عبر شبكات تهريب تابعة للفصائل الموالية لتركيا.. ضباط وعناصر بالنظام يخرجون إلى تركيا بهدف الوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي

تصاعد بعمليات خروج ضباط وعناصر بقوات النظام إلى مناطق "الجيش الوطني" شمالي حلب لقاء مبالغ مالية طائلة

143

يتمكن الكثير من ضباط وعناصر ممن يتبعون لقوات النظام من الهروب نحو مناطق الشمال السوري وتحديدًا مناطق سيطرة فصائل ما يسمى “الجيش الوطني” ومنها إلى تركيا أو بهدف الوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي، بعد دفعهم مبالغ مالية طائلة والخروج عبر طرق التهريب “الغير شرعية” تحت إشراف مهربين وقياديين ضمن فصائل “الجيش الوطني”
عمليات التهريب لم تتوقف بحسب العديد من الأشخاص الذين التقى بهم نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، فهي مستمرة حتى هذه اللحظة عبر خطوط يطلق عليها مسمى” خطوط تهريب عسكرية” يتمكن من خلالها أي ضابط أو عنصر من الهروب دون النظر لسجله وعن احتمالية ارتكابه انتهاكات وجرائم بحق المدنيين فالمهم بالنسبة لهؤلاء المهربين ومن يقوم على حمايتهم وتسيير عملهم هو المال، حيث تصل تكلفة التهريب عبر هذه الطرق لحد خمسة آلاف دولار أمريكي عن الضابط الواحد بحال كانت رتبته عالية في صفوف قوات النظام بينما تتراوح أسعار طرقات تهريب العناصر ما بين 1500 إلى ثلاثة آلاف دولار أمريكي.

وفي شهادته للمرصد السوري لحقوق الإنسان يتحدث “أ.ع” وهو أحد عناصر فصيل “سليمان شاه” الموالي لتركيا، قائلاً، بالنسبة لتهريب الضباط والعناصر التابعين لقوات النظام تجري حصرًا تحت إشراف الفصائل التي تتسلم زمام السيطرة على المعابر الفاصلة مع مناطق سيطرة قوات النظام، فلا يمكن لأي شخص يعمل في مجال التهريب القيام بذلك بشكل فردي دون علم وموافقة وإشراف الفصائل ويضيف، عادة ما يتم التهريب تحت إشراف قياديين معينين ضمن الفصائل ويحصلون بالمقابل على جزء كبير من المبلغ للسماح لهم بالعبور دون إلقاء القبض عليهم أو التحقيق معهم ومن أبرز الفصائل التي تقوم بنقل وتهريب ضباط وعناصر قوات النظام هي “الجبهة الشامية” و”أحرار الشرقية” و”فيلق الشام” و”فرقة السلطان مراد” فهي تعد من أبرز الفصائل التي تسيطر على المعابر سواء كانت الرسمية أو المخصصة للتهريب والتبادل التجاري
ويتابع “أ.ع” لا يتم محاسبة الضابط أو العنصر مهما كانت رتبته وتكتفي هذه الفصائل بالتأكد من هويته وإجراء تحقيق مبسط معه ومن ثم يتم تأمين طريق خروج له باتجاه تركيا وغالباً ما يتم ذلك بنفس اليوم ولا يتم الإبقاء عليه في مناطق سيطرة “الجيش الوطني وتأخذ الفصائل أيضاً نسبة من المبلغ المدفوع لخروجه باتجاه تركيا.

ويلفت أخيراً إلى عدم وجود إحصاء دقيق لعدد من يتم تأمين طرق التهريب له شهريًا، لكن خلال السنوات الأخيرة ازدادت هذه الظاهرة نظراً لرغبتهم بالتوجه إلى دول أوروبية في ظل الأوضاع الراهنة التي تشهدها مناطق سيطرة النظام ولا يعد خروج الضابط أو العنصر في هذه الحالة انشقاقاً نابعاً عن رغبة في الانضمام لصفوف المعارضة أو الثورة السورية بل لأسباب شخصية قد تتعلق بظروف أمنية أو مادية.

أما عن آلية نقل وتهريب هؤلاء الضباط والعناصر فيتحدث “ح.م” وهو أحد العاملين في مجال التهريب بريف حلب الشمالي للمرصد السوري لحقوق الإنسان، قائلاً، طريقة التهريب تبدأ من خلال تواصل الضابط أو العنصر مع أحد المهربين بشكل مباشر من خلال الإعلانات التي تنشر عبر مواقع التواصل الإجتماعي مثل “فيسبوك” أو من خلال وسيط ثالث ضمن مناطق سيطرة النظام وبعد الاتفاق على المبلغ المحدد يبدأ دور المهرب بتأمين الطريق بتنسيقه مع مهرب آخر ضمن مناطق سيطرة النظام إضافة لأحد القياديين ضمن فصيل معين لتسهيل التهريب ويتم الاتفاق على موعد الخروج
ويتابع، تختلف تكلفة الضابط بحسب أهمية رتبته كما تختلف تكلفة الضابط عن العنصر وبشكل عام كل مهرب لديه أسعار مختلفة، لكن غالباً ما تصل تكلفة تهريب الضابط لنحو خمسة آلاف دولار أمريكي، والعنصر قد تتراوح تكلفته ما بين 1500 إلى ثلاثة آلاف دولار أمريكي ويصل بهذه التكاليف الضابط أو العنصر عبر خطوط التهريب العسكرية إلى مناطق سيطرة “الجيش الوطني” ثم تبدأ رحلة جديدة لتهريبه إلى تركيا بشكل مباشر، ويضيف، بأن الكثير من الضباط والعناصر يفضلون مواصلة رحلة هروبهم نحو دول أوروبية عبر طرق تهريب أخرى وقد تتم من خلال المهرب ذاته، وبالنسبة للمبالغ المالية فتذهب للمهربين من جهة مناطق سيطرة قوات النظام و مناطق الشمال السوري، كما وتذهب نسبة منها كرشاوي أحياناً لحواجز تابعة لقوات النظام لتسهيل المرور بالتنسيق مع المهرب والذي غالباً ما يكون على صلة بالنظام ويقوم بما يعرف “شراء الطريق” ويذهب قسم آخر إتاوات لقياديين في الفصائل
كما ويؤكد بأن المهربين من الطرفين على صلة وتنسيق مع جهات السيطرة العسكرية سواء قوات النظام أو الفصائل في الشمال السوري وبدون التنسيق معها والتعاون ودفع الأموال لن يكون هناك عبور آمن لهؤلاء الضباط والعناصر وقد سبق وأن تم إلقاء القبض على الكثير ضمن مناطق سيطرة قوات النظام، حيث أن قوات النظام والفصائل من أكثر المستفيدين من عمليات التهريب خصوصاً عبر “الخطوط العسكرية” على اعتبار أن تكلفة تهريب الشخص الغير مدني أعلى من الشخص المدني

الجهات العسكرية المسيطرة تسلك جميع الطرق لتزيد من أموالها دون أي اعتبارات أخرى، بهذه الكلمات بدأ الناشط الحقوقي “م.ي” حديثه مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، يقول، كم من المؤسف أن يتمكن هؤلاء المتورطين في قصف المدنيين وقتلهم من الخروج بسلام آمنين دون أي محاكمات و يفلتوا من قبضة العدالة، بالرغم من كل ما حدث طيلة السنوات العشر الماضية لا تزال عمليات تهريب ضباط وصف ضباط وعناصر مستمرة وبشكل شبه علني
مضيفاً، نشاهد الإعلانات عبر منصات التواصل الإجتماعي لمهربين يقدمون خدمة المستفيد منها بشكل أساسي فصائل المعارضة ولاسيما الموالية لتركيا، ومن جهة أخرى يستفيد منها هؤلاء الذين شاركوا بقتل المدنيين وتهجيرهم، ولا نستطيع الحكم على هؤلاء بالمنشقين لأن من يريد أن ينشق فالأحرى به البقاء في سوريا وعدم الهروب إلى تركيا والدول الأوروبية، ولا يستبعد “م.ي” أن يكون النظام هو من يقف خلف عملية تهريب البعض من هؤلاء لأسباب معينة مثل التجسس أو جمع معلومات عن لاجئين أو أشخاص معينيين وأن يكونوا مرسلين فقط من أجل مهمات أمنية، فيجب على الجهات القضائية أن تأخذ دورها في الشمال السوري للتحقيق بخلفيات هؤلاء ومحاسبتهم في حال ثبت تورطهم بارتكاب جرائم وانتهاكات بحق المدنيين
ويشير إلى أن الفصائل الموالية لتركيا تتدخل في أي شيء يمكنها من خلاله تحصيل الثروات فهي تعتبر المال فوق كل هدف وقد تخلت هذه الفصائل عن القضية السورية وتركز اهتمامها فقط في تثبيت نفوذها وزيادة ثرواتها برعاية تركية
وبدأت ظاهرة تهريب ضباط وعناصر قوات النظام منذ بداية أحداث الثورة السورية حيث كانت بداية تنحصر في ضباط وعناصر منشقين، حيث تتم عملية تأمين طرق عبور آمنة لهم، ثم بدأ العمل على تهريب ضباط وعناصر عبر مهربين فقط دون تنسيق مع الفصائل وكانت العديد من الفصائل تقوم حينها بالتحري عن المهربين و محاسبتهم لكن سرعان ما بدأت هذه الفصائل تستغل قضية تهريب العسكريين لصالحها ليصبح اليوم واحداً من أهم مصادر تحصيل الأموال لجيوب قياديي الفصائل الموالية لتركيا.
ووفقاً لمصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن عمليات التهريب تجري حالياً بشكل أساسي من ناحية بلدتي نبل والزهراء وصولاً لمناطق سيطرة الفصائل الموالية لتركيا ومنها إلى دول الإتحاد الأوروبي مروراً بتركيا، ويأتي الضباط والعناصر من عدة محافظات سورية خاضعة لسيطرة النظام إلى حلب ومنها إلى بلدتي نبل والزهراء ، وبحسب المصادر، فإن مناطق سيطرة “هيئة تحرير الشام” في إدلب وريفها تخلو من موضوع تهريب ضباط وعناصر قوات النظام وتنحصر فقط ضمن مناطق سيطرة الفصائل الموالية لتركيا.

ويجدر الذكر أن جميع الجهات المسيطرة عسكرياً في سوريا تعتمد على التهريب بجميع أشكاله مثل تهريب البشر والمخدرات والمحروقات والمواد الغذائية وغيرها كـ مصدر أساسي لجمع الثروات وتعد عمليات التهريب بمختلف أنواعها من أهم أذرعها الاقتصادية حيث تجري عمليات التهريب المتبادلة بين جميع مناطق السيطرة عبر شبكات مهربين وتحت إشراف وعلم الجهات العسكرية.