عسكريون وسياسيون وإعلاميون يتحدثون للمرصد السوري عن المعابر الحدودية في سورية

39

يتجدّد الحديث عن إمكانية إغلاق المعابر الحدودية في سورية في وجه المساعدات الإنسانية ما سيسبّب مأساة ومعاناة لملايين السوريين خاصة مع اقتراب الحادي عشر من يوليو موعد جلسة مجلس الأمن، في واقع أزمات تتسابق فيما بينها أيها الأكثر فتكا وإيذاءً، في حين تتسابق الدول لأخذ حصتها من الفريسة أو ما تبقى منها.

بكثير من التبجح الدولي واستغلال مآسي الشعب السوري، تستمر القوى الكبرى الفاعلة في التلاعب بحياة ملايين السوريين في ظل غياب ‘ الحس السياسي الإنساني’.. حياة على المحك وملايين يترقبون قرارا دوليا يحدد مصيرهم.

العميد أحمد رحال، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، قال “إن روسيا تسعى إلى جعل أزمة المعابر الحدودية بازارا سياسيا للضغط من خلاله لتحقيق هدف معين لصالح النظام، عبر تهديدها المستمر بأنها ستستخدم حق النقض في مجلس الأمن ضد قرار تمديد استخدام المعابر وأبرزها معبر باب الهوى على الحدود مع تركيا”.

وأضاف رحال أن “موسكو تستخدم لعبة المعابر لقطف ثمار سياسي في مكان آخر، موضحا أن الإدارة الأمريكية اليوم مصرة على أن يبقى معبر باب الهوى مفتوحا حيث راجت تقارير مفادها أن روسيا لو أصرّت على الغلق برغم الضغوط ستلجأ أمريكا وبريطانيا إلى وقف المساعدات الانسانية للأمم المتحدة وضخّها بشكل فردي عبر تركيا إلى المناطق الشمالية الغربية التي يوجد فيها ملايين السوريين.

وأكد أن هناك حديثا مفاده أن موسكو تمسك العصا من وسطها، حيث تطالب الولايات المتحدة الأمريكية اليوم بفتح ثلاثة معابر: معبر باب الهوى المفتوح ومعبر باب السلام ومعبر اليعربية على الحدود العراقية لصالح قوات سورية الديمقراطية.

وتابع محدثنا قائلا:” من المرجح ان يتم الاتفاق على إبقاء معبر باب الهوى مفتوحا مع عدم فتح المعابر الأخرى، لكن روسيا تطالب- مقابل فتح معابر داخلية – حصر المساعدات مع دمشق، حتى يتحكم بالمساعدات وحتى تفتح معابر بين المناطق المحررة ومناطق النظام”.

ولاحظ أن ” الأخطر من هذا القول هو الزعم أن الإغاثة تتمتع بها جبهة النصرة، أي تجويع 4.5 ملايين سوري بالشمال ويتحجج الروس

بجبهة النصرة، برغم أنهم يعتبرون الجبهة شماعة يعلقون عليها كل جرائمهم وانتهاكاتهم واختراقاتهم تماما مثل إيران والنظام وحزب الله”.

وبخصوص تخفيف المعاناة عن ملايين السوريين، يقول أحمد رحال إن الإغاثة التي تصل سورية لاتغطي 30بالمائة من الاحتياجات الأساسية، خاصة بعد خفض المساعدات وانتشار الجائحة، مشددا على أنه برغم المأساة المستمرة والحاجة، تسعى روسيا الى إيقاف هذا الشريان.

من جانبه،علّق المعارض السوري جمال درويش، في حديث مع المرصد،قائلا: “على رأي المثل الشعبي، تمخض الجبل فولد فأرا.. فبدل أن تذهب الأمم المتحدة باتجاه وضع الحل السوري على السكة، خرجنا بأزمة معابر ظاهرها إنساني حسب ما يدّعون لكن مضمونها سياسي ولعبة مصالح – حسب فهمي لهذه اللعبة- والتي تتغير كل يوم بتغير المعطيات والمصالح..

“روسيا منذ البداية تريد معبرا واحدا من الشمال السوري مع معبر نصيب في أقصى الجنوب يسيطر عليه النظام من أجل إنعاش اقتصاده المتهالك لأن الموقع الجيو -استراتيجي لسورية وأهمية هذين المعبرين من شأن ذلك إنعاش مناطق النظام بالمواد الأولية التي حرم منها عن طريق بيروت .. ثم إن النظام يبقى هو المتحكم في المواد الإغاثية المخصصة لمناطقه، وإعادة بيعها للناس عن طريق سماسرته”.

واستطرد قائلا: “أمريكا بدورها تريد فتح المعابر الثلاثة إضافة إلى معبر باب الهوى حتى تحرج روسيا أمام حليفها تركيا.. تركيا من جهتها لاتقبل بأن يستفيد شرق الفرات من فتح معابر أخرى، وكذلك لإضعاف مناطق النظام، وبتقديري روسيا ستعود وتستخدم حق الفيتو مرة أخرى إذا ما تمت إعادة التصويت مستقبلا في مجلس الأمن لأن مسألة المعابر تحولت إلى عملية ليّ أذرع على جبهة الوكلاء ..وقد تناهى إلى مسامعي اليوم أن هناك نشطين من شرق الفرات يرفضون فتح معابر مع مناطق النظام لتزويده بالقمح والنفط “.

أما الإعلامي والمعتقل السابق، عصام خوري، فقد توقع -في حديث مع المرصد- أن تغير روسيا موقفها، لأن واشنطن سعت إلى إيجاد بدائل عبر إبراز قوتها في مؤتمر روما لوزراء الخارجية عبر تكوين حشد دولي وعربي كبير مناصر لتوجه التمديد لفتح المعابر ولمكافحة الإرهاب، “ويجب ألاّ ننسى أن واشنطن هي أكبر المانحين الماليين للاجئين في العالم”.

يقول سيهانوك ديبو عضو المجلس الرئاسي بمسد، في حديث مع المرصد،”عموماً فإن الأسوأ في زمن الصراعات هو تسييس مسألة المعابر والمساعدات الإنسانية، أما في الملف السوري فإنه يتصدّر جميع الصراعات التي حدثت في التاريخ المعاصر في هذا الخصوص، المشكلة الكبيرة هي في أن أغلب المتدخلين في سورية وبخاصة نظام تركيا بعد احتلاله لمنطقة عفرين والمناطق الأخرى التي تتصدر فيها إنتهاكات حقوق الإنسان وصولا إلى جرائم ضد الإنسانية شمال غرب سورية حيث يدفع في ذلك الشعب السوري الثمن، معبر باب الهوى يخضع لمعايير تركيا الأردوغانية الداعمة لجبهة لنصرة التي تتقاسم بنسب متوافقة مع أنقرة واردات معبر باب الهوى، ومن أجل ذلك يجب العمل بشكل جدي وفرض وسائل آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى شعب شمال غرب سورية”.

وأضاف، ”المشكلة التي لا تقل عن ذلك صعوبة هو مصير معبر اليعربية على الحدود العراقية من ناحية شرق سورية. في الحقيقة سنكون أمام مشكلة إنسانية كبيرة سيتحمل تبعاتها أية جهة تمنع فتح هذا المعبر الوحيد في مناطق الإدارة الذاتية، أما الأسباب التي يتم طرحها بعد اغلاق معبر اليعربية فإنها غير مقنعة؛ بخاصة أن روسيا تحظى بوجود في مناطق الإدارة الذاتية كأحد الضامنين الأساسيين في وقف إطلاق النار نهاية العام 2019.