشكل كبير. ركض الجميع إلى خزانات المياه لغسل وجوههم. كانوا يصرخون، “كلور! كلور!” كان الأمر فظيعا ومخيفا. بللت قميصي بالماء، وغطيت وجهي وهربت.

قدّم بلال عبد الكريم، صحفي أمريكي ناشط كان على بعد بضع بنايات من موقع الضربة، رواية مماثلة:

سمع مصوّري البرميل يصطدم بالأرض، وعندما اقتربنا رأينا الناس يجلسون في الشوارع مرتدين أقنعة جراحية رخيصة وهم يلهثون. ازدادت الرائحة بشكل كبير. ضاق نفسي وبدأت عيناي تؤلمني. كان هناك رائحة كلور قوية، كتلك التي نشمّها في المسابح.

نشر عبد الكريم  تقريرا مصورا عن الهجوم فيما بعد.

سعى عشرات الناس للعلاج الطبي بعد الهجوم، وفقا لمصادر طبية. أصدر مستشفى القدس بيانا قال فيه إنه استقبل 71 مصابا، بينهم 37 طفلا و10 نساء. ذكر تقرير لمستشفى عبد العزيز عمر في حلب أنه عالج 36 مريضا من بينهم 9 نساء و8 أطفال. ذكرت “الجمعية الطبية السورية الأمريكية” أن أكثر من 150 شخصا ذهبوا إلى 3 مستشفيات في حلب، منها واحدة تتلقى دعما من الجمعية.

قال ناشط محلي إن شخصين توفيا بسبب الهجوم، هما عبد الكريم عفيفة (29 عاما) الذي توفي على الفور، في حين توفي هجار كيالي، (13 عاما) بعد يومين. أكد طبيب وفاة كيالي لـ هيومن رايتس ووتش.

قال عاملون طبيون في المستشفيات الثلاثة إن أعراض المصابين شملت ضيقا في التنفس وسعال وعيون منتفخة وحمراء. قال طبيب إن بعضهم فقد وعيه وتقيأ. ذكر تقرير مستشفى عمر عبد العزيز أعراضا مماثلة.

جرّد مسعفون وموظفون طبيون المصابين من ملابسهم في المشافي وغسلوهم وزودوهم بالأكسجين ومضادات الهيستامين. قال أحد الأطباء: ” كان لدينا نقص في عبوات الأكسجين حتى قبل الهجوم. فجأة، كان علينا علاج 36 مصابا في نفس الوقت. كنا نأخذ قناع الأكسجين من مصاب لإعطائه لآخر”.

تظهر لقطات فيديو لمشفى القدس العاملين فيه يجردون الناس من الملابس ويغسلونهم ويزودونهم بالأكسجين. كان بعض المصابين، بمن فيهم الأطفال، يعانون من مشاكل واضحة في التنفس.

قال موظفون طبيون إنه كانت توجد رائحة كلور قوية في ملابس المصابين. قال طبيب في مستشفى استقبل 80 مريضا، ثلثيهم من النساء والأطفال:

لم نسألهم ما لذي حصل لهم. كان الأمر واضحا من الرائحة والأعراض. رائحة ملابسهم كلور كالذي يستخدم في المنظفات المنزلية.

قال طبيب آخر: “فاحت رائحة الكلور من ملابسهم بشدة، كرائحة المبيّض الذي نستخدمه لتنظيف الأرضيات. كانت الرائحة قوية جدا وملأت المستشفى كله “.

قال عاملان طبيان أيضا إن المصابين أخبروهما أن الغاز كان ملونا. قال أحد الأطباء إن المصابين وصفوا اللون على أنه أصفر أو أخضر يميل إلى الاصفرار. قال طبيب آخر إن المسعفين الذين ذهبوا إلى الموقع قالوا إن لونه “يُشبه الأخضر، ويميل إلى الأزرق”. قال صحفي أيضا يعمل في تلفزيون حلب إن السكان المحليين قالوا إنهم رأوا دخانا أخضر وأصفر.

تظهر الصور ولقطات الفيديو التي نشرتها “هيئة الطبابة الشرعية بحلب” على صفحتها في فيسبوك بقايا برميل متفجر، بما فيه 4 أسطوانات غاز منفجرة على الأقل.

هجوم 10 أغسطس/آب على حلب

أسقطت مروحية الساعة 8:30 مساء في 10 أغسطس/آب برميلا متفجرا واحدا على الأقل يحتوي على مادة كيميائية سامة في حي الزبدية الذي تسيطر عليه المعارضة في حلب، وفقا لأحد سكان المنطقة وعاملين في المجال الطبي وصور ولقطات فيديو.

قال أحد السكان المحليين لـ هيومن رايتس ووتش إنه كان في المنزل عندما سمع مروحية ثم صوت قنبلة تسقط وترتطم بالأرض، فخرج لمساعدة المصابين:

بدا أن الناس يشعرون بالدوار، ملأت الدموع عيونهم، ولم يكونوا قادرين على التنفس. تأثر أولئك الذين لديهم ربو ومشاكل في التنفس أكثر من غيرهم. ظهرت الأعراض على البعض أثناء تواجدهم في المنزل. ارتديت قناعا. إلا أن ابني البالغ من العمر 6 أشهر استنشق الغازات السامة، وظل يسعل باستمرار لعدة أيام بعد ذلك.

قال إنه كانت هناك رائحة كلور قوية وغبار مصفرّ في مكان سقوط البرميل المتفجر.

كما قال لـ هيومن رايتس ووتش إن الهجوم وقع في منطقة سكنية، بعيدا عن الخطوط الأمامية، حيث مازال يعيش آلاف الناس.

ذهب عشرات الأشخاص إلى المستشفيات لتلقي العلاج الطبي بعد الهجوم. قال أحد الأطباء:

وصلت عديد من العائلات إلى المستشفى، والجميع كان لديه مشاكل في التنفس: اختناق وسعال وصفير عند التنفس، وكان لدى بعضهم طفح جلدي وإفراز دموع مفرط. كنا نعلم أنه كان الغاز الكيميائي لأنه فاحت رائحة قوية منهم جميعا. كانت الرائحة تشبه إلى حد بعيد الكلور. عالجنا ما بين 60 و65 شخصا.

قال طبيب آخر إن طفلين وأمهما لقوا حتفهم في الهجوم:

في البداية، وصل طفلان وأمهما إلى المستشفى. كان الطفلان فاقدين للوعي ولا يستجيبان. كانت أمهما ترتجف وتسعل وتصدر صفيرا أثناء تنفسها. كانت بالكاد تتنفس وسال اللعاب بشكل كبير من فمها. كانت ملابسهم مغطاة بمادة رطبة لها رائحة حادة مثل الكلور. تعرض الطفلان إلى سكتة قلبية بعد حوالي 15 دقيقة. حاولنا إسعافهما ولكن دون جدوى. بعد 5 دقائق ماتت الأم أيضا.

نشرت هيئة الطبابة الشرعية بحلب أيضا بيانا قالت فيه إن طفلين وامرأة توفوا في الهجوم. تظهر لقطات فيديو نُشرت على موقع يوتيوب أحد الطفلين المزعومين اللذين لقيا حتفهما.

تظهر لقطات فيديو أخرى عاملين في المستشفى يزودون المصابين بالأكسجين بمن فيهم الأطفال.

عاينت “بيلينغات”، وهي مجموعة صحافة مواطنة استقصائية، وحللت عدة مقاطع فيديو ذات صلة بالهجوم، وقارنت تواريخ ومواقع الفيديو.

تظهر لقطات فيديو نشرتها “وكالة سمارت للأنباء” على يوتيوب بقايا برميل متفجر في حي الزبدية، بما فيها ما بدا أنه عدة اسطوانات غاز منفجرة، مماثلة لبقايا هجوم 6 سبتمبر/أيلول.

هجمات تورّط فيها داعش

تبرز صور ولقطات فيديو ومقابلات مع سكان محليين أن “داعش” استخدم أسلحة كيميائية مؤخرا.

ضربت عدة قذائف هاون محلية الصنع حوالي الساعة 4 مساء في 16 أغسطس/آب بلدة مارع التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة والجيش السوري الحر على بعد 30 كلم شمال حلب، بالقرب من خط المواجهة مع قوات داعش، وفقا لسكان أجرى معهم صحفي محلي مقابلات فيديو.

قال مسعف وعامل طبي إن ما يصل إلى 10 أشخاص بالقرب من موقع الانفجار عانوا من أعراض دفعتهم للاعتقاد أن قذائف الهاون كانت تحوي موادا كيميائية. شملت الأعراض صعوبة في التنفس واحمرار العيون والجلد والغثيان وفقدان التركيز. قال المسعف أيضا إنه لاحظ وجود رائحة قوية بالقرب من موقع الضربات.

يظهر فيديو لموقع الضربات بقايا ذخيرة وما يبدو أنه سائل أسود كثيف متناثر على جدار قريب. أظهرت صور لهجوم أغسطس/آب 2015 مادة سوداء مماثلة، وتعرض عشرات السكان المحليين لأعراض تتفق مع التعرض للمواد الكيميائية.

أكّد ياسر الحاج لـ هيومن رايتس ووتش أنه زار مارع بعد يوم من الهجوم وصوّر المقابلات وبقايا السلاح. قال ياسر إن الذخائر ضربت قرب مكتب البريد وسط مارع.

هاجم تنظيم “داعش” مارع مرارا من مواقع مجاورة.

زعمت تقارير على وسائل التواصل الاجتماعي جمعتها بيلينغات أن “داعش” استخدم المواد الكيميائية كأسلحة في هجمات ضد عدة بلدات وقرى أخرى شمال سوريا. قال اثنان من السكان المحليين لـ هيومن رايتس ووتش إن ذخائر سقطت على أم حوش، قرية تبعد 5 كلم على مارع، مساء 15 سبتمبر/أيلول أو في الصباح الباكر من 16 سبتمبر/أيلول. بعد الهجوم بوقت قصير، بدأت امرأتان تسكنان في الجوار، احداهما من أقارب الشاهدين، تواجهان صعوبات في التنفس والسعال واحمرارا في العينين وتقرحات جلدية. تلقت الامرأتان علاجا في مستشفى عفرين المجاورة.

قدّم الشاهدان لـ هيومن رايتس ووتش صورا للمرأتين تُظهر تقرحات جلدية. تُعتبر التقرحات علامة اعتيادية على التعرض لغاز الخردل، الذي خلصت آلية التحقيق المشتركة أن “داعش” استخدمه في 2015. كما تُظهر احدى الصور بقايا ذخائر مماثلة للتي عُثر عليها في مارع.

لم تتمكن هيومن رايتس ووتش أيضا من تحديد المواد الكيميائية المستخدمة في الهجمات بدقة، ولكن اختبارا أوليا لعينة من “المادة الزيتية السوداء الشبيهة بالقطران” وجدت على قذيفة ضربت قاعدة أمريكية في العراق، كشف آثارا لغاز الخردل، وفقا لتقارير إعلامية نقلا عن مسؤولين عسكريين أمريكيين.