سوريا – يجب السماح للمدنيين بالفرار من القصير افتحوا المجال لدخول منظمات الإغاثة الإنسانية فوراً

30

(لندن) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن القوات النظامية السورية ومقاتلي الميليشيات ملتزمون بتوفير ممر آمن للمدنيين يُمكِّنهم من الخروج من القصير والبلدات المحيطة بها. في حين غادر آلاف المدنيين القصير منذ بدأت الهجمات الحكومية هناك في أبريل/نيسان 2013. قال نشطاء من المعارضة بالقصير لـ هيومن رايتس ووتش إن الهجمات الحكومية الأخيرة على المدنيين الفارين، بما في ذلك هجوم تناقلته التقارير في 31 مايو/أيار، جعلت عملية الفرار صعبة ووضعت المدنيين المتبقين – وبينهم جرحى كثيرون – في خطر داهم.

أعربت هيومن رايتس ووتش عن عميق قلقها إزاء سلامة السكان المدنيين المتبقين وكذلك المصابين والأسرى من الجانبين. ينبغي على الحكومات المعنية أن تضغط على السلطات السورية لكي تضطلع بما عليها من التزامات بموجب القانون الدولي الإنساني، وتشمل هذه الالتزامات عدم استهداف المدنيين، والسماح لمنظمات الإغاثة الإنسانية بالدخول الفوري، ومعاملة جميع المحتجزين بشكل إنساني.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “أي قوات تمنع المدنيين من مغادرة القصير، فهي بذلك ترتكب انتهاكات جسيمة لقوانين الحرب. يجب ألا تستهدف القوات النظامية السورية المدنيين وعليها أن تسمح بوصول الإغاثة إلى السكان المعرضين للخطر”.

في مرحلة مبكرة من القتال في سوريا، مثل العمليات الحكومية في درايا والمعضمية في شهر أغسطس/آب 2012، وثقت هيومن رايتس ووتش هجمات انتقامية نالت من المدنيين، وشملت عمليات إعدام، بعد أن انسحب مقاتلو المعارضة.

قال نشطاء المعارضة من القصير لـ هيومن رايتس ووتش إن نحو ثمانية آلاف مدني وقرابة 1200 مصابين آخرين كانوا بحاجة للمساعدة العاجلة في القصير والبويضة وضبعة الواقعتين شرق القصير، وسط أعمال القصف الكثيف. لا يمكن تأكيد هذه الأرقام بما أنه لا توجد منظمات غير حكومية مستقلة متواجدة هناك في الوقت الحالي. دعت هيومن رايتس ووتش الحكومة السورية إلى فتح المجال فوراً أمام وكالات الإغاثة الإنسانية من أجل علاج المصابين وإخلاء المدنيين.

في 31 مايو/أيار تعرضت قافلة من المدنيين الساعين للفرار من القصير لهجوم من قبل قوات نظامية سورية حسب الادعاءات، طبقاً لناشط معارض أدلى بتصريحات لوسائل الإعلام. قال نشطاء محليون من المعارضة أيضاً لـ هيومن رايتس ووتش إنه بسبب الهجمات التي تشنها القوات النظامية التي تحاصر المكان؛ أصبحت ممرات هروب المدنيين غير آمنة.

تناقلت تقارير إعلامية عديدة أن في 10 مايو/أيار ألقى الجيش السوري منشورات فوق القصير يدعو فيها المدنيين إلى مغادرة المدينة، وكانت المنشورات مصحوبة بخريطة لمسار آمن يمكن الخروج منه. قابل الهلال الأحمر السوري بعض السكان الهاربين لمعاونتهم في الإجلاء. في 31 مايو/أيار في تصريحات للإعلام، قال مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين إن أكثر من 3500 شخص – أغلبهم من النساء والأطفال – تمكنوا من الهرب من القصير إلى بلدة قريبة. وتبيّن فريق طوارئ زائر للمنطقة أنهم يعيشون في ظروف صعبة للغاية ويعانون من مشكلات صحية بسبب ظروفهم. كما أفادت التقارير بأن الآلاف من سكان القصير قد فروا إلى لبنان وسجلوا مع مفوضية شؤون اللاجئين هناك.

وفي 30 مايو/أيار أصدر مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قراراً يدعو فيه الحكومة السورية إلى “السماح بدخول هيئات الأمم المتحدة والإغاثة الإنسانية – بشكل حر ودون إعاقة – إلى جميع المدنيين المتضررين من العنف، لا سيما في القصير، من خلال جميع المسارات الممكنة، بما في ذلك إصدار تصريحات بالعمليات الإنسانية العابرة بالحدود واعتبار هذه المسألة أولويةعاجلة”.

بموجب القانون الدولي الإنساني، فإن على أطراف القتال السماح بمرور المساعدات الإنسانية التي تصل للمدنيين المحتاجين إليها، وتيسيرها بشكل عاجل ودون إعاقة. يُعدّ حرمان المدنيين من الغذاء والرعاية الطبية خرق جسيم للقانون الدولي الإنساني، والمهاجمة المتعمدة للأفراد والمرافق والمواد والوحدات والمركبات المشاركة في جهود الإغاثة جريمة حرب.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أن يعجل بإحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، بما أنها الجهة الأكثر قدرة على التصدي للانتهاكات الجسيمة المرتكبة من قبل جميع الأطراف في سوريا. من شأن هذا القرار أن يرسل رسالة قوية مفادها أنه سوف تتم محاسبة المسؤولين عن الهجمات بحق المدنيين أو المقاتلين الأسرى. يجب على الحكومات المعنية والهيئات بين-الحكومية أن تدعم على وجه السرعة هذه الدعوة الموجهة إلى المجلس الأمن.

وقالت سارة ليا ويتسن: “يجب على الحكومات – قبل وقوع المذبحة التالية – أن تدعو مجلس الأمن لإحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية”. وتابعت: “من شأن هذه الإحالة أن تُظهر بوضوح أن من يتحملون مسؤولية جرائم حرب في سوريا سوف يمثلون أمام العدالة، مما يقطع الطريق أمام وقوع فظائع أخرى في المستقبل”.