عار سوري وعار أميركي وفضيحة روسية

17

45344881d993ab749ee01f3522f710236c0c84e9_M

الفصل الجديد من «تاريخ سورية العزة والكرامة والإباء» يبدأ في غضون ساعات… بمجرد الانتهاء من فرز أصوات الناخبين. لن يباغت السوريين سوى احتمال واحد، حظوظه مئة، تحت الصفر! هو غلبة المرشح ماهر الحجار أو حسان النوري على «تجديد المبايعة» لـ «الرئيس الأبدي» بشار الأسد.

 

 

إلى أصوات القصف التي واكبت المبايعين، وزغاريد الموالين الممالئين، ورقص المرعوبين، وبصمات المرتجفين ودعاء المنكوبين بـ «العرس الوطني» كما سمي في دمشق الثكلى بـ 164 ألف قتيل سوري، سيضيف نظام الأسد بصماته، ويَعِد السوريين بمستقبل «مشرق»، بلا براميل متفجرة ولا خراب أو مجازر… ربما لأن كل الدماء التي سالت منذ العام 2011 تكفي لـ «تجديد مبايعة الأسد».

 

 

أي ثمن لتلك الدماء؟ «العزة والكرامة» ليستا سخرية في المأساة التي ربما فاقت نكبات فلسطين، بل اعتداد تبديه الرئاسة بـ «رعاياها» الذين اختاروا التضحية بـ 164 ألف سوري لتمديد عهد رئيس!

 

 

صحيح أنه العار الذي يدينه الأميركيون، يأنفون من مجرد التعاطي مع الأرقام التي سيذيعها بشار بعد فرز الأصوات… لكنه كذلك العار الأميركي الذي يخجل منه السفير السابق للولايات المتحدة في دمشق، روبرت فورد، الذي بات عاجزاً عن الصمت. يحق للسوريين أن يسمّوه بين أصدقائهم، إذ يضع إصبعه على الجرح الحقيقي الذي أطال المعاناة مع النكبة بنظام يجيد قتل شعبه ثم يقتاد الناجين الى صناديق اقتراع سوداء. شجاعة فورد أن يخاطب إدارة الرئيس باراك أوباما، أن يهاجم ترددها المريع وعجزها عن أي خيار، وعن تصديق ما فعلته بالسوريين، حين جعلت الأولوية أولوية نظامهم، أي ما يسميه «إرهاباً» وما تصنّفه «قاعدة» و «جبهة نصرة» وسواهما.

 

 

بين عار النظام السوري وعار الإدارة الأميركية، محك صدقية النظام عند موسكو وطهران. الأولى سخّرت إعلامها ليتابع مهمة مراقبي الانتخابات الروس في سورية، والثانية أوفدت رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني ليتفقد صناديق الاقتراع… ومَنْ يدري ربما تكون من صناعة «الحرس الثوري» لئلا يجرؤ النظام البعثي على التلاعب بالديموقراطية. وحين يتحدث التلفزيون الروسي عن «انتخابات اختبار الديموقراطية» ونزاهة الاقتراع في سورية و «التصويت على المستقبل»، يمكن المواطن في درعا ودمشق والسويداء وحلب وحمص وبين أطلالها، أن يتكهّن بالمصير بعد كل الخراب الذي سبق الاقتراع.

 

 

ولمن ظنوا أن الحزب الشيوعي الروسي أفلس منذ زمن بعيد، ها هو يلتقط بفطنته ذاك «المستوى العالي» من التنظيم في الانتخابات الرئاسية السورية. وحدها قناة «دوجد» الروسية تجرّأت على الكرملين حليف النظام وراعيه الأول، في الجزم بعبثية «إعادة اختيار الجلاّد».

 

 

ولا تكتمل المهزلة إلا بتتبّع مناورات الكرملين الذي لم تشغله أحداث أوكرانيا، ولا ابتلاعه شبه جزيرة القرم، عن إدارة ملف تعويم النظام السوري، وافتعال فكرة تشكيل حكومة ائتلافية بعد فوز الأسد… الكاسح كالعادة.

 

 

حكومة ائتلافية مع مَنْ؟ في الانتخابات «التعددية» نظرياً كل مَنْ في الخارج لا يشارك، فأي حوار «تعددي» بعد الفوز «المفاجئ» للرئيس؟ ومَنْ يريد حواراً هل يدلّل على نياته باستغلال الرعاية الروسية- الإيرانية والعجز الغربي امام المأساة، ليكثّف القصف الجوي، لأن البناء في سورية الجديدة ما بعد «المبايعة» لا يستقيم إلا على أرض محروقة؟!

 

 

غاب فاروق الشرع عن مراكز الاقتراع، حضر بروجردي والمراقبون الروس… الخيار بين بشار وبشار، قال وزير الخارجية الفرنسي رولان فابيوس الذي كسواه من وزراء أوروبا يجد ذريعة للتّفرج فيما العجز الأميركي على حاله، فكيف بعد هزات المسرح الأوكراني وشبح «العائدين من سورية»؟

 

 

والسؤال هو إن كانت زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل روسيا أمس للقاء الرئيس فلاديمير بوتين في سوتشي، محاولة سعودية أخيرة لإقناع الكرملين بتبديل موقفه من الحرب السورية، لا سيما ان افتعال تجديد الشرعية لنظام الأسد ينعى «جنيف1». والتباعد الروسي- الأميركي في سورية بمقدار ما يمدد الأزمة، قد يفتح لموسكو هامش التفرد باجتراح صيغة لوقف الحرب… لا تُفقِدها أوراق نفوذ في المنطقة.

 

 

ولكن، هل يقبل الباقي في القصر، بفضل «عرس وطني» على الخراب؟

 

 

فلننتظر فرز الأصوات أولاً، بشهادة نقية من الروسي والإيراني.

 

حازم صاغية