عادات وتقاليد في بعض مناطق سورية سبباً في تزويج القاصرات وحرمانهن من أبسط الحقوق 

66

 

كانت ولا تزال العادات والتقاليد في بعض المناطق السورية، سبباً أساسياً في حرمان المرأة السورية من أبسط حقوقها، بل وأسهمت هذه العادات في تهميش المرأة وجعلها ضحية في العديد من الجوانب مثل الجهل والفقر والظلم، ومن أبرز ما عانت منه المرأة في هذه المناطق هو الزواج المبكر والذي يعرف قانونياً “بتزويج القاصرات” وما يترتب عليه من مشكلات عديدة وقعت على عاتق المرأة السورية.
عامان على انفصال ( أ.م) البالغة من عمرها 18 عاماً، عن زوجها السابق الذي كان يكبرها بعامين، بعد أن أدت بهما المشاكل الزوجية المتكررة للإنفصال، وفي شهادتها لـ”المرصد السوري” تقول، أنها من منطقة سهل الغاب في ريف حماة الغربي وقد تزوجت لمدة قصيرة جداً لا تتجاوز الشهرين ونصف بعد أن وصلت بها المشاكل الزوجية لطريق مسدود، وقد تزوجت به دون اقتناع كامل لكن رغبة ذويها هي من جعلتها توافق.
وتضيف أن ذلك الشاب لم يكن قادراً على تحمل مسؤولياته تجاهها ويستعين بوالده حتى في مصروفها الشخصي ودائما يتعمد الخروج من المنزل وتركها والتعامل معها بقسوة واجبارها على العمل وغيرها من الأسباب التي أدت في النهاية للانفصال، وقد تزوجت في سن مبكر لم تكن على دراية كافية بمعنى الزواج وغير قادرة على تحمل الضغوطات النفسية.
وتوضح أن حياتها تغيرت بعد الانفصال، بسبب نظرة المجتمع لها كونها “مطلقة” ولم تعد صالحة للزواج مرة أخرة كما هو في مفهومهم وأن السبب يعود لها في الانفصال عن زوجها السابق، إضافة لعدم منحها الحق في اختيار الشخص المناسب لها من قبل الأهل الذين يفرضون عليها قيوداً صعبة.
وتؤكد أن المرأة في المناطق الريفية ولاسيما ضمن مناطق ريف حماة لا تحظى بأي أهمية وقد تمنع من الدراسة وحقها في الميراث وإكمال التعليم والعمل في المجال الذي ترغب به، فضلاً عن فرض العديد من القوانين الظالمة بحقها بدعوى العادات والتقاليد.
بدورها تتحدث ( ك.م) من بلدة الكسرة في ريف دير الزور في شهادتها لـ”المرصد السوري” قائلة، أنها أجبرت على الزواج في سن مبكرة لا يتجاوز 14 عاماً بعد أن توقفت عن الدراسة بسبب سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على المنطقة، حيث أجبرت من قبل أهلها على الزواج من ابن عمها دون أخذ موافقتها بعين الاعتبار.
مضيفة، بعد الزواج انصدمت من الواقع الجديد الذي عاشته والذي كان يختلف تماماً عن السابق وصعوبة تأقلمها مع المسؤوليات الكبيرة التي تحملتها في زواجها المبكر، الأمر الذي أدى في النهاية لانفصالها عن زوجها بعد عامين فقط من الزواج وعدم قدرتها الإكمال في حياتها الزوجية التي فرضت عليها، فعادت لمنزل أهلها في سن 16 عاماً ومعها طفلها.
وتلفت في ختام حديثها، أنها ليست الوحيدة التي ظلمتها العادات والتقاليد بل هناك الكثير من الفتيات ممن وقعن ضحية هذه العادات المجحفة وأصبحن أمهات في سن مبكر وانفصلن عن أزواجهن لعدم قدرتهن على تحمل مسؤوليات الزواج المبكر.
بدورها تتحدث ( ز.ض) وهي نازحة في منطقة ريف دير الزور الغربي في شهادتها لـ”المرصد السوري” قائلة، أنها تزوجت في سن 16 عاماً بعد ان دفعتها عائلتها لذلك بسبب ضيق الأحوال المعيشية فعائلتها يبلغ عددها ستة أفراد ولم يعد والدها قادراً على تحمل أعباء المعيشة لذلك دفعها للزواج في سن مبكر بهدف التخفيف من العبء على العائلة.
ومع أنها لم تفضل الإنفصال عن زوجها إلى الآن إلا أنها تعاني كثيراً من الضغوط النفسية والمسؤوليات على عاتقها لاسيما وأنها أصبحت أم لطفلين، فقد فضلت البقاء مع زوجها من أجلهما، وتحاول جاهدة الصبر على واقعها المرير وعدم ترك أطفالها، وتامل ان تستطيع أن تأمن لهم معيشة كريمة مؤكدة أنها ضد فكرة الإكراه على الزواج وهذا ما لن تفعله مع أولادها مستقبلاً.
يشار أن العادات والتقاليد المتبعة في بعض المناطق السورية ولاسيما الريفية ومناطق الجزيرة السورية العشائرية أسهمت في ضياع العديد من حقوق المرأة السورية وحرمانها منها وهذا الموضوع لم يكن وليد الأحداث في سوريا بل يعتبر قديماً جداً لكنه أصبح بوتيرة أكبر نتيجة الأحداث وتبعاتها من نزوح وتشرد وتردي الأوضاع المعيشية.