شكوك وحذر من النظام وإئتلاف المعارضة بنتائج إيجابية لبيان مجلس الأمن الدولي الجيش السوري يواصل قصف دوما ويستعيد ٤ قرى بهجوم مضاد على سهل الغاب الاربعاء,19 آب 2015 الموافق 4 ذو القعدة 1436 هـ

22

تسارعت التطورات العسكرية والسياسية في سوريا، حيث تواصلت المعارك العنيفة على مختلف جبهات الحرب، غداة المجزرة المروعة التي ارتكبتها قوات النظام بحق المدنيين في مدينة دوما بالغوطة الشرقية؛ في حين كان توصل مجلس الامن الدولي فجر امس، الى بيان عبّر خلاله بالاجماع عن دعمه لخطة سلام تهدف الى تشجيع حل سياسي للنزاع المستمر منذ اربعة اعوام في سوريا، انعكاسا للطريق المسدود الذي وجدت اطراف النزاع نفسها فيه.
 وفي تطور ميداني لافت، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن قوات الحكومة استعادت السيطرة على أربع قرى في شمال غرب سوريا امس في هجوم مضاد على المعارضة المسلحة التي تهدد معاقل الرئيس بشار الأسد.
وأضاف المرصد ومقره بريطانيا أنه بحلول عصر امس كانت طائرات الحكومة قد شنت أكثر من مئة ضربة جوية منذ ليل الاثنين على أجزاء من سهل الغاب الذي سيطرت عليه المعارضة خلال تقدمها هذا الشهر.
واوضح مدير المرصد رامي عبدالرحمن ان هذه القرى هي ناقوس، زيارة، تل واسط، ومنصورة، وهي تقع شرق قرية جورين التي تعتبر معقلا مهما للنظام في المنطقة. ولفت عبد الرحمن الى ان هذه القرى «تحصن جورين» التي تقع على تلة مرتفعة في محافظة حماة تشرف على منطقة سهل الغاب.
وأفاد الناشط محمد الصالح بأن قوات النظام استعادت عدّة قرى فجر هذا اليوم (امس) وكان أهمها قرى المنصورة وصوامعها وخربة الناقوس وتل واسط والزيارة والتنمية، ووصلت إلى تل زجرم.
وبرر الصالح هذا التقدم الكبير بالغطاء الجوي المكثف الذي ساند قوات النظام، حيث أغار سلاح النظام بالصواريخ والبراميل المتفجرة على قرى وبلدات سهل الغاب، واستهدف خصوصا مناطق الاشتباك لتسهيل تقدم النظام في سهل الغاب.
وتحدث الصالح عن وجود عناصر من الحرس الثوري الإيراني لدعم قوات النظام، وأكد انتشار عناصر من حزب الله منذ بداية معارك سهل الغاب.
وأفاد الناشط الميداني بريف حماة حكم أبو ريان بأن الاشتباكات تتركز الآن على أطراف قرية القاهرة من الجهة الشمالية.
ولفت أبو ريان إلى أن الثوار تركزوا في مواقع بسهل الغاب كأسلوب دفاعي وللحفاظ على أكبر قدر من المناطق التي سيطروا عليها مؤخراً.
وعزا بعض الناشطين الميدانيين بسهل الغاب تقدم قوات النظام، لالتفاف النظام على الثوار من ناحية الجنوب حيث نقاط التمركز الضعيفة لجيش الفتح الذي كان يتوقع هجوم النظام من ناحية جسر التنمية القريب من قرية الزيارة ولذلك لم يدعّم قواته في الجنوب.
واشتدت وتيرة الحرب المستمرة منذ أربعة أعوام في الآونة الأخيرة. وازدادت ضراوتها على خطوط المواجهة الرئيسية بما في ذلك بالقرب من دمشق حيث أدى قصف جوي على سوق في مطلع الأسبوع إلى مقتل مئة شخص وفي مدينة درعا الجنوبية حيث تتصدى الحكومة لمحاولة جديدة من جانب المعارضين  للسيطرة على المدينة.
وتشكل جميع هذه المناطق أهمية استراتيجية للأسد الذي يسعى بمساعدة الإيرانيين وحزب الله للتمكن من السيطرة على المناطق الغربية من البلاد بعدما فقد جزءا كبيرا من الباقي لجماعات منها تنظيم الدولة الإسلامية.
ولم يؤد زحف المعارضين المسلحين على سهل الغاب إلى تهديد جبال العلويين وحسب.. بل فتح طريقا نحو الجنوب إلى مدينة حماة. وهي واحدة من نقاط الثقل السكاني في غرب البلاد ويعطيها الأسد درجة من الأولوية.
وأفاد المرصد أيضا أن حزب الله والجيش السوري تقدما في بلدة الزبداني التي يسيطر عليها المعارضون بالقرب من الحدود اللبنانية حيث انهار وقف لإطلاق النار أبرم مطلع الأسبوع بعدما أخفقت محادثات بين الطرفين المتحاربين في التوصل لاتفاق على وقف للمعارك لفترة أطول.
وقال المرصد إن القوات الحكومة أسقطت 25 برميلا متفجرا على البلدة التي لها أهمية كبيرة للأسد وحزب الله بسبب موقعها على الحدود اللبنانية وقربها من دمشق.
وتابع المرصد أن الجيش شن ضربات جوية لليوم الثالث على بلدة دوما إلى الشمال الشرقي من دمشق التي كان سوقها هدفا لغارة جوية يوم الأحد. وترددت أنباء عن معارك بين القوات الحكومية والمعارضة المسلحة في منطقة حرستا القريبة.
ويؤكد تصاعد القتال التحديات الهائلة التي تواجه الجهود الدبلوماسية الجديدة الرامية لإيجاد حل للصراع. وأدت الأحداث في سوريا إلى مقتل ما يقدر بربع مليون شخص وتشريد أكثر من 11 مليونا عن ديارهم.
وقال وزيرا خارجية روسيا وإيران خلال اجتماع يوم الاثنين إن مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد ينبغي أن يحدده السوريون. وقالت موسكو أيضا إنها تعارض أي خروج للأسد من سدة الحكم في إطار اتفاق السلام.
مجلس الامن
 سياسياً، عبّر مجلس الأمن الدولي بالإجماع، في بيان، عن دعمه لخطة سلام تهدف الى تشجيع حل سياسي للنزاع المستمر منذ اربعة اعوام في سوريا تلقتها دمشق والائتلاف السوري المعارض امس بحذر.
ويرى محللون ان تجاوز الولايات المتحدة وروسيا لخلافاتهما وتوافقهما فجر امس على نص يركز على الانتقال السياسي بعد فشل مبادرات عدة لا يعكس بالضرورة تقاربا في وجهات النظر حول اساس الازمة وتحديدا مصير الرئيس السوري بشار الاسد. ويعتبر هؤلاء ان عوامل عدة ساهمت في التوصل الى خطة السلام هذه ابرزها استنزاف الفصائل المقاتلة على الارض والحاجة الملحة لمواجهة التهديد الذي يشكله تنظيم الدولة الاسلامية والانفراج في العلاقات الايرانية الاميركية بعد الاتفاق النووي. وجاء الدعم لهذه الخطة بعد ساعات على غارات جوية للطيران الحربي السوري اسفرت عن سقوط حوالى مئة قتيل بالقرب من دمشق.
ودان مسؤولون في الامم المتحدة، بينهم مبعوث الامم المتحدة الى سوريا ستيفان دي ميستورا، القصف. وقد اتهمته دمشق امس بـ «الابتعاد عن الحيادية في ممارسة مهامه».
وأكد مجلس الأمن في بيانه انه يدعم «اطلاق عملية سياسية بقيادة سورية تقود الى انتقال سياسي يلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري»، بدون اي اشارة الى مصير الاسد.
وقال البيان ان هيئة الحكم الانتقالي هذه تتمتع بكافة الصلاحيات التنفيذية على ان «يتم تشكيلها على قاعدة التوافق المشترك مع ضمان استمرارية المؤسسات الحكومية». وتتضمن خطة السلام التي اقترحها دي ميستورا ويفترض ان يبدا تطبيقها في ايلول، تشكيل اربع فرق عمل تبحث عناوين «السلامة والحماية، ومكافحة الارهاب، والقضايا السياسية والقانونية، واعادة الاعمار».
وقال هيثم مناع القيادي السوري المعارض الذي شارك في المشاورات التي اجراها دي ميستورا ان «اختيار الشخصيات المؤهلة (من الجانبين) لتشكيل اللجان الاربع بدأ بالفعل».
وتستند خطة السلام المقترحة الى المبادئ الواردة في بيان «جنيف 1» الصادر في 30 حزيران 2012 عن ممثلي الدول الخمس الكبرى الاعضاء في مجلس الامن والمانيا والامم المتحدة وجامعة الدول العربية، والداعي الى تشكيل حكومة من ممثلين عن النظام والمعارضة بـ «صلاحيات كاملة» تتولى الاشراف على المرحلة الانتقالية.
وعبرت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زخاروفا عن ارتياحها لأن «موقف موسكو كان موضع اتفاق».
وقالت «انها وثيقة بناءة توفر الاتهامات المجانية ضد هذا الطرف او ذاك وتدعو في المقابل الى تعزيز كل القوى من اجل تسوية سلمية».
ورأى كريم بيطار الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (إيريس) في تصريح ان المبادرة الجديدة ليست الا بداية و«لا شيء يضمن حتى الان انها ستكون اكثر نجاحا من المبادرات السابقة».
وأضاف «هناك اجماع غير مسبوق (…) وبداية تقارب، واجواء بدأت تتغير» لكنه اوضح ان «ايا من الطرفين ليس مستعدا في هذه المرحلة لتقديم تنازلات اضافية تسمح فعليا بترجمة هذا التقارب على الأرض».
وفشلت كل المبادرات السابقة التي اقترحتها الامم المتحدة او القوى الكبرى في وضع حد للنزاع السوري.
ولم يتوصل مؤتمر جنيف-2 عام 2014 بين ممثلين عن النظام والائتلاف الى نتائج حاسمة بسبب الخلاف حول مصير الأسد.
وتدرك القوى الكبرى، وفق بيطار، حالة التعب التي تعتري النظام والفصائل المقاتلة، والتي يستفيد منها المتطرفون وتحديدا تنظيم الدولة الاسلامية الذي بات مصدر التهديد الرئيسي بالنسبة الى المجتمع الدولي.
وقال بيطار ان «هناك وعيا مشتركا لحالة الاستنزاف التي يعاني منها طرفا الصراع» في سوريا وبأن «احدا لا يستطيع ترجيح الكفة لصالحه».
 واضاف «هناك خشية من ان يملأ تنظيم الدولة الاسلامية الفراغ» بعدما بات يسيطر على نحو نصف الاراضي السورية.
 واقر الأسد نهاية تموز للمرة الاولى بوجود «نقص في الطاقة البشرية» في صفوف الجيش الذي يقاتل منذ اكثر من اربع سنوات فصائل معارضة ومتطرفة على جبهات عدة على امتداد الاراضي السورية.
من جهته، قال المحلل اندري باكليتسكي من مركز «بي آي ار» المستقل للبحوث في موسكو ان «البيان لا يحمل تغييرا جذريا لكن مجلس الامن وللمرة الاولى منذ عامين يتوصل الى اجماع حول سوريا».
واضاف «انه نص مبهم وليس من السهل تطبيقه». في موازاة ذلك، لا تزال مواقف الاطراف السورية المعنية على حالها.
وأكد استاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق بسام ابو عبدالله ان مكافحة الارهاب أولوية، موضحا انه «من دون مكافحة الارهاب لا يمكن الحديث عن اي شيء اخر».
 في المقابل، قال القيادي في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية سمير نشار ان ثمة «شكوكا» تحيط بخطة دي ميستورا.
وأضاف «نحن بحاجة الى توضيحات من دي ميستورا» مشددا في الوقت ذاته على انه «لا يمكن للاسد ان يلعب دورا في العملية الانتقالية». وقال بيطار ان «اساس المشكلة لم يمس وهو تحديدا مصير الاسد كشخص وهو لا يزال يشكل عائقا» منذ بدء النزاع في سوريا.
اما مناع فرأى ان «هذا السؤال يطرح خلال العملية (السياسية) او في نهايتها لأن طرحه في البداية يعني الذهاب الى الفشل التام».
وفي باريس، أعلن الناطق الفرنسي المساعد لوزارة الشؤون الخارجية والتنمية الدولية ألكسندر جيورجيني أن بلاده «ستدعم جهود السيد ستيفان دي ميستورا لتنفيذ تصريح مجلس الأمن» بخصوص سوريا.
وقال جيورجيني في مؤتمره الصحافي: «تحيي فرنسا اعتماد تصريح رئاسي لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أمس في نيويورك، دعما لعملية الانتقال السياسي في سوريا تحت اشراف المبعوث الخاص للأمين العام استيفان دي ميستورا».
وأضاف: «يؤكد اعتماد هذا النص، للمرة الأولى منذ سنتين وبتوافق كل أعضاء مجلس الأمن(…)، ضرورة إقامة حكومة انتقالية تتمتع بكامل الصلاحيات التنفيذية، بحسب مبادئ بيان جنيف. وهذا سمح بتأكيد مساندتنا المشتركة لجهود دي ميستورا».
(اللواء – وكالات)

 

المصدر: اللواء