عبد الكريم عمر: على المجتمع الدولي التحرك لتحمل مسؤولياته تجاه ملف الدو اعـ ـش والمحاكمة العادلة ويجب أن تكون في مناطق الإدارة الذاتية لتحقيق العدالة للضحايا ولتحوزها على الأدلة والإثباتات التي تدينهم

72

لا يزال تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” بعد هزيمته في حرب  تشاركت فيها قوات سوريا الديمقراطية مع التحالف الدولي، يثير المخاوف  من عودته منذ هجومه على سجن الصناعة بالحسكة، وسط مطالبات بضرورة استعادة مختلف الدول لرعاياها  المعتقلين في السجون أو المخيمات.

 يقول الرئيس المشترك السابق لدائرة العلاقات الخارجية في الادارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وممثل الادارة في أوروبا حاليا الدكتور عبد الكريم عمر، في حوار مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، إنّه برغم حراسة قوات سوريا الديمقراطية لمخيم الهول من الخارج إلّا أنه محتل من الداخل من خلايا التنظيم الإرهابي “داعش”، لافتا إلى جرائم القتل والتنكيل المستمرة ومحذّرا من خطورة  لامبالاة المجتمع الدولي تجاه هذا الملف الحاد.

 

س- إلى متى يستمر التغافل الدولي عن مخاطر بؤر لتفريخ الإرهاب في سورية؟ 

ج-أعلنت قوات سوريا الديمقراطية الانتصار على تنظيم “داعش” الإرهابي، وهذا الانتصار كان جغرافيا وعسكريا بالقضاء على دولة ما يعرف بـ”داعش”، لكن لم يتم القضاء على الإرهاب والتنظيم ككل، حيث لا يزال ينشط عبر الكثير من الخلايا النائمة والذهنية والأيديولوجيا التي زرعها في تلك المنطقة التي كانت تحت سيطرته لسنوات، وبقي الإرهاب من خلال الآلاف من مقاتلي “داعش” الموجودين في المعتقلات وعشرات الآلاف من العوائل الموجودة في مخيمي “الهول” و”روج”،  إلى جانب المئات من أمراء “داعش” الذين فروا  بعد تحرير الباغوز والقضاء على  “دولة داعش” وهم موجودون الآن بمنطقة إدلب  والمناطق المحتلة  من قبل تركيا ويقدمون الدعم المادي واللوجستي لشظايا التنظيم ويتواصلون مع الخلايا.. وبرغم استمرار التنسيق العسكري  بين “قسد”  وقوات التحالف الدولي لمواجهة البقايا، إلا أن ذلك غير كاف، فمنذ تحرير الباغوز أهمل المجتمع الدولي هذا الملف وزادت الأزمة الروسية -الأوكرانية الوضع تعقيدا، حيث اهتمت أوروبا والغرب عموما بذلك الملف على حساب أزمات المنطقة الساخنة، أيضا لا ننسى التهديدات التركية المستمرة  التي تزعزع استقرار المنطقة خاصة شمال وشرق سورية وتعطي الدفع أو الفرصة للإرهاب لكي ينتعش من جديد .

– على المجتمع الدولي تحمّل مسؤولياتها كاملة بخصوص هذا الملف  وبصورة خاصة دعم شمال وشرق سورية والإدارة الذاتية سياسيا وإنسانيا واقتصاديا لأن  الحصار الذي تعيشه تلك المنطقة  منذ سنوات مع إغلاق معبر  تلّ كوجر “اليعربية” لإدخال المساعدات الإغاثية والإنسانية تسبب في حرمان وتضرر أكثر من مليوني شخص في المنطقة، وقد أدى  ذلك إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية خاصة في المناطق التي كانت تحت سيطرة  “داعش” لسنوات، ونحن نعلم أن سوء الأحوال المعيشية يخدم “داعش” للتغلغل مجدّدا.

 

س-لماذا هذا التردد أو الهروب من قبل دول لديها مواطنون في سجون الدواعش شمال وشرق سورية وعدم تحمل المسؤولية  باسترجاع كل دولة لمواطنيها؟ 

ج—في الحقيقة هناك حوالي 12 ألفا من مقاتلي”داعش” بالمعتقلات في شمال وشرق سورية بتهمة الانتساب إلى التنظيم ، وحوالي ألفين منهم من 55 جنسية، فضلا عن خمسة آلاف عراقي بالإضافة إلى بضعة آلاف من السوريين تتم محاكمتهم  في شمال وشرق سورية،  أما الآخرون فنعتقد أنّه يجب محاكمتهم أيضا في شمال وشرق سورية، وكنا سابقا بعد تحرير الباغوز بيومين قد أصدرنا بيانا وطالبنا المجتمع الدولي بدعم تشكيل محكمة دولية في منطقتنا لمحاكمة هؤلاء المجرمين وفيما بعد طالبنا بتشكيل محكمة خاصة ذات طابع دولي لصعوبة تشكيل محكمة دولية وهو أمر يحتاج إلى قرار من مجلس الأمن الدولي، وفي حال إنشاء هذه المحكمة نعتقد أنه يجب التنسيق بين الإدارة الذاتية والدول التي لديها مواطنون في شمال وشرق سورية .. مطلبنا ضروري ومستعجل لاعتبار أن الجرائم ارتكبت ضد مواطني تلك المنطقة خاصة في أثناء حملة القضاء على “داعش” حيث دفعت شعوب المنطقة الثمن باهظا، وكان هناك أكثر من 12 ألف شهيد و24ألف جريح وفقد الكثير منهم جزءً من أجسادهم،  وهناك عشرات الآلاف من الأطفال فقدوا أولياءهم، ضمن مأساة  مؤلمة، ولتحقيق العدالة لهؤلاء وجب محاسبة القتلة في شمال وشرق سورية،  لأننا نملك أيضا الإثباتات والأدلة التي تدين هؤلاء المجرمين، لكن للأسف الدول التي لديها مقاتلون مع التنظيم الإرهابي لا ترغب في استعادتهم وبالتالي نطالب بالتعاون مع الإدارة الذاتية بإنشاء المحكمة ومحاكمة المجرمين.. نعلم أن  وجود هؤلاء في المنطقة يشكّل خطورة كبيرة علينا وعلى المجتمع الدولي، فهذا الملف قنبلة موقوتة لانعرف متى ستنفجر وسيكون لها تداعيات إقليمية ودولية ورأينا  ماذا حصل عند هجوم “داعش” بدعم من تركيا على سجن الصناعة بالحسكة وكانت الغاية السيطرة على المدينة( الحسكة) ثم التوجه إلى مخيم الهول ثم إلى مناطق أخرى في الرقة  ودير الزور لإعادة إعلان  دولة الخلافة الداعشية، لذا وجب أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته كاملة..

 

س-ألا يتناقض استمرار وجود عشرات الآلاف من السجناء الدواعش وعائلاتهم في  شمال وشرق سورية مع ماتدّعيه بعض الدول من سعي نحو السلام والاستقرار في سورية؟

ج-وجود الآلاف من مقاتلي “داعش” الإرهابي وعشرات الآلاف من عوائلهم في المخيمات بمثابة القنبلة الموقوتة وهي مسألة خطيرة ونحن في الإدارة الذاتية لانستطيع مواجهة هذه الإشكالية لوحدنا والتي نعتبرها مشكلة  دولية أيضا ووجب أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاهها، فمخيم الهول يعتبر أخطر مكان في العالم، وتقوم قوات سوريا الديمقراطية بحراسته من الخارج لكن لا أخفي القول إن  التنظيم يسيطر عليه من الداخل حيث هناك خلايا نائمة وأسلحة وذخائر إضافة إلى عمليات القتل المستمّرة والتصفية والتنكيل  التي تحدث داخله ،فضلا عن وجود عشرات الآلاف من الأطفال الذين يتم تدريبهم على ذهنية التنظيم  والإرهاب ويترعرعون ضمن إطار يعمّه التطرف  ويحملون روح الانتقام نتيجة  الأوضاع غير الإنسانية التي يتعايشون فيها.

-إن استمرار وجود الأطفال في المخيم يعني تشكيل جيل جديد من الإرهابيين  الذين سيمثلون خطورة على المنطقة وعلى المجتمع الدولي، لذا يجب التسريع بحلحلة الملف، إذ لا يمكن الحديث عن استقرار وسلام بسورية دون حل ازمة البلد واجراء التغيير الوطني والديمقراطي المطلوب وبالتالي بناء سوريا جديدة ديمقراطية كوطن مشترك لكل السوريين عند ذلك يمكن القضاء على الإرهاب واستئصاله نهائيا.

 

س-برغم الرفض الأمريكي الواضح  تستمر تهديدات تركيا بشن هجمات برية على مناطق شمال وشرق سورية.. هل يصعب على واشنطن إيقاف العدوان التركي الذي تسبب منذ2018في مآسي إنسانية ؟

ج-كل الاحتلالات التركية السابقة  كانت نتاج توافقات ومقايضات،  بداية كان الدخول إلى جرابلس وأعزاز والباب، وكان ذلك مقابل حلب ومن ثم تم احتلال عفرين بالتوافق مع روسيا بمقايضة مع القلمون والغوطة الشرقية وتم احتلال سري كانيه وتل الأبيض  بعد  موافقة من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.. الاحتلالات السابقة كانت نتاج توافقات، وهذه المرة الأمر مختلف لاعتبار أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مُقبل على انتخابات رئاسية ويسعى إلى تحقيق  انتصارات على حساب شعوب ومكونات شمال وشرق سورية لاستثمارها واستغلالها لصالحه،  هذه المرة أردوغان  لم يحصل على  موافقة أمريكية ولا روسية، لكن متوقّع أن يقوم بمغامرة ما نتمنى أن لاتحصل، وإن حصلت ما أمامنا إلا المقاومة، أما دعم المجتمع الدولي لـ”قسد” وبصفة خاصة من قبل  دول التحالف فلا يزال مستمرا.

 

س- لقاءات كثيرة في الفترة الأخيرة مع قيادات من الإدارة الذاتية ومسؤولين من فرنسا وروسيا وأمريكا .. هل لمستم دعما لمساعي الإدارة في مكافحة الإرهاب وفتح باب للحوار مع دمشق؟

ج-  الحقيقة، بخصوص الحوار مع دمشق ليس هناك مفاوضات جدية حاليا، النظام متمسك بذهنيته وهو غير مستعد لإجراء حوار أو مفاوضات جدية لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية…لايزال النظام  يحلم  باستعادة مختلف المناطق السورية عسكريا  بدعم من حلفائه المعروفين لإعادة إنتاج نظامه الاستبدادي من جديد، ونعتقد بإنه هذا غير ممكن، ونحن في الإدارة نتمسك دائما بمبدأ الحوار بين مختلف السوريين لإيجاد مخرج للازمة في سوريا وبناء سوريا جديدة ديمقراطية لامركزية.