سياسيون ومعارضون سوريون للمرصد السوري: الانتخابات الرئاسية “صورية” ولن نقبل بها.. وهي تأتي في سياق أزمات متتالية سياسياً واقتصادياً وإنسانيا

39

يتّجه النظام السوري إلى إجراء الانتخابات الرئاسية في أيار/مايو المقبل، دون مشاركة لغالبية السكان، ووسط رفض من المعارضة التي تعتبر هذه الانتخابات غير شرعية ولا تتماشى مع القرارات الأممية التي تدعو إلى عملية سياسية سورية بقيادة سورية.
ويرى مراقبون أن هناك دوافع سياسية جعلت النظام يقرر إجراء انتخاباته التي تدعمه فيها روسيا وإيران.
وتحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان مع سياسيين معارضين لهذه الانتخابات الذين أجمعوا على أنها صورية. وفي هذا المقام، يرى المحامي عضو الاتحاد الدولي للحقوقيين وعضو اللجنة التحضيرية في مؤتمر القوى الوطنية السورية، حسين السيد، أن ما تعرض له الشعب السوري من أوضاع كارثية وتدمير وقتل ممنهج وواقع مأساوي فرضته عليه عصابة مجرمة وعائلة اغتصبت السلطة في سورية منذ أكثر من خمسة عقود بانقلاب عسكري قاده الأب حافظ الأسد وأورث الحكم لولده من بعده بعيداً عن أي انتخابات أو السماح بإجرائها كأي انتخابات تحصل في هذا العالم، الأمر الذي جعل هذا النظام يموت في عقول وقلوب السوريين منذ عشرات السنين، إضافةً إلى أن السوري قد أسقط عنه أي شرعية محتملة سابقة بعد انتفاضة 2011 و انطلاق الثورة في جميع أنحاء البلاد مطالبةً بإسقاطه.

ومضى السيد قائلا: “لذلك يأتي ترشيح بشار الأسد نفسه للانتخابات- (بعد تهجير ونزوح ما يزيد عن نصف سكان سورية، وإعلان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وغيرها من الدول الرئيسية في هذا العالم رفضها لنتائج تلك الانتخابات وعدم الاعتراف بها أو بشرعيتها، وصدور قرار منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الأخير الذي أدان نظام الأسد باستخدامه ومعاودة تصنيعه للسلاح الكيميائي )- ليس أكثر من مسرحية هزلية يعتبرها حلفائه الروس والايرانيون فرصتهم الأخيرة في محاولة تعويمه وإعادة إحياء ذلك النظام الساقط محلياً ودولياً.
وأضاف محدثنا: “بناء على ذلك تعتبر تلك الإنتخابات باطلة وهي والعدم سواء، تأسيسا على الأسباب التالية، و أولها مخالفة انتخابات النظام السوري الحالي لجميع القرارات الأممية والدولية وتراتبية القرار 2254 التي قضت بأن عملية الانتقال السياسي في سورية يجب أن تبدأ بترتيب منطقي وقانوني على أن يكون تشكيل هيئة الحكم الانتقالية هي نقطة البداية وبداية الانطلاقة، ثم يأتي بعدها الدستور ومن ثم (الانتخابات)،وثانيا-إن القيام بالانتخابات يتطلب وجود سلطة أو حكومة انتقالية تشرف بنفسها أو بالتعاون مع الأمم المتحدة بعيداً عن سطوة وإرهاب عصابات الأسد التي ذبحت وقتلت واعتقلت وشردت ملايين السوريين داخل الأراضي السوريّة وخارجها، وبالتالي لا بد من وجود البيئة الآمنة التي يسودها الاستقرار والأمان والحرية للسماح للتحضير لتلك الانتخابات وإجرائها بعيداً عن منظومتهة النظام الأمنية والعسكرية، وثالثا -من الشروط الأساسية قبل إجراء أية انتخابات حقيقية في بلد خاض شعبه ثورة وحرباً عمرها تجاوز العشر سنوات أن تكون هناك بيئة اجتماعية جديدة “عقد اجتماعي جديد” يؤسس لنهاية تلك الحرب ويضمن السلام والاستقرار والإفراج عن جميع المعتقلين وعودة السوريين إلى بلدهم مع ضمان أمنهم وحياتهم وكفالة حرياتهم وممارسة كافة حقوقهم المدنية والسياسية دون قيد أو شرط. ورابعا -من الشروط الأساسية لأية انتخابات حقيقية أن يكون البلد مستقلاً ويتمتع بالسيادة والسيطرة على كامل أراضيه وألا يكون للدول ولقوات الاحتلال الأجنبية الأخرى أي وجود عسكري أو هيمنة أو سيطرة على قراره السياسي والأمني… وكل ذلك يجب أن يحصل قبل إجراء أية انتخابات .وأخيرا- وهو من الشروط الأساسية لأية انتخابات- وجود وتوفر بنية تحتية للبلد، وتوفر الخدمات من وسائط نقل وكهرباء وماء واتصالات، ووضع اقتصادي مقبول بحدوده الدنيا، كذلك توفر ووجود بنية تحتية انتخابية مناسبة (كقاعدة بيانات جديدة وإحصاء لعدد السوريين بعد عشر سنوات من القتل والإخفاء القسري والاعتقال من قبل نظام الأسد، إضافةً إلى إلغاء مئات الآلاف من قيود السجل المدني للأجانب ممن منحوا الجنسية السورية بعد أحداث الثورة بداية عام 2011 من أفغان وإيرانيين وعراقيين وغيرهم من المرتزقة الذين استجلبهم النظام.
وأفاد السياسي السوري بأن أبرز شروط أي انتخابات هو ضرورة وجود إطار انتخابي وقانوني ملائم ومرجعية قضائية مستقلة حتى يتم الاعتراف بشرعية أي انتخابات وهذا أمر مفقود..
وختم بالقول:”لذلك وبناءً على ما تقدم، لا يمكننا نحن السوريين ولا المجتمع الدولي القبول بترشيح مجرم حرب استخدم كافة الأسلحة المحرمة دولياً بما فيها السلاح الكيماوي ضد شعبه، وحرمهم من أبسط حقوق الإنسان.
إننا نتطلع إلى بناء نظام سياسي يؤسس لدولة القانون والمؤسسات والمواطنة، لا نظام عصابات ومافيات ومجرمي حرب”.
بدوره، يرى السياسي المعارض يحيى عزيز، في حديث مع المرصد، أن الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها من قبل النظام السوري في سياق أزمات متتالية مركبة سياسياً ، اقتصادياً وإنسانياً تؤكد أن هذا النظام غير آبه بما يجري في سورية من معاناة نتيجة الحرب المجنونة التي جلبت لشعبنا الدمار والقتل والاعتقال والتهجير والخراب ، عدا الجرحى والمعاقين وتضييق خناق العيش والحصار الاقتصادي الذي جعل أغلبية الشعب السوري تحت خط الفقر .
وأضاف: “ضمن هذا الواقع يحضّرُ النظام لانتخابات هزيلة في صورة دعوة صريحة لاستمراره في تعطيل الحل السياسي التفاوضي وتعطيل اللجنة الدستورية.. هذه الدعوة إلى الانتخابات لا تتوافق مع بيان جنيف 1 وقرار مجلس الأمن 2254 لعام 2015 ومخرجات سوتشي التي مهدت لتشكيل اللجنة الدستورية لصياغة دستور جديد وعلى أساسه تتم عملية الانتخابات التشريعية والرئاسية ، لذلك ستكون هذه الانتخابات خارج إطار قرار مجلس الأمن 2254 وفي ظروف تهجير أكثر من ثلث الشعب السوري ، أضف الى ذلك وجود مناطق أخرى في سورية خارج سيطرة النظام”.
من جهته، يعتبر الرائد أحمد مسؤول المكتب السياسي لتجمع الضباط المنشقين، في تصريح للمرصد ، أن هذه الانتخابات مصيرها الفشل ليس فقط لأن المعارضة ترفضها وإنما أيضا المجتمع الدولي برمته، وهذا كان واضحا في تصريحات الأوروبيين والأمريكيين ، فهم يعتبرون بشار الأسد مجرم حرب فقد شرعيته ولايمكن بأي شكل من الأشكال إعادة تدويره في انتخابات هزلية وغير مقنعة حتى لمؤيديه من حاضنته وأيضا من حلفاؤه الدوليين .
وأضاف محدثنا: “ليقنع نفسه المريضة بأنه لا يزال مسيطرا ومهيمنا.. هكذا حال الطغاة ،وهذا ما لمسناه في مسرحية المرشحين الآخرين الذين أمرهم بمنافسته، حيث إنهم مغموريون وغير معروفين حتى للشعب السوري أو حتى لأهالي الأحياء التي يسكنون بها ، وهذا ما يعكس لنا خوف النظام من شبح الديمقراطية حتى لوكان هو من صنعها ويعلم نتائجها “.
وختم بالقول: “هم لم يعلنوا ترشيحهم بل تم تعيينهم من قبل النظام لأداء هذه المسرحية الهزلية حيث إنهم من مجموعة مؤيديه وهذا مايثير السخرية ! لقد اختارهم بعناية وهذا لعدم توفرهم على الأهلية التنافسية بالحد الأدنى ، لا سياسيا ولا شعبيا ولا إعلاميا ولا اقتصاديا وهذا ما يرسخ انطباعنا حول طبيعة هذا النظام النرجسي المخابراتي ليس فقط المتمثلة في شخص بشار الأسد إنما الحاضرة في تفكير دائرته ونظامه والذين ينظرون إلى العملية الانتخابية على أنها لا تعدو منحة ومكرمة من سيادته ..”.
أما الصحفي والمحلل السياسي، ياسر البدوي، فيعلق بالقول: “أولا لا يمكن تسميها انتخابات.. الانتخابات من الناحية المهنية والقانونية لها عوامل وأساليب وهناك أنظمة انتخابية ولها ضوابط النزاهة والمشروعية وهي متعددة متفق عليها وقوانين يضعها القانونيين ورقابة وتمويل نزيه ومرشحون وبرامج انتخابية وأن تتم دون ضغط على الناخب ولا المرشح وهي عملية معقدة “.

واستطرد قائلا: “إن الناس في سورية انتخبت الرئيس بالهرب عبر الجبال والبحار من بطش هذا الرئيس”. وتساءل:”أين البرلمان الذي يمثل الشعب وهو في سورية مجلس المصفقين ويتم اختيار النواب من المخابرات واليوم أضيف إليهم قادة الميليشيات؟”
وفي تقدير البدوي، لا تزال سورية في حالة صراع وحرب ولم تخرج من هذا الوضع وبالتالي هناك قرارات دولية وأهمها القرار 2254 الذي حدد توقيتا للانتخابات وبيئة آمنة وإشرافا دوليا وضرورة مشاركة النازحين واللاجئين، وهذا لم يتحقق..
وتساءل عن برنامج المرشح للرئاسة المعروف سلفا أنه الفائز،وقال: برنامجه الانتخابي مليون قتيل وعشرة ملايين مهجر ومنكوب ومليون معاق وملايين الأيتام والأرامل وبنى تحتية مدمرة واقتصاد منهار وأربعة احتلالات وجوع وفقر. استبقت الدول الفاعلة عالميا برفض هذه الانتخابات الممسوخة وكذلك الأمم المتحدة.. وأخيرا هذه الانتخابات هي مثل زواج المتعة معروفة سلفا ومحددة وبالتالي هي باطلة ومحرمة”.