عامان على تصعيد تنظيم “الدولة الإسلامية” لنشاطه في البادية: صائد الفرائس يقتل نحو 1400 من قوات النظام وحلفائها ويخسر نحو 870 من عناصره

46

لايزال تنظيم “الدولة الإسلامية” متواجداً بقوة كبيرة على الأراضي السورية، خلافا لإعلان قيادة التحالف الدولي لمواجهة تنظيم “الدولة الإسلامية” هزيمته في شهر مارس/آذار من العام 2019، ويظهر تواجد التنظيم من خلال تصاعد الهجمات التي يشنها على قوات النظام وقوات سوريا الديمقراطية كلٌ في مناطق نفوذه، وفي المقابل، تتزايد العمليات العسكرية التي تشنها قوات سوريا الديمقراطية بالتعاون مع التحالف الدولي، إضافة إلى العمليات الأمنية التي تشنها قوات النظام بالتعاون مع القوات الروسية، بهدف مواجهة خلايا التنظيم في مناطق سيطرتهما. وتسعى خلايا التنظيم لاستغلال كل فرصة سانحة لإثارة الفوضى وتنفيذ عمليات الاغتيال والاستهداف التي تعمل من خلالها على إرسال رسالة مفادها أن التنظيم سيظل باقيا.

مناطق النظام.. تراجع ملحوظ في عمليات التنظيم تزامناً مع التصعيد الروسي

شهد الشهر 80 لإعلان “خلافة البغدادي”، تراجعاً ملحوظاً بعمليات تنظيم “الدولة الإسلامية” ضمن مناطق نفوذ النظام السوري وحلفائه ضمن البادية السورية، قياساً بشهري شباط وكانون الثاني من العام الجديد، حيث تواصلت العمليات العسكرية بين قوات النظام والميليشيات الموالية لها مدعمة بالطيران الروسي من جانب وعناصر تنظيم “الدولة الإسلامية” المنتشرين على مساحات شاسعة من جانب آخر، تركزت بمجملها في باديتي حمص ودير الزور وبشكل أكبر في مثلث حلب-حماة-الرقة، ومالت الكفة في هذا الشهر للطائرات الحربية الروسية التي حدت بشكل أو بآخر من نشاط التنظيم عبر عشرات الغارات بشكل شبه يومه، مستهدفة كهوف ومغر وآليات للتنظيم، الذي يعتمد بدوره على صيد الفرائس بمجموعات صغيرة مؤلفة من عنصر أو اثنين أو ثلاثة.
ووفقاً لإحصائيات المرصد السوري، فإن تنظيم “الدولة الإسلامية” تمكن خلال الشهر الفائت من قتل 28 من عناصر قوات النظام والمليشيات الموالية لها ضمن البادية السورية، لقوا حتفهم جميعاً باستهدافات واشتباكات وتفجير عبوات وألغام وكمائن، كما خسر تنظيم “الدولة الإسلامية 69 من عناصره بقصف جوي روسي واشتباكات مع قوات النظام والمليشيات الموالية لها.

وأكمل تنظيم “الدولة الإسلامية” عامين من التصعيد الكبير لعملياته في مناطق نفوذ النظام السوري وحلفاءه ضمن البادية، تمكن خلالها من إزهاق مئات الأرواح وإلحاق خسائر مادية فادحة، ولم تمنعه عمليات وحملات النظام وميليشياته الأمنية والعسكرية من نشاطه الكبير، ولم تحد منه أيضاً آلاف وبما عشرات الآلاف من الغارات الجوية من قبل طائرات النظام والروس، حيث بلغت حصيلة الخسائر البشرية خلال الفترة الممتدة من 24 مارس/آذار 2019 وحتى يومنا هذا وفقاً لإحصائيات وتوثيقات المرصد السوري، 1381 قتيلا من قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية، من بينهم اثنين من الروس على الأقل، بالإضافة لـ149 من المليشيات الموالية لإيران من جنسيات غير سورية، قتلوا جميعاً خلال هجمات وتفجيرات وكمائن لتنظيم “الدولة الإسلامية” في غرب الفرات وبادية دير الزور والرقة وحمص والسويداء وحماة وحلب. كما وثّق المرصد السوري استشهاد 4 مدنيين عاملين في حقول الغاز والعشرات من الرعاة والمدنيين الآخرين بينهم أطفال ونساء في هجمات التنظيم، فيما وثق “المرصد” كذلك مقتل 867 من تنظيم “الدولة الإسلامية”، خلال الفترة ذاتها خلال الهجمات والقصف والاستهدافات.

نحو 25 عملية في مناطق قسد تسفر عن مقتل 15 من المدنيين والعسكريين

على غرار مناطق نفوذ النظام، شهد الشهر الفائت تراجع نسبي بعمليات خلايا تنظيم “الدولة الإسلامية” ضمن مناطق نفوذ “قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي” شمال وشمال شرق سورية، ويواصل تنظيم “الدولة الإسلامية” شن هجمات مسلحة وتنفيذ اغتيالات بأشكال مختلفة كإطلاق الرصاص والقتل بأداة حادة وزرع عبوات ناسفة وألغام في مختلف مناطق قسد، لكن بشكل أقل من شباط وكانون الثاني 2021، وتقابل قسد عمليات التنظيم بحملات أمنية بشكل دوري تقوم بها برفقة التحالف وتطال خلايا التنظيم ومتهمين بالتعامل معه، لكن جميع تلك الحملات لم تأتي بأي جديد يحمل معه الأمن والاستقرار في تلك المناطق.
وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان خلال الشهر الفائت، أكثر من 24 عملية قامت بها خلايا التنظيم في مناطق نفوذ قسد ضمن كل من دير الزور والحسكة وحلب والرقة، تمت تلك العمليات عبر هجمات مسلحة واستهدافات وتفجيرات، ووفقاً لتوثيقات المرصد السوري، فقد بلغت حصيلة القتلى جراء العمليات آنفة الذكر منذ مطلع الشهر الجاري 15 قتيلاً، هم 5 مدنيين، و10 من قوات سوريا الديمقراطية وقوى الأمن الداخلي والدفاع الذاتي، جميعهم قتلوا بانفجار عبوات وألغام وإطلاق رصاص وهجمات مسلحة وعبر أدوات حادة.
ومع سقوط مزيد من الخسائر البشرية، فإن عدد المقاتلين والمدنيين والعاملين في المجال النفطي والمسؤولين في جهات خدمية، ممن اغتيلوا منذ شهر تموز/يونيو 2018 وحتى يومنا هذا، ضمن 4 محافظات، هي: حلب ودير الزور والرقة والحسكة، بالإضافة إلى منطقة “منبج” في شمال شرق محافظة حلب والتي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، يرتفع إلى 713 شخصاً.
ورصد “المرصد السوري” اغتيال خلايا مسلحة لـ 252 مدنياً، من بينهم 18 طفل و 13 مواطنة في ريف دير الزور الشرقي وريف الحسكة ومدينة الرقة وريفها ومنطقة منبج، إضافة لاغتيال 457 مقاتلاً من قوات سوريا الديمقراطية بينهم قادة محليين في المناطق ذاتها، فيما قضى 4 من عناصر التحالف الدولي. كما أحصى “المرصد السوري” سقوط مئات الجرحى جراء عمليات الاغتيال تلك.

المختطفون لدى التنظيم.. التجاهل يتواصل حول مصيرهم

وعلى الرغم من انقضاء نحو 24 شهرا على الإعلان الرسمي للتحالف الدولي بالقضاء على تنظيم “الدولة الإسلامية” كقوة مسيطرة شرق نهر الفرات، وبرغم التطورات التي جرت على مدار الفترة الماضية، فإن الصمت لا يزال متواصلا من قبل جميع الأطراف حول قضية المختطفين لدى تنظيم “الدولة الإسلامية” دون تقديم أي إجابة عن مصير آلاف المختطفين، حيث تتواصل المخاوف على حياة ومصير المختطفين ومنهم الأب باولو داولوليو والمطرانين يوحنا ابراهيم وبولس يازجي، وعبدالله الخليل وصحفي بريطاني وصحفي سكاي نيوز وصحفيين آخرين، إضافة لمئات المختطفين من أبناء منطقة عين العرب (كوباني) وعفرين، بالإضافة لأبناء دير الزور.

إن المرصد السوري لحقوق الإنسان، وعلى ضوء التطورات المتلاحقة فيما يتعلق بتنظيم “الدولة الإسلامية”، يجدد مطالبته لمجلس الأمن الدولي بإحالة ملف جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في سورية إلى محكمة الجنايات الدولية، لينال قتلة الشعب السوري عقابهم مع آمريهم ومحرضيهم. كما يشير “المرصد السوري” إلى أنه سبق وأن حذر قبل إعلان تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” عن “دولة خلافته” في سوريا والعراق، بأن هذا التنظيم لم يهدف إلى العمل من أجل مصلحة الشعب السوري، وإنما زاد من قتل السوريين ومن المواطنين من أبناء هذا الشعب الذي شرد واستشهد وجرح منه الملايين، حيث عمد تنظيم “الدولة الإسلامية” إلى تجنيد الأطفال فيما يعرف بـ”أشبال الخلافة”، والسيطرة على ثروات الشعب السوري وتسخيرها من أجل العمل على بناء “خلافته”، من خلال البوابات المفتوحة ذهاباً وإياباً مع إحدى دول الجوار السوري.